بعد توسعات الناتو.. هل تصطدم روسيا بالحلف عسكريا؟
صدام عسكري محتمل بدأت ملامحه تتحدد بين الدب الروسي وحلف الناتو عقب توسعات الأخير عسكريًا في قاعدة سيفاستوبول الأوكرانية القريبة من الحدود الروسية.
توسعات الناتو قابلها الرئيس الروسي فلا ديمير بوتين، بتهديد أكثر حدة، بزعمه اتخاذ إجراءات مضادة ضد الحلف الأطلسي، وصفها "بالصعبة".
تهديدات بوتين لم تقتصر فقط على التصريحات الإعلامية، بل سبقها تحرك وانتشار عسكري على الحدود الروسية، وتحرك من وزارة الدفاع الروسية بنشر نظام للدفاع الصاروخي.
وفي الساعات الأخيرة، توعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حلف شمال الأطلسي، باتخاذ إجراءات مضادة ضده رداً على توسيع حدوده.
وقال بوتين في مقابلة للتلفزيون الروسي،: "لماذا رد فعلنا انفعالي حيال توسيع حلف شمال الأطلسي؟ نحن قلقون حيال عملية اتخاذ القرارات في الحلف".
ولفت بوتين إلى عواقب ظهور الولايات المتحدة والناتو في قاعدة سيفاستوبول الأوكرانية، مبيناً أن الأمر كان "صعباً جداً".
وتابع الرئيس الروسي: "نحن قلقون من عملية اتخاذ القرارات داخل حلف الناتو، كما أعلم كيف تتخذ القرارات؛ عندما تصبح دول ما أعضاء في الناتو فمن الصعب عليها مواجهة الضغوط من قبل دولة كبيرة وزعيمة في الحلف كالولايات المتحدة".
اجتماع لحلف الناتو
وتابع بوتين: "ماذا علينا أن نفعل؟ يجب علينا أن نتخذ تدابير جوابية، أي جعل تلك المواقع التي نرى أنها تهددنا أهدافاً لأنظمتنا الصاروخية. الوضع مزعج".
في السياق، قال رئيس لجنة الدفاع في المجلس الأعلى بالبرلمان الروسي، إن موسكو ستنشر نظامها للدفاع الصاروخي "إس-400"، و"صواريخ إسكندر" الباليستية في جيب كالينينغراد الروسي، وهو (جيب روسي صغير بين بولندا وليتوانيا)
وذكر أن روسيا تعتبر نشر صواريخها قرب الحدود الغربية، ردًا على نشر الولايات المتحدة للدرع الصاروخية في أوروبا.
غضب الأطلسي
وفي تعليقه على الخلاف بين الجانبين، المحلل السياسي السوري أحمد المسالمة قال: إن بوتين على يقين بأن حلف شمال الأطلسي يستشيط غضبا منه على خلفيات المجازر التي يقوم بها، ضمن احتلاله لسوريا وخصوصا حلب".
وأضاف :" الحلف طالب روسيا كثيرا ولم ترتدع أو ترد على طلباتها وحلف شمال الأطلسي يريد إنقاذ ماء وجهه من مشاهدته للمجازر والقتل والتدمير الذي يقوم به الروس بسوريا ويقف عاجزا عن كبح جناح روسيا التي سببت حرجا للحلف ووضعته بموقف المتفرج الغير قادر على إنقاذ أو فعل شيء".
وأوضح المسالمة لـ"مصر العربية" أن حلف الأطلسي قام بهذه الخطوة محاولا إيصال رسالة للشعوب وللعالم وللسوريين أنه يعمل جاهدا لوقف القتل.
وعن المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي فهذا مستبعد، لأن الشعوب تعرف أن أي مواجهة سيكون الدم غزيرا، والمصير سيكون بنفق مظلم، فلا روسيا ولا حلف شمال الأطلسي يريد أو يبغي أن تصل الأمور للمواجهات العسكرية.
وتابع: "ما تزال روسيا المحتلة ومعها الأسد مستمرون جهارا نهارا بارتكاب مجازرهم بحلب، ومختلف المناطق السورية ويقصفون بمختلف صنوف الأسلحة المدنيين والمرافق العامة والخدمية للمدنيين وعلى رأسها المنازل والمشافي الميدانية.
الخبير العسكري السوري موفق النعمان أبو صغر من جانبه استبعد الصدام الروسي الغربي، واصفا الأمر بالصعب، خاصة في ظل اتفاق مصالحهما في مناطق الصراع، "ففي ليبيا يترك الروس الملعب للناتو يفعلون كيفما يشاءون، وفي سوريا يغض الحلف بصره عما يحدث في حلب، حتى دول الأعضاء بالحلف مثل تركيا، أعلنت عداءها للروس، وبعد أيام وجدنا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موسكو".
