القمة الخليجية .. أولها اتحاد وآخرها فرقة

كتب:

فى: العرب والعالم

14:17 08 ديسمبر 2016

اختتم قادة دول مجلس التعاون الخليجي قمتهم الـ37، التي انطلقت فعالياتها الثلاثاء الماضي في العاصمة البحرينية المنامة، دون إنجاز ملف الاتحاد الخليجي الذي يراه غالبية دول المجلس وشعوبها ضرورة في المرحلة الحالية للتصدي لأية مخاطر مستقبلية.

 

 واتسمت الدورة الحالية لقمة مجلس التعاون الخليجي  بإيقاع رتيب وهادئ لا يعبر عن الأوضاع المشتعلة في المنطقة العربية من حول دول الخليج المستقرة نسبياً.

 

وتزيد الأحداث التي عصفت بالعالم العربي من تمسك الخليجيين ببعضهم بعضاً، رغم التباينات، فبينما كانت دول الخليج مدفوعة إلى التعاون مع بعضها  بمصالح اقتصادية وسياسية متنوعة، أصبحت اليوم مدفوعة  بالضرورة، في ظل تهديدات جذرية تتهدد المنطقة، متمثلة بالإرهاب، وتهديد آخر لا يجمع عليه الخليجيون، يتمثل  في إيران.

  

ترحيل الاتحاد

وعلى الرغم من أن القمة الخليجية كانت بـعنوان" الاتحاد" إلا أن زعماء الخليج لم يتفقوا على الانتقال من مرحلة التعاون للاتحاد واكتفوا أن يتحدوا فقط وقت القمة، وتأجيل الاتحاد بشكل عام للقمة المقبلة التي ستنعقد في دولة الكويت.

 

وتعود فكرة الاتحاد إلى العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز  الذي حكم السعودية منذ(2005- 2015)، حيث دعا خلال قمة الرياض في ديسمبر 2011، إلى انتقال دول الخليج من مرحلة التعاون إلى الاتحاد.

 

ومنذ 2011، ظل ملف الاتحاد الخليجي بندا دائما على جدول أعمال القمم الخليجية وتؤيده غالبية الدول ما عدا عمان، كان يتم ترحيله كل عام عبر التوجيه باستمرار المشاورات بشأنه.

 

معارضو الاتحاد

 

وجاءت معارضة عمان من خلال وزير خارجيتها صراحة للمرة الأولى في ديسمبر 2013، وكرر الرفض في أكثر من مناسبة، كان آخرها في أكتوبر الماضي، واعتبر أن "المجلس يكفي"، وليس هناك حاجة للاتحاد، وأن بلده "لن يكون عضواً فيه (الاتحاد)".

 

ويمكن فهم التباين بين عمان وبقية دول الخليج ببساطة في ظل أن أحد الدوافع الرئيسية لإنشاء هذا الاتحاد هو "حاجة دول المجلس إلى تبني صيغ جديدة لمواجهة التهديدات المتنامية"، وعلى رأسها إيران.

 

وهذا الدافع هو نفسه أحد أبرز أسباب رفض عمان لفكرة الاتحاد، لأنها لا ترى في إيران تهديداً لها، بل على العكس تتمتع الدولتان، إيران وعمان، اللتان تطلان على مضيق هرمز بعلاقات متميزة على الأصعدة كافة.

 

ورغم أن العلاقة المتميزة بين عُمان وإيران ليست وليدة السنوات القليلة الماضية، فإن الأوضاع بين طهران وبقية دول الخليج، ولاسيما السعودية، تزداد سوءا.

 

توتر بين طهران والرياض

 

ويسود التوتر العلاقات بين السعودية وإيران بسبب عدد من الملفات، أبرزها الملف النووي الإيراني الذي ترى الرياض أنه يهدد أمن المنطقة، واليمني حيث تتهم المملكة طهران بدعم تحالف مسلحي الحوثي والرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح.

 

فضلاً عن الملف السوري، إذ تدعم طهران النظام السوري عسكريا، فيما تساند الرياض المعارضة السورية، كما تتهم الرياض طهران بالتدخل في شؤون دول المنطقة، ولا سيما البحرين.

 

وزادت حدة التوتر بين البلدين، في أعقاب عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي ينفذها تحالف عربي بقيادة السعودية، في اليمن منذ 26 مارس 2015، رداً على سيطرة تحالف الحوثي وصالح على العاصمة صنعاء، يوم 21 سبتمبر 2014، ثم محافظات يمنية أخرى.

