مع زحف مليشيات الأسد.. خيارات قاتلة في انتظار أهالي حلب
تزداد معاناة المدنيين السوريين شرق حلب مع استمرار زحف المليشيات الأسدية والشيعية شرق المدينة المنكوبة التي تخلي عنها الجميع. في حملته الغاشمة والتي بدأت قبل شهر.
فكل الخيارات أمام السوريين باتت مؤلمة، إما الهرب والنزوح وترك المدينة بماضيها وذكراها المؤلمة ومواجهة قناصة النظام، وإما البقاء وانتظار رصاصات الموت، أو الاحتماء في ركام المنازل وانتظار حمم القنابل الروسية والإيرانية، فبين كل تلك الخيارات يقف قاسم مشترك وهو الموت.
معاناة أهالي حلب ونزيف دمائهم لم تستطع الإنسانية إيقافه في وقت يتغنى الجميع بحقوق الإنسان، بل ساعدت في قتل شعب كل أمانيه العيش بأمان ووقف القتال.
فبعد سنوات من القصف والحصار، بدأت قوات المعارضة السورية تفقد مزيداً من الأراضي التي كانت تسيطر عليها، خاصة في شرقي حلب، الأمر الذي أدى إلى حالة من الفوضى سادت تلك المناطق، لا سيما مع انطلاق الهجوم الكبير الذي شنه النظام السوري مع المليشيات المتحالفة معه وبدعم وإسناد جوي روسيين قبل شهر، بموجبها اضطر أهالي حلب لمواجهة الموت..
فالشعب المنكوب ليس أمامه خيارات سوى الهرب والموت على حواجز النظام أو اللجوء والاحتماء في مناطق المعارضة التي تتعرض لقصف متواصل بلا انقطاع، هكذا وصف الناشط الإعلامي عبد الرحمن القيطاز أحد أهالي حلب حال أهالي المدينة المنكوبة قائلا: "لم نتلق مساعدة من أحد رغم أننا نموت من الجوع بسبب الحصار، والآن قناصة الشبيحة ينتظرون الفارين من شرق حلب، يعتقلون الشباب ويجبروهم على القتال معهم، ويغتصبون النساء، ويعتقلون الرجال، "والله يا أخي الحيوانات صارت أفضل منا".
وأوضح القيطاز لـ"مصر العربية" أن نقاط تفتيش النظام تعتقل العوائل وتنتهك حريتهم وعبارة مناطق الآمنة لم يعد لها وجود، لافتا أنه لا أكل ولا ماء للشرب، ولا إسعافات تنقذ الجرحى، فالإصابات الخطرة تعني الموت، فالأطباء والمسعفون يعجزون عن مساعدة المرضى.
كل شيء مات في حلب لم يبق سوى الدمار وأشلاء القتلى، الكلام لا يزال على لسان شاهد العيان الحلبي، والذي أكد أن المدينة تحولت إلى ركام، وشبيحة النظام يبيدون كل ما تبقى في المدينة، مشيرًا إلى أن أكثر من 50 ألف مدني نزحوا من شرقي حلب في الشهر الأخير فقط، بعضهم ارتمى في أحضان الدواعش، وآخرون في يد النظام والبعض لم يجد أمامه سوى البقاء فقتلته مليشيات إيران.
وأنهى القيطاز كلامه، "الأوضاع تتدهور بشكل كبير، فالقصف والقتال مازال مستمرا رغم بشاعة المجازر.
الناشط السياسي السوري أحمد النصر، أحد أهالي ريف إدلب، قال إن الوضع في حلب أكبر من أن تصفه الكلمات، مضيفا: "باختصار فهم يفرون من الموت إلى الموت، لا خيار آخر، الأغذية بدأت بالنفاد كلياً، والمشافي معطلة بالكامل.
وأوضح لـ"مصر العربية" البارحة قال لنا أحد النشطاء المحاصرين "والله أصبحنا نتمنى أن يكون هناك شهداء لا مصابين هذا أسهل علينا من رؤية مصاب يصارع الموت دون أن نستطيع أن نقدم له أي شيء يخفف عنه"، كارثة حقيقية ستحدث إذا استمر الوضع على هذا الحال.
وأشار إلى أنه بالنسبة للذين فروا إلى مناطق النظام فهم على أكثر تقدير 20 ألف فقط ومصيرهم مجهول، أما العدد المتبقي فهو حوالي 250 ألف مدني كلهم من الأطفال والنساء، وأيضا هناك حديث عن توقف القصف وعن هدنة لكن لم يتوقف القصف الروسي والسوري حتى هذه اللحظة.
وأنهى النصر كلامه، طالب بعض الأهالي بهدنة لمدة ساعتين كل يوم فقط كي يتمكنوا من دفن الجثث المتناثرة في كل مكان وللأسف مات الضمير العربي والدولي.
وسيطرت مليشيات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه -وعلى رأسها حركة النجباء العراقية- على حي الشيخ سعيد أحد أكبر الأحياء جنوب شرقي حلب، وذلك بالتزامن مع حركة نزوح واسعة شهدتها بعض الأحياء المحاصرة في ظل تقدم النظام وقصفه العنيف للمنطقة.
من جهته قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا إنه منذ اجتاح جيش النظام الشطر الشمالي من الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة قبل أيام وسيطر على عدة أحياء كبيرة كثيفة السكان فر ما لا يقل عن 30 ألف شخص عبر الخطوط الأمامية من مناطق المعارضة.
والإحصاءات أكثر صعوبة في حلب الشرقية بسبب عدم وجود مؤسسات دولية في المنطقة غير أن ألوفاً آخرين تراجعوا إلى القطاع الخاضع لسيطرة المعارضة بما في ذلك الأحياء شديدة الكثافة في الحي القديم. ويقدر مكتب الأمم المتحدة أن 5000 نزحوا عن بيوتهم في حلب الشرقية.
وتعاني أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة حصاراً برياً كاملاً من قبل قوات النظام السوري ومليشياته، بدعم جوي روسي، وسط شحّ حاد في المواد الغذائية والمعدّات الطبية، ما يهدّد حياة نحو 300 ألف مدني فيها.
ومنذ قرابة شهر، تتعرّض المدينة لقصف مكثف للغاية، أودى بحياة المئات، وتسبب بجرح آلاف آخرين، ضمن مساعي نظام الأسد المدعوم من روسيا، والمليشيات الموالية له، للسيطرة على مناطق المعارضة في شرق المدينة، بعد 4 سنوات من فقدان السيطرة عليها.