بالصور| تفخيخ المنازل.. عقبة أمام عودة النازحين إلى الموصل

كتب: وكالات

فى: العرب والعالم

10:06 24 ديسمبر 2016

رغم تحرير القوات العراقية نحو نصف أحياء الجانب الشرقي في مدينة الموصل (شمال)، من تنظيم "داعش" الإرهابي، ورغبة العائلات النازحة من المدينة العودة إلى منازلها، إلا أن ذلك يصطدم بتفخيخ التنظيم لبيوت السكان قبل انسحابه، ورشقه الأحياء المحررة بقذائف الهاون، مما يجعل حياة العائدين في خطر محدق.

 

لم يكن محمد ضياء الأشقر، الأستاذ بالمعهد التقني في مدينة الموصل (450 كلم شمال بغداد) يعلم بأن نهايته ستكون مع تحرير منطقته التي سيطر عليها تنظيم "داعش"، طوال عامين ونصف، فبعد سماعه بدخول القوات العراقية إلى حي القادسية شرقي المدينة، غادر محل إقامته في الأردن، وعاد إلى الموصل قاصدا بيته.

 

لكن الأشقر لقي حتفه فور دخول منزله الذي انفجر بينما هو بداخله مثل الكثير من المنازل التي يلغمها مسلحو "داعش" لتنهار فيما بعد على رؤوس أصحابها.

 

ويتخوف الكثير من سكان الموصل من العودة إلى مناطقهم المحررة خشية من تعرضها لقصف عشوائي من التنظيم المتطرف، أو انفجار منازلهم على رؤسهم جراء تلغيمها كما حدث مع الأشقر، بحسب حديث سلطان العزاوي، أحد سكان حي السماح، شرقي المدينة للأناضول.

 

وانطلقت معركة الموصل في 17 أكتوبر 2016، ومع دخول شهرها الثالث، لا تزال القوات العراقية تتقدم بشكل بطيء الأمر الذي يرجعه قادة عسكريون لوجود مدنيين داخل الأحياء السكنية، بالإضافة إلى شراسة المعارك، واستعمال "داعش" للمفخخات وعمليات القنص والأنفاق.

 

وربما تتشابه قصص الأسر العائدة إلى مناطق سكناها المحررة بعض الشيء، "فأبو مصطفى"، القاطن في حي التأميم، الذي شهد مؤخرا، هجوما شنه التنظيم الإرهابي حالفه الحظ لأنه لم يكن متواجدا في المنزل عندما انهار على أربعة من أولاده.

 

ويتحدث رب الأسرة التي تضم 7 أولاد للأناضول، عن خسارته أربعة من أبنائه، قائلا: "بعد وصول قوات الأمن إلى منطقتنا أجبَرنا عناصر داعش على مغادرة البيت، وتوجهت مع عائلتي إلى حي الحدباء، الذي لا يزال التنظيم يحكم سيطرته عليه، حيث بيت شقيقي الأكبر".

 

ويتابع: "بعد سماعنا بتحرير حي التأميم قرر أولادي الأربعة العودة الى البيت، لم أستطع منعهم، وبعد ساعات من مغادرتهم بيت أخي، اتصل بي جاري أبو اسماعيل، الذي يقطن في نفس الشارع الذي أسكن فيه، ليخبرني أن المنزل انهار فوق أولادي".

 

وتعيش الموصل في عزلة شبه تامة بعد إحكام حصارها من قبل القوات العراقية والقوات المتحالفة معها، بحيث يجد المرء مخاطر جمة إذا حاول الخروج منها.

 

ورغم ذلك يخاطر الكثير بحياتهم ويتوجهون إلى مخيمات في محيط المدينة أعدتها الحكومة بالتنسيق مع منظمات دولية، لكنها امتلأت في النهاية بالنازحين بعد مرور أكثر من شهرين على الحملة العسكرية.

 

ومن بين آلاف الأشخاص يقف "حسن حديد"، حائرا يدخن سيجارته بشراهة وهو يتأمل الخيم المتراصة إلى جانب بعضها البعض، لكن أكثر ما يخشاه هو أن لا يرى منزله مرة ثانية في حياته.