 

وزادت الأوضاع سوءا العام الجاري، حين منعت إيران حجاجها من أداء مناسك الحج، وتبادلت مع الرياض الاتهامات بشأن المسئولية عن ذلك.

 

وفي 3 يناير الماضي قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع طهران، بسبب اعتداء محتجين على سفارتها في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجا على إعدام الرياض "نمر باقر النمر"، رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مدانا بالانتماء لـ"تنظيمات إرهابية"، معظمهم من السنة.

 

افتراق

 

بدوره يرى الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن فكرة الاتحاد الخلييجي لن يسمح بها الغرب، لافتاً إلى أن حضور رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي القمة الخليجية للمره الأولى في تاريخ القمم كان أحد أهم أسباب عدم التوصل لنتيجة في مسألة الاتحاد.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن رئيسة الوزراء البريطانية جاءت لتذكر الزعماء بأن الوضع في المنطقة لا يحتمل اتحاد لأن الاتحاد من وجهة نظر الغرب قوة، ومعنى وجود قوة في جو ملتهب قد يزيد من التوتر هذا في وجهة نظرهم، لذلك نستطيع القول أن القمة الخليجية بدأت فعالياتها بالاتحاد وانتهت بالافتراق.

 

وأشار إلى أن المرحلة الحالية حرجة جدا بالنسبة لدول الخليج، والاتحاد مهم جدا لهم في ظل التآمر الإيراني والغربي عليهم لكن مصالح بعض دول الخليج مع إيران قد تعرقل قيام هذا الاتحاد، وهذا ظهر وعبرت عنه إيران بشكل علني ورفضت فكرة الاتحاد، وكذلك الأمر دولة الإمارات لديها من علاقاتها مع إيران وفي النهاية العرب لن يتحدوا طالما أن الغرب شريك في قرارتهم السياسية.

 

عمق الخلافات

 

فيما يرى الدكتور سيد حسين ـ مدير مركز عرب للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن نتائج القمة الخليجية هى امتداد للسياسات العربية الفاشلة التى أدت إلى الأزمات التى تعيشها المنطقة، فطالما حاولت السعودية الانفراد بصناعة القرار فيما يخص الشرق الأوسط من زاوية عدائها مع إيران.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن  السعودية لعبت دورا كبيرا في تقزيم كبرى الدول العربية مثل مصر، كما كانت سببا كبيرا في ضياع العراق وفي الطريق إليه سوريا واليمن وذلك بسبب سياستها العنترية المتسلطة، فهى ساعدت الرئيس الراحل صدام حسين في حربه مع إيران ثم تخلت عنه ما دعاه لغزو العراق، فاستنجدت السعودية بأمريكا التي تدخلت وفتت العراق.

 

وبالرجوع للقمة الخليجية أكد حسين أن ما انتهت إليه القمة يؤكد عمق الخلافات بين دول الخليج التي تورطت بالانسياق خلف قرارات السعودية في الحرب في اليمن نكاية في إيران، ورغم ذلك لم تنتصر حتى الآن بل ووقفت موقف المدافع أمام تقدم طهران في المنطقة العربية.

 

ولفت إلى أن فكرة الاتحاد لن تتم في ظل الأجواء الملتهبة التي تعيشها المنطقة، كما أن السعودية تبتغي أيضًا بالاتحاد مواجهة إيران وهناك بعض الدول الخليجية وعلى رأسها عمان لا توافق على الاتحاد، ومن هذا المنطلق فإن إصرار السعودية على الاتحاد الخيجي سيكون المسمار الأخير في نعش مجلس التعاون، وسيكون بداية لتفكك المجلس إلى الأبد.

 

رسائل القمة

 

وخرجت القمة في بيانها الختامي، بعدد من الرسائل السياسية والأمنية الموجهة ضد التدخل السافر لإيران في شؤون الدول العربية، ومحاولاتها المستمرة لتسييس فريضة الحج.

 

كما أكدت القمة في ختامها خلال عدة قرارات اقتصادية وتنموية حيوية، على استمرار العمل بين دول الخليج العربي سعيا لتحقيق التوحيد والتكامل الاقتصادي فيما بينها.

اعلان