في ذكرى استقلال ليبيا .. الإيطاليون يعودون من باب آخر
يوافق اليوم السبت 24 ديسمبر 2016 الذكرى الخامسة والستين لاستقلال ليبيا وتحررها من الاستعمار بعد ملحمة من الكفاح المرير خاضها الشعب الليبي بمختلف مناطق البلاد لطرد المحتل الإيطالي، لكن بعد نصف عقد من التحرير دخلت ليبيا في نفق مظلم بسبب الخلافات السياسية، ما مكن الإيطاليين من العودة من جديد ولكن من باب تقديم العون لبعض الفصائل.
وأعلن الملك إدريس السنوسي استقلال ليبيا عام 1951، وقال: "نعلن للأمة الليبية الكريمة أنه نتيجة لجهادها، وتنفيذًا لقرار هيئة الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949، قد تحقَّق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة".
وفى نوفمبر 1911 أعلنت إيطاليا بسط سيادتها على طرابلس وبرقة، فقابل الليبيون ذلك بمزيد من المعارك والثورات، وهاجموا استحكامات الإيطاليين في أنحاء متفرقة من البلاد، وقد تصدى لهم الإيطاليون بوحشية شديدة.
واتسمت تلك المرحلة من المقاومة الليبية بالهجمات الخاطفة السريعة، ولكن كفة الإيطاليين العسكرية كانت هي الراجحة على طول الخط، نظرًا لما يمتلكونه من أسلحة حديثة متطورة، وما يتميزون به من حشود عسكرية منظمة، بالإضافة إلى تحالف الدول الاستعمارية الكبرى مع الإيطاليين ضد الليبيين.
وبالرغم من إمكانات الإيطاليين العسكرية الضخمة، والتحالفات الغربية المريبة ضد الشعب العربي الليبي، فلم يكن الغزو الإيطالي لليبيا عملية سهلة بالنسبة للإيطاليين، فقد قاومهم الشعب الليبي بكل فئاته، وأرقت هجمات المجاهدين الخاطفة مضاجع المستعمرين.
الانقلاب بدل الاستقلال
ومنع نظام القذافي الاحتفال بعيد الاستقلال طوال حكمه، وأحل مكانه الاحتفال بذكرى انقلابه في الأول من سبتمبر، لكن المجلس الوطني الانتقالي أَدرج يوم 24 ديسمبر ضمن العطلات الرسمية للبلاد.
ويعتبر الشعب الليبي ثورة 17 فبراير التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011 بمثابة الاستقلال الثاني للبلاد، حيث قدم عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى والمفقودين من أبناء ليبيا ثمنا للحرية.
وتزامنا مع ذكرى الاستقلال يزداد المشهد الليبي ضبابية وقتامة وهوة الخلاف تتسع وتتعمق بين أطراف الأزمة على الرغم من كل المساعي الإقليمية والدولية لتسوية الأزمة.
مزيد من الفرقة
بدوره قال الإعلامي الليبي سعد العكر، إنه في الوقت الذي من الفترض أن تحتفل فيه بلاده بذكرى استقلاله من الاحتلال الإيطالي، يتواجد الآن على أراضيه من جديد العديد من القوى الدولية وعلى رأسهم المحتل الإيطالي بزعم تقديم الدعم إلى ليبيا.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الدول الغربية بمساعدة من الداخل الليبي قوضت المؤسسات الشرعية الليبية وإفراغها من دورها، وهو ما ساعد على المزيد من الفرقة والخلاف الذي يحرق ليبيا الآن.
وطالب العكر الشعب الليبي بلملمة جراحه بالبعد عن الخلافات، وأن يقدم كل طرف تنازلات وتغليب الصالح العام للبلاد على المصالح الشخصية الضيقة التي ستزيد من حرق الوطن.
حصـاد مـر
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى العارمة بسبب تشرذم الكيان السياسي للدولة فضلاً عن الخلافات بين القوى السياسية، والتي استغلتها المليشيات المسلحة التي تسعى لبسط نفوذها من خلال الاقتتال العنيف وهو ما ترك أثرا سلبيا كبيرا على آلية تسيير دفة الحكم في البلاد، بما ينسجم مع مصالح الشعب الليبي.
وتتمثل المشكلة الرئيسية القائمة في ليبيا حالياً في عنوان أبرز وهو الصراع على السلطة بعد أن وجدت المليشيات، فرصة في غياب السلطة المركزية القوية، من أجل تحقيق مصالح ضيقة على حساب المصلحة الوطنية الليبية العليا.
وكان ظهور الجماعات الإرهابية أحد أبرز إفرازات هذه الأزمة الخانقة التي تمر بها ليبيا، فهذه الظاهرة باتت تشكل الآن الهاجس الأكبر، والتحدي الأخطر لأي حكومة ليبية مهما كانت.
الوضع المرير الذي تشهده ليبيا أدى إلى تصنيفها على أنها دولة فاشلة، الأمر الذي لا يشكل خطراً على ليبيا وشعبها فحسب، بل من شأنه أن يترك آثاراً سلبية كبيرة على جيرانها والعالم أجمع، خصوصاً بعد انفجار موجة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين التي وجدت في الفراغ السياسي مرتعاً خصباً لتناميها، وانتشارها بشكل غير مسبوق مما ضغط بشكل هائل ليس على ليبيا أو الإقليم فقط، وإنما على العالم أجمع أيضاً.