من أجل حلم الدولة
على من يراهن أكراد سوريا .. أمريكا أم روسيا؟
انقلبت موازين القوى بالكامل في سوريا بين أمريكا التي تخلت عن من تدعمهم من المعارضة التي تصنفها بالمعتدلة وبين روسيا التي رمت بكل ثقلها في الحرب لإنقاذ رقبة حليفها بشار الأسد فضربت بعرض الحائط بكل القرارات الدولية ولجأت لكل الأسلحة المحرمة لتفرض حليفها بالقوة.
في ظل هذه المعادلة يبرز تساؤل مهم على من سيراهن الأكراد لتنفيذ حلم الدولة القديمة أو على الأقل مشروع الحكم الذاتي هل حلفاؤهم الأمريكان الذين فقدت المعارضة فيهم الثقة وأثبتت تقاعسها أمام روسيا في سوريا أم موسكو والنظام السوري الذين تحسن وضعهم كثيرا بعد سقوط حلب.
وبفضل الدعم الروسي الكامل لبشار الأسد بات يسيطر على محافظات حلب وحماه وحمص ودمشق واللاذقية ومناطق أخرى في وسط تراجع الرقعة التي كانت لأمريكا تأثير عليها.
تخاذل
ربما يتأثر الأكراد حسب تحليل البعض بموقف أمريكا التي لم تحرك ساكنا وحلب معقل المعارضة المعتدلة التي تدعمها واشنطن تتعرض لقصف بالقنابل الفسفورية والارتجاجية والكلور والغازات السامة حتى سقطت بيد الميليشيات الإيرانية والنظام السوري.
وما يزيد هذا القلق أن أمريكا سمحت لحليفتها الاستراتيجية تركيا بدك مناطق سيطرة على الأكراد عندما أطلقت حملة عسكرية تحمل اسم "درع الفرات" في منتصف أغسطس الماضي بل أن واشنطن وفرت الغطاء الجوي لها خشية من تعاظم غضب تركيا تجاهها خاصة بعد تصفية المشاحنات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
تأمين الحدود
وهدفت العملية التركية المباركة من أمريكا لطرد الأكراد من على حدودها وحتى غرب الفرات لمنع إقامة دويلة لهم، وبالفعل نجحت قوات درع الفرات والجيش السوري الحر في طرد كل من عناصر داعش والأكراد من جرابلس ومن ثم إعزاز ومدينة الباب وهي في طريقها لمدينة منبج.
وسعت العملية لتفكيك روابط مشروع " روج أفا "الذي أطلقه أكراد سوريا وهو مشروع حكم ذاتي يتكون من مناطق عفرين وعين العرب "كوباني" والجزيرة السورية ويظن الأتراك والمعارضة السورية أن تكون مقدمة لاقتطاع دويلة لهم.
ورغم هذا وقع خيار الأمريكان على الأكراد تحديدا قوات سوريا الديموقراطية في عملية تحرير الرقة من قبضة داعش وليس الأتراك حينما خيّر أردوغان واشنطن بينهم وبين الأكراد، وهو ما سيمنح الأكراد نفوذ أكبر.
تغيير الوجهة
عادل الحلواني القيادي بالائتلاف السوري المعارض رأى أن يعدل الأكراد عن استمرارهم في التحالف مع الأمريكان لأن خريطة واشنطن وسياستها لم تعد معروفة الملامح خاصة في ظل صعود دونلاد ترامب للسلطة.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية":" حتى إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما كانت ضبابية في سوريا ولا يمكن الاعتماد عليها".
وأردف أن الخريطة السورية باتت معقدة خاصة بعد سقوط حلب، مفيدا بأنهم ليس لديهم أدنى مشكلة مع مشروع الحكم الذاتي الذي يطالب به الأكراد وأخبروهم بذلك أكثر من مرة ولكن هذا يحدث بعدما يسقط النظام ويكون هناك برلمان سوري منتخب، بحد قوله.
تحالف ممتد
من جانب آخر رجح زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري أن أمريكا لن تتخلى عن الأكراد وكذلك الأكراد لأنها خطة إسرائيلية أمريكية كما يرى، منذ عام 1975 لتفتيت العالم العربي بالدولة الكردية عقب حرب أكتوبر 1973.
وأكمل في حديثه لـ"مصر العربية" أن وجود الدولة الكردية في المشرق العربي مهم حتى تضع أمريكا العرب بين دولتين إسرائيل والكرد، لذلك لن توقفه أمريكا وهم لن يتخلون عنها.
وأشار إلى أن روسيا محتمل أن تنضم لمشروع بناء الكيان الكردي، لأن روسيا الآن سوف تستمر في المنطقة العربية وتكمل مشروع الشرق الأوسط الجديد.
وواصل عبدالرحمن:" للأسف العالم سيتجه لدعم هذه الدولة الكردية، لمصلحة إسرائيل وتقويتها وتفتيت العرب، بدليل أن الدنمارك أرسلت مستشارين لتدريب قوات البشمركة، والدول الأوروبية الصغيرة تساهم في دعم الأكراد، وأمريكا دفعت رواتب البشمركة في العراق عشر سنوات، وهذا لم يحدث في التاريخ".
وبفضل الدعم الأمريكي حققت قوات سوريا الديموقراطية وغالبيتها كردية تقدما في ريف الرقة الغربي على حساب تنظيم داعش في إطار المرحلة الثانية لحملة ‹غضب الفرات› ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وكانت المرحلة الأولى تهدف لعزل الرقة قبل اقتحامها.