في الذكرى العاشرة لإعدامه
صدام حسين .. من الفقر إلى القصر
تحل اليوم الجمعة 30 ديسمبر 2016 الذكرى العاشرة لإعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والذي تم في أول أيام عيد الأضحى عام 2006، وهو شخصية مهيبة ظلت مثيرة للجدل ليس عربياً بل عالمياً، بسبب جولاته وصراعاته التي ما يكاد ينهي أحدها حتى يبدأ الأخرى من جديد.
وصل صدام حسين إلى السلطة في العراق من قلب الفقر ليصبح حاكماً مطلقاً، وقد تحوّل صدام عبر تاريخه الحافل بالأحداث من حليف للغرب إلى عدو يخشونه .
ولادته
ولد صدام حسين في قرية العوجة التي تبعد 23 كم عن مدينة تكريت شمال غرب بغداد التابعة لمحافظة صلاح الدين، في 28 أبريل 1937 وهو الشهر الذي دخلت فيه القوات الأمريكية إلى العراق.
كانت عائلة صدام تمتهن الزراعة وتوفي والده قبل ولادته بستة أشهر وتعددت الأقاويل التي فسرت سبب وفاته ما بين وفاة لأسباب طبيعية أو مقتله على أيدي قطاع الطرق.
بعدها بفترة قصيرة توفي الأخ الأكبر لصدام وهو في الثالثة عشرة بعد إصابته بالسرطان وكانت العوجة التي تبعد 8 كيلو متر جنوب تكريت في شمال وسط العراق عبارة عن بيوت وأكواخ من الطمي يسكنها أناس يعيشون في فقر مدقع المياه الجارية والكهرباء والطرق الممهدة لم تكن معروفه ونسبة الوفيات بين الأطفال مرتفعة.
وكان سكان العوجة يعملون في الفلاحة أو كخدم في تكريت ولما لم تكن هناك مدارس في العوجة كان الآباء يرسلون أبنائهم للدراسة في تكريت وكانت تشتهر بأنها ملاذ لقطاع الطرق.
نشأته
نشأ صدام في بيت يملكه خاله خير الله طلفاح وينتمي إلى عشيرة البيجات السنية إحدى فخوذ قبيلة أبو ناصر التي كانت مهيمنة في منطقة تكريت، وفي الثلاثينيات كانت القبيلة معروفة بفقرها وبميلها إلى العنف وكان زعمائها يفاخرون بتصفية أعدائهم لأتفه الأسباب.
كانت صبحة والدة صدام تعاني من الفقر فقد كان عملها الوحيد قراءة الطالع وكان سكان في تكريت يذكرونها كامرأة بملابس سوداء على الدوام وجيوبها مليئة بالأصداف التي كانت تستخدمها في مهنتها وكانت تتلقى بعض الدعم المادي من شقيقها خير الله طلفاح الذي كان يسكن في تكريت وتكفل بتنشئة صدام.
وكان الانخراط في القوات المسلحة ربما هو الطريق المتاح لمثل من هم في مكانة صدام حسين لتحسين مواقعهم الاجتماعية ليس لأنهم كانوا فلاحين فقراء فحسب بل كونهم من السنة أيضاً والذين كانوا يعتبرون في العراق الجديد أقليه إذا ما قورنوا بالأكراد والشيعة.
طموحه
فطموح أي شاب عراقي في ذلك الوقت كان ميال للخدمة العسكرية والالتحاق بأكاديمية بغداد العسكرية التي أسسها البريطانيون لتخريج ضباط جيدي التدريب وموالين.
وقد تطلع صدام الذي كان يمتلك بنية قوية تؤهله لخوض الحرب للانضمام للأكاديمية لكن لم يكن يمتلك أي مؤهلات علمية، ما أدى إلى عدم نجاحه في اختبار القبول الخاص بأكاديمية بغداد العسكرية التي كان تواقاً إلى الالتحاق بها وقد شعر بالإهانة لرفض طلبه ونظراً أيضاً لنقص وزنه ثلاثة كيلو غرامات.
وفي عام 1957 التحق صدام حسين، القادم من القرية بحزب البعث الذي كان يعمل سرًّا في تلك الفترة في العراق والذي كان يبشر بفكرة الاشتراكية العربية.
معاد للغرب
وكانت بريطانيا تدير العراق في الفترة بين عام 1920 و عام 1932 بحكم نظام الانتداب الذي أقرته عصبة الأمم، إلا أنها مارست دورًا سياسيًا كبيرًا لفترة طويلة بعد تلك الفترة، إلا أن المشاعر المعادية للغرب كانت قوية.
وفي عام 1959 شارك صدام حسين الشاب في محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم، وهو الضابط الذي أطاح بالملكية في العراق وأقام النظام الجمهوري عام 1958، وقد فر صدام حسين إلى مصر بعد فشل محاولة الاغتيال التي استهدفت حياة عبد الكريم قاسم الرئيس العراقي في تلك الفترة.
وعاد صدام إلى العراق بعد أن تسلم حزب البعث السلطة في انقلاب عسكري عام 1963، فبعد أن انتسب صدام إلى كلية الحقوق، جامعة القاهرة عام 1961، لم يكمل دراسته، وعاد إلى بغداد في أعقاب الانقلاب الناجح لحزب البعث في 14 يوليو 1963 والذي أسفر عن الإطاحة بنظام حكم عبد الكريم قاسم.
وتم تنصيب عبد السلام عارف رئيسًا للجمهورية الذي سرعان ما دب الخلاف بينه وبين قادة حزب البعث، وقام بانقلاب ضدهم في 18 نوفمبر 1963 ولاحق قادتهم وسجن بعضهم وكان من هؤلاء صدام حسين حيث نجحت الأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على صدام في 14 أكتوبر عام 1964 وسجنه في زنزانة منفردة في مديرية الأمن ببغداد التي تعرض فيها للتعذيب -حسب بعض الروايات.
وتقديرًا من قادة حزب البعث في العراق وسوريا لصموده قررت القيادة في عام 1966 انتخابه أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث، وهو لا يزال في سجنه، ولكن سرعان ما استطاع صدام الهرب من سجنه بالعراق داخل العراق نفسها وتمكن بمساعدة بعض رفاقه، وتمكن من توثيق صلته بقريبه - رئيس الوزراء في عهد حزب البعث- أحمد حسن البكر.
ظهوره على الساحة السياسية
ظهر صدام على الساحة السياسية وبعدها تم تعيينه نائبًا للرئيس اللواء أحمد حسن بكر، وتم تكليفه بتولي القطاعات الحكومية والقوات المسلحة لإحكامهم بعد أن كانت لهم قدرة على الإطاحة بالحكومة في هذا الوقت.
تربع صدام على رأس السلطة في العراق عام 1979، بعد أن قام بحملة لتصفية معارضيه وخصومه داخل حزب البعث، وفي عام 1980، دخل صدام حربًا مع إيران استمرت 8 سنوات وانتهت في 8 أغسطس عام 1988، ثم غزا الكويت في 2 أغسطس 1990، ما تسبب في اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.
احتلال العراق
بعد أحداث 11 سبتمبر، أصرت الإدارة الأمريكية على إسقاط نظام صدام، وفي 20 مارس عام 2003، تحركت القوات الأمريكية البريطانية في سعيها نحو ما تم تسميته بـ"حرية العراق" 9 أبريل عام 2003.
حاكم الغزو الأمريكي صدام وبعض أعوانه بتهمة الإبادة الجماعية في قضية "الدجيل"، وحكم على الرئيس الراحل في قضية الدجيل، التي لقى فيها 148 من الشيعة حتفهم في الثمانينيات، بالإعدام شنقًا حتى الموت بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، فرحل صدام وبقت ذكراه خالدة في أذهان العرب بالسيرة العطرة.