 

ويقول "حديد"، الذي دخل عقده الخامس ولديه ولد وبنتان: "أنا من حي البكر (شرقي الموصل)، وعند تحرير منطقة سكني أسرعت مع زوجتي وأولادي للعودة إلى ديارنا لكن قواتنا لم تسمح لنا بالدخول، كون المنطقة ملغمة بأطنان من المتفجرات".

 

ولا يزال مشهد النزوح بالنسبة للأسر الموصلية متواصلا، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 120 ألفا نزحوا منذ بدء معركة التحرير، غالبيتهم العظمى بحاجة ماسة الى مساعدات غذائية وعينية، لاسيما وأن النزوح يجري في ظل أجواء باردة للغاية.

 

وعلى الرغم من أن الجهات الحكومية والمنظمات الدولية تقول إنها توزع باستمرار مواد إغاثية على النازحين، إلا أن "محمد الجبوري"، وهو نازح من منطقة الأربجية شرقي المدينة، يؤكد للأناضول أن "هذه المساعدات لا تكفي لسد حاجة السكان كافة".

 

موضحا أن "العدد أكبر بكثير والأزمة أعمق من تقديرات الحكومة العراقية، وحتى الأمم المتحدة".

 

ويبدو المشهد الإنساني داخل الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية من حيث تعداد السكان بعد العاصمة بغداد، أكثر قتامة ويقترب من انهيار وشيك.

 

ويقول "أبو عمر"، أحد سكان منطقة الموصل الجديدة، إن "المدينة تغرق بظلام دامس بعد انقطاع التيار الكهرباء منذ أكثر من شهر، والحصول على المواد الغذائية بات أمرا شبه مستحيلا بسبب نفاد الأموال المدخرة، واستمرار الحكومة العراقية بقطع رواتب الموظفين منذ أكثر من سنة ونصف السنة". بحسب الأناضول.

 

ويلفت الناشط الموصلي في مجال حقوق الإنسان "صهيب تراث البكري" إلى أن "الأهالي باتوا يعانون الفاقة والحرمان ولا يستطيعون تأمين قوتهم اليومي بعد نفاد مداخراتهم المالية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وشحها".

 

ويشير "البكري" في حديثه مع للأناضول خلال لقائها به في منطقة كوكجلي المحررة، إلى أن "الواقع الخدمي متدهور بشكل خطير ولا توجد أي خدمات مقدمة للسكان على مختلف الأصعدة والمجالات".

 

ويضيف أن "التقارير الواردة إلينا من داخل الموصل تشير إلى أن سعر برميل الوقود (النفط الأبيض) وصل إلى ميلون و300 دينار عراقي (أكثر من ألف دولار)، وأسطوانة الغاز باتت تباع بسعر 400 ألف دينار (نحو 300 دولار) مع اشتداد برودة الطقس في ظل انعدام القدرة الشرائية للمواطن".

 

ويتابع أنه "لا وجود للطاقة الكهربائية الحكومية بشكل تام مع توقف أصحاب المولدات الكهربائية الأهلية عن التشغيل لنفاد الوقود المخصص لتشغيل المولدات، بالتزامن مع عدم امتلاك الأهالي لأجور الاشتراك للحصول على الطاقة".

 

ويمضي قائلا: "شوارع المدينة تشهد انتشار أكوام القمامة في كل مكان، وتفشي الأمراض، ونقص الأدوية لاسيما للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة".

 

ولفت إلى أن "تأخير حسم معركة تحرير الموصل ينذر بوقوع كارثة إنسانية، لا مفر منها، على غرار ما حدث في مدينة حلب السورية (شمال)".

 

من جهته، قال "عمان السامرائي"، ناشط الإغاثة في فريق لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية، إن "الجهات الحكومية تبذل كل ما لديها من طاقة لإغاثة النازحين الفارين من الموصل في المخيمات".

 

وأوضح "السامرائي" للأناضول أن الأمر الذي يشكل صعوبة بالغة بالنسبة لهم يتمثل في المدنيين العالقين وسط الحرب نتيجة لصعوبة الوصول إليهم.

 

وفر عشرات آلاف المدنيين من الأحياء الشرقية للمدينة بعد توغل القوات العراقية فيها. ولا يزال مئات آلاف المدنيين محاصرين في مناطق يسيطر عليها داعش، بما فيها غربي الموصل. 

اعلان