بعد هروبهم من القتل.. نازحو حلب يواجهون الموت بردا
مع دخول فصل الشتاء من جديد في سوريا تتضاعف معاناة النازحين تزامنا مع زيادة عددهم في هذا التوقيت الذي سقطت فيه أرض مدينة حلب بقبضة قوات بشار الأسد ، فضلاً عن قصفهم بالطائرات الروسية من الجو الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لوصف حلب بأنها "مرادف للجحيم".
وباتت معاناة النازحين في سوريا مشهدا مكررا مع بداية فصل الشتاء من كل عام، خاصة أن العائلات لا تتمكن من التجهيز لاستقبال الشتاء نظراً لانتقالتهم المستمر من مكان لآخر دون مساعدات تذكر.
وانهارت آخر صفوف المعارضة السورية في حلب بعد هجوم شرس من الأرض والجو، وهو ما جعل قوات بشار وحلفائه تسيطر سيطرة تامة على المدينة بعد أربعة شهور من المعارك العنيفة في الأحياء الشرقية للمدينة الاستراتيجية.
عجز المنظمات الإغاثية
وتظل المنظمات الإغاثية عاجزة عن مواجهة الأزمة الكبيرة، وسد احتياجات السوريين نظراً لعددهم الهائل في الداخل السوري، وعرقلة قوات النظام السوري عمل هذه المنظمات .
وفي ظل الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، بات قطع الأشجار للحصول على الحطب هو الحل الأمثل لمعظم الأسر الفقيرة للتدفئة في الشتاء، في ظل ارتفاع أسعار الوقود وصعوبة توفيره.
ووصلت عشرات العائلات التي هجرت من شرق حلب إلى مراكز إيواء مؤقتة أقامتها منظمات إنسانية في ريف إدلب، وتواجه هذه العائلات ظروفا إنسانية صعبة في ظل درجات حرارة منخفضة.
اتهامات أممية
وكانت الأمم المتحدة وواشنطن قد اتهمتا حزب الله اللبناني بعرقلة تنفيذ اتفاق إجلاء المحاصرين من شرق حلب، حيث احتجزت قوات النظام والمليشيات قافلة للمدنيين وقتلت 25 شخصا.
وقال الأمين العام الأممي بان كي مون في تصريحات صحفية إن "حلب الآن هي المرادف للجحيم..
برود المجتمع الدولي
بدوره قال الناشط السياسي السوري أحمد الدقاق، إن برودة المجتمع الدولي تجاه النازحين هى أكثر قسوة من برد الشتاء نفسه، فالجميع يقف ويشاهد من بعيد المأساة التي يتعرض لها السوريون للعام الخامس على التوالي .
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن المئات من النازحين في حلب يتعرضون بعد إجلائهم لمخاطر عديدة أهمها عدم وجود مساعدات كافية سواء من الطعام والشراب والخيام، فضلاً عن النقص الحاد في وسائل التدفئة والذي سيعرض حياتهم جميعا للموت.
وأوضح أن الوضع مأساوي وسط انتشار أمراض الشتاء التي ستفتك بالمدنيين الذي خرجوا من حلب على أمل النجاة من الموت ليواجهوه في الطريق أو حتى في المخيمات، مطالباً المنظمات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة تكيف عملها وتوفير احتياجات فصل الشتاء للنازحين على الأقل للأطفال.
فجوة تمويلية
وكشفت المنظمة الأممية المعنية بشؤون الأطفال (اليونيسيف) أنها تعاني من فجوة تمويلية بقيمة 38 مليون دولار، بهدف تزويد الأطفال والأسر الضّعيفة بالمساعدات للبقاء على قيد الحياة - بما فيها الملابس الدّافئة، البطّانيّات ومؤن الشّتاء- بينما يجتاح فصل الشتاء هذه المنطقة.
وبحسب بيان (اليونيسيف) فمن المتوقّع أن يتسبّب الطّقس الشتويّ القارص ودرجات الحرارة المنخفضة حتّى التّجمّد والعواصف والثّلوج في المزيد من الصّعوبات للعائلات المتضرّرة من الصّراع في كلّ من سوريا والعراق، الّتي باتت تصارع بالحدّ الأدنى من أجل البقاء.
صمت عربي
فيما قال المحلل السياسي السوري تيسير النجار، إن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تقوم بنصف ما تعلن عنه في سوريا وكذلك الأمر للمنظمات الحقوقية التي تعلن انها تعمل في الداخل السوري، لافتاً إلى أن غالبية المساعدات التي تقدم للنازحين هى مجرد مجهودات شخصية .
وأضاف النجار في تصريحات لـ"مصر العربية" أن مصروفات مفوضية الأمم المتحدة غالبيتها يذهب للموظفين التابعين لها على مستوى العالم والتي توفر لهم أفخم حياة معيشية وسيارات خاصة لتنقلاتهم، فطبيعي أن كل هذا من مخصصات النازحين وهو إهدار يستحقه كل المتضررين .
وأوضح النجار أن النازحين خارج سوريا أيضًا يعانون كثيراً خلال فصل الشتاء، لكن وضع النازحين بالداخل السوري أشد مأساة في ظل الصمت الغريب خاصة العالم العربي والإسلامي .