بوتفليقة كان نقطة الخلاف
بعد 16 عامًا.. حركة النهضة الجزائرية تنهي انقسامها
نجح حزبان إسلاميان بالجزائر في الاتفاق على مشروع الوحدة مجدَّدًا في إطار حزب سياسي واحد، بعد 16 عامًا من الانقسام السياسي الذي أصاب عام 1999 حركة "النهضة"، التي كانت تُعدّ حينها ثاني أقوى حزب إسلامي في الجزائر.
وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "صفا"، كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة - حينها - نقطة الخلاف الرئيسي بين كتلتين في الحركة، كتلة دعمت ترشحه للرئاسة، وأخرى دعمت ترشيح زعيم ومؤسس الحركة عبد الله جاب الله.
وتأتي خطوة الوحدة هذه في ظرف سياسي هام يسبق الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجري في شهر أبريل المقبل.
وأقرَّت الهيئات القيادية لحزب "العدالة والتنمية" في الجزائر بقيادة عبد الله جاب الله، وحركة "النهضة"، مشروع إعادة توحيد ما يُعرف بحركة "النهضة" التاريخية والاندماج في إطار حزب واحد والعودة إلى ما قبل 1999.
وقرر مجلسا شورى الحركتين المصادقة على المشروع بعدما وافقت عليها الهيئات المحلية.
وقال القيادي في حركة "النهضة" خبابة يوسف إنَّ مشروع الوحدة بين الحزبين بدأ التفكير فيه منذ فترة وحصلت عدة اجتماعات ولقاءات لتحديد أولويات وترتيبات الوحدة وإعادة "النهضة" التاريخية إلى الوجود السياسي.
وأضاف أنَّ كافة قيادات الحركة وحزب "العدالة والتنمية" رحَّبوا بالمشروع كونه يعيد الوحدة بين أبناء الحركة الذين يتبنون التوجّهات والأفكار والمرجعيات السياسية نفسها.
وتابع: "وجود الكثير من القناعات والتوجّهات المشتركة يفرض علينا تحمُّل المسؤولية التاريخية لتوحيد الحزب مجدَّدًا، وتحقيق آمال وتطلعات عدد كبير من مناضلي الحركة".
وتُمثِّل هذه الوحدة خطوة هامة على صعيد توجُّه الإسلاميين إلى التكتل مجدَّدً، بعد فترة جربوا فيها خيارات سياسية متعددة، كالمشاركة في الحكومة والشراكة السياسية مع السلطة وتغيير المواقف وتبني هندسة سياسية جديدة تتجاوز دور الزعيم المؤسس إلى سلطة المؤسسات الداخلية للحزب.
وفي 1999، نجحت كوادر من حركة "النهضة" في تنفيذ "انقلاب" داخل الحركة التي كانت تُعدّ حينها ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، بعد حركة مجتمع السلم "إخوان الجزائر".
وكان "الانقلاب الداخلي" - حينها - يستهدف الإطاحة بزعيم الحركة الشيخ عبد الله جاب الله بسبب خلافات حادة بينه وبين قيادات من الصف الأول حول دعم ترشح بوتفليقة للرئاسة في أبريل 1999.
ونجحت هذه القيادات قبلها في تقليص صلاحيات زعيم الحركة خلال المؤتمر الذي سبق "الانقلاب"، باستحداث منصب أمين عام للحزب، يتولى صلاحيات عديدة كانت بيد رئيس الحركة، انتُخب له لحبيب آدمي الذي أصبح لاحقًا سفيرًا للجزائر.
وكان الانقسام حول دعم ترشح بوتفليقة والمشاركة في الائتلاف الرئاسي الموسع الذي يدعمه، أو دعم ترشح جاب الله نقطة التحوُّل الرئيسة في مسار الحركة التي انشقت إلى جناحين، إذ أعلن جاب الله وكتلته الانسحاب من الحركة وتأسيس حزب سياسي جديد باسم حركة "الإصلاح" ما فتئت هذه الأخيرة أنَّ انقسمت مجددًا عندما انقلبت قيادات من الحركة أيضًا على رئيسها جاب الله بسبب ما اعتبروه حينها هيمنة واحتكارًا للسلطة ومقاليد الحزب من قِبل جاب الله، الذي بادر بعدها إلى تأسيس حزب سياسي ثالث باسم "العدالة والتنمية".
وتقلَّصت نقاط الخلاف السياسية بين كوادر "العدالة والتنمية" وكوادر حركة "النهضة" إلى أبعد حد، وعادت حركة "النهضة" عن مواقفها التي تبنّتها عام 1999 بدعم بوتفليقة، وانخرطت في خيار المعارضة وانتقاد سياسات الحكومة وبوتفليقة، وتواجدت مع حزب "العدالة والتنمية"، الشريك الرئيس في مشروع الوحدة، ضمن تنسيقية التغيير والانتقال الديمقراطي والتي تضم عدداً من أحزاب المعارضة.
ويأتي مشروع الوحدة السياسية بين حزبين إسلاميين في سياقات سياسية هامة، قبيل نحو أربعة أشهر من الانتخابات البرلمانية التي ستجري في النصف الأول من عام 2017، والتي تأمل فيها حركة "النهضة" تكرار إنجاز عام 2002، عندما حققت حركة "الإصلاح" حينها بقيادة جاب الله تقدُّمًا كبيرًا في الانتخابات البرلمانية، وبخاصةً أنَّ الانشقاقات التي عرفتها حركة "النهضة" بشكل متتالٍ، أضعفت حضورها الانتخابي في استحقاقات 2007 و2012.
وفيما تتقدّم "النهضة" و"العدالة والتنمية" باتجاه إنجاز الوحدة السياسية وإعادة حركة "النهضة" التاريخية تعطَّل مشروع موازٍ يتعلق بإعادة توحيد الأحزاب المنشقة عن حركة "مجتمع السلم"، إذ أخفقت "مجتمع السلم" و"جبهة التغيير" التي انشقت عن الأولى عام 2008، في تنفيذ خطة الوحدة التي بدأت قبل أربع سنوات، لكن مؤشرات نجاحها ضئيلة وفقًا لما أعلن عنه رئيس "جبهة التغيير" وزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة.