في معركة الموصل.. قتلى بلا أكفان ومصابون دون علاج
مابين قصف القوات العراقية وبطش تنظيم داعش يظل أهالي الموصل الذين تحولوا لدروع بشرية بين المتعاركين في جحيم المعركة التي يبدو أنها ستطول لتخلف ورائها مئات من القتلى لا يجدون أكفانا وكذلك جرحى لا يجدون علاج أو مستشفيات تضمد جراحهم.
وانطلقت معركة استعادة الموصل في 17 أكتوبر 2016 بمشاركة 45 ألفا من القوات التابعة لحكومة بغداد من الجيش والشرطة مدعومين بقوات من الحشد الشعبي وحرس نينوى (سني)، إلى جانب البشمركة.
وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كما شهدت استعادة عشرات البلدات والقرى من قبضة التنظيم الإرهابي، لكن يبقى المدنيون هم وقود تلك المعارك التي خلفت آلاف من الضحايا والمشردين في مناطق عدة.
تحذير أممي
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت مؤخرا من أن العدد المتزايد للمصابين المدنيين جراء القتال في شرق الموصل بين القوات العراقية وتنظيم داعش يفوق قدرة الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية على التعامل معه.
وقالت ليز جراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، إن ما يقرب من 200 من المصابين المدنيين والعسكريين نقلوا إلى المستشفى الأسبوع الماضي وهو أعلى عدد للمصابين منذ بدء الحملة لطرد المتشددين من معقلهم الكبير .
وقال مسؤول في وزارة الصحة، إن نسبة المدنيين المصابين زادت أيضا لما يصل إلى 20 في المئة خلال أول شهر من الحملة رغم أن جزءا من هذه الزيادة كان على الأرجح بسبب تسهيل الدخول إلى مناطق تم استعادتها حديثا من قبضة تنظيم داعش.
عجز حكومي
وقالت جراندي في تصريحات صحفية، "إن السلطات تفعل كل ما في وسعها لتقديم المساعدة لكن لا توجد قدرة كافية على معالجة (المصابين) بالصدمة ميدانيا.. والتعامل مع العدد الكبير للأشخاص الذين يصابون من جراء القناصة والذين يقعون في مرمى النيران، المدنيون يتم استهدافهم" من تنظيم داعش".
ولا تصدر السلطات العراقية إحصاءات شاملة بعدد القتلى والمصابين، لكن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ربما تمثل جزءا من الرقم الإجمالي لأن ما يصل إليها هو حالات تعاني من إصابات خطيرة لا يمكن علاجها ميدانيا، وعلاوة على ذلك فإن عدد القتلى غير معروف.
تدمير الجسور
في غضون ذلك، قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن تدمير التحالف الدولي للجسور في الموصل قد يعطل إجلاء المدنيين، وسيترك مئات الآلاف منهم دون طريق مختصرة للخروج من مناطق القتال.
يأتي ذلك في وقت أوضح المتحدث باسم الجيش الأميركي العقيد جون دوريان أن غارة أميركية دمرت الجسر الرابع -وهو الجسر الأبعد جنوبا من الموصل- خلال اليومين الماضيين.
وأضاف أن ذلك سيعيق حركة تنظيم الدولة في الموصل ويحد من قدرته على توفير الإمدادات والتعزيزات لمقاتليه في مختلف أرجاء المدينة.
وكانت الضربات الجوية الأميركية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم القاعدة دمرت في وقت سابق ثلاثة جسور من أصل خمسة.
تجاهل مقصود
بدوره قال الباحث السياسي العراقي، أحمد الملاح، إن الأمم المتحدة والحكومة العراقية والمنظمات الدولية تمتلك الإمكانات لتغطية المساعدات لكن لا تتحرك، لافتاً إلى أن الأمر لا يحتاج لغير مستشفيات مجهزة بشكل كامل ويمكن استنفار الكوادر الطبية من أبناء المحافظة وهم مستعدون لذلك.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هناك تقصير بشكل كبير في الجهد الطبي وهو واضح بشكل كبير، فتصريح الأمم المتحدة غير دقيق وهناك تجاهل حقيقي للنازحين والمواطنين في معركة الموصل.
وأوضح أن الجرحى يعانون جدًا، وداعش داخل المدينة تستخدم المستشفيات لجراحها وتضايق الأطباء خلال علاجهم للمدنيين، لذا لابد أن يتم تطويع أطباء برتبة ضابط ليكونوا جزءا من الجهد الطبي داخل المعركة .
ولفت إلى أن سيارات الإسعاف قليلة ويمكن توفيرها لكن هناك تجاهل حكومي ودولي لهذا الاحتياج، كما لا يوجد تجهيز لمستشفى ميداني شرق الموصل لاستقبال الجرحى رغم إمكانية ذلك أمنيا أو على الأقل في منطقة الخازر بين أربيل والموصل.
وأكد أن هناك حالات ماتت بسبب عدم تقديم العلاج لها أو لعدم القدرة على إخلاء الجرحى نتيجة للأعمال العسكرية المستمرة، كل هذا يجعلنا نقول أن التقصير الحكومي والدولي جعل فاتورة المدنيين ترتفع بشكل خطير .
خطورة الطرق
فيا قال الصحفي العراقي حسن الشنون، إنه مع انطلاق عمليات "قادمون يا نينوى" في 17 أكتوبر 2016 التي أعلن عن بدئها رئيس وزراء العراق القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، دعت وزارة الصحة العراقية كافة الكوادر الطبية والتمريضية التابعة لدائرة صحة نينوى بالالتحاق إلى مستشفيات إقليم كردستان شمال العراق.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أنه تم إنشاء مركز جراحي متقدم في اتجاه محور الحمدانية ضمن قاطع عمليات تحرير نينوى لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية لجرحى الحشد الشعبي والقوات الأمنية والنازحين والتأكيد على دعمه بالأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة وفتح مركز آخر في القيارة.
وأوضح أن الحكومة خصصت 25 مليار دينار عراقي لإيواء وإغاثة ومعالجة العوائل النازحة، أيضا هناك منظمة الصحة العالمية التي قدمت 10 عيادات متنقلة و10 سيارات إسعاف بالإضافة إلى 3 صالات ولادة لدعم صحة النازحين من عمليات تحرير نينوى بالإضافة إلى منظمة داري للمساعدات الطبية والتي نظمت الأسبوع الماضي حملة كبيرة هي الثالثة من نوعها لتقديم المساعدات والعلاج والفحص الطبي والمختبري خصصت للعوائل النازحة من محافظات نينوى.
وأشار إلى أن الحكومة العراقية تعطي أهمية كبيرة لمعركة نينوى كونها محط أنظار العالم أجمع وتصريحات الأمم المتحدة بعيدة تماما عن الواقع في الميدان، وقد يكون هناك تأخير في إيصال قوافل المستلزمات الطبية نتيجة خطورة الطرق التي تمر بها، لكن هذا لا يعني عجز الحكومة عن تقديم العلاج للمصابين، مفيدا بأن بعض وسائل الإعلام العربية تحاول اليوم بشتى الطرق الإساءة إلى عمليات نينوي.