وأوضح العسكري السوري لـ"مصر العربية" أن :" فكرة المواجهة العسكرية عقب تهديدات بوتين الأخيرة مستبعدة تماما، لكن إذا ما حدث صدام، فستكون كارثة على الروس، فهم رغم المجازر في سوريا ومنطقة القرم، لكنهم يعانون؛ أنهكتهم الحرب بشكل كبير، وبالتالي لن يقبلوا على فتح جبهات جديدة أصعب مع حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع: "روسيا ستخسر كثيرا حال المواجهة العسكرية"، لافتا إلى أن نشر الروس صواريخ إس 400 وغيرها من مضادات الطائرات، غير كافية لمواجهة الغرب، وأيضا مواجهة الغرب لروسيا قد تكون بداية حرب جديدة طويلة الأمد.
وأكمل الصغر كلامه، أن البلدان العربية هي التي ستدفع فاتورة الصراع الروسي الغربي، إما بالحرب على أراضيها أو باستنزافها عسكريًا وماليًا.
جانب من المجازر الروسية في حلب
من جانبها، استبعدت الناشطة السياسية التونسية إيمان الطبيب الصدام الروسي عسكريا مع حلف الناتو، قائلة: "برغم التهديد، لكن من الصعب أن يكون هناك مواجهة عسكرية ضد الروس، خاصة وأنه مكلف جدا للناتو".
وأوضحت الطبيب لـ"مصر العربية" أن الترسانة العسكرية لروسيا أقوى بكثير، فالناتو يدرك تماما حجم الترسانة العسكرية الروسية ولا يخفى على أحد أنه يريد السيطرة على روسيا سياسيًا وعسكريًا".
وتابعت: "حقيقة لا أعلم ما الغاية من وراء النشر المخطط لأربعة آلاف عسكري في أوروبا الشرقية الآن.
وأشارت الناشطة السياسية التونسية إلى أنه في حال صدام عسكري، فالبلدان الغربية ستتضرر، فما بالك بالبلدان العربية، أولهم سوريا، ستكون حرب عالمية والاحتمال الأغلب ستتمكن روسيا من السيطرة على عدة بلدان وتكوين إمبراطوريتها، لأن أهدافها استعمارية بالأساس.
وكان حلف شمال الأطلسي "الناتو"، قد دعا أعضاءه في أكتوبر الماضي، للمساهمة في أكبر حشد عسكري على الحدود الروسية منذ الحرب الباردة.
وقال الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبيرج، آنذاك إنه "من الضروري أن يرد الحلف إزاء الانتشار العسكري الروسي، وسبق أن واجهت سفن أمريكية أعمالاً غير مسئولة من طائرات روسية".
وتأمل الولايات المتحدة في الحصول على التزامات من أوروبا بنشر مجموعات قتالية تضم أربعين ألف عسكري؛ في إطار رد حلف الأطلسي على ضم روسيا للقرم في العام 2014، وقلقه من أن تحاول تكرار الأمر نفسه في جمهوريات سوفييتية سابقة في القارة الأوروبية.
ويتوقع أن تنضم فرنسا، والدنمارك، وإيطاليا، ودول حليفة أخرى للمجموعات القتالية الأربع التي تقودها الولايات المتحدة، وألمانيا، وبريطانيا، وكندا؛ كي تذهب إلى بولندا، وليتوانيا، واستونيا، ولاتفيا، بقوات تضم أسلحة متنوعة، بدءاً من المشاة المدرعة حتى الطائرات المسيّرة.
وستكون المجموعات القتالية مدعومة بقوة الرد السريع في الحلف والبالغ قوامها 40 ألف عسكري وبقوات متابعة أخرى يمكن أن تنتقل إلى دول البلطيق وبولندا على أساس دوري إن تطلب الأمر وذلك تأهبا لأي صراع قد ينشأ.
وهذه الاستراتيجية جزء من قوة ردع وليدة يمكن أن تضم في النهاية دفاعات صاروخية ودوريات جوية ودفاعات ضد الهجمات الإلكترونية.
غير أن الحلف لا يزال يجد صعوبة في وضع إستراتيجية مماثلة في منطقة البحر الأسود التي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنها في طريقها لأن تصبح "بحيرة روسية" في ظل الوجود العسكري الروسي هناك.