الاستيطان.. سياسة إسرائيلية لا تردعها القرارات الدولية
شكّلت حرب "يونيو 1967" بدايةً لمسلسل الاستيطان والسيطرة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية عقب إقامة دولة إسرائيل عام 1948.
حيث أقدمت إسرائيل عقب الحرب، على تدشين المستوطنات في مختلف المناطق التي سيطرت عليها في الضفة والقدس، ولا تزال مستمرة ببنائها فوق الأراضي المصادرة لصالح الاستيطان حتى اليوم.
ورغم القرار رقم "2334" الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر الجاري، والذي طالب بوقف فوري وكامل للاستيطان بالضفة والقدس، إلا أنَّ وزراء إسرائيليين وأعضاء في الكنيست "البرلمان" أكَّدوا أنَّ القرار لن يردع إسرائيل عن مواصلة التوسع الاستيطاني.
ويعيش في الضفة الغربية والقدس الشرقية أكثر من ٤٣٠ ألف مستوطن إسرائيلي في ١٥٩ مستوطنة، بحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم".
وبلغة الأرقام، يقول رئيس دائرة الخرائط ونظم المعلومات في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي إنَّ في القدس الشرقية المحتلة وحدها أكثر من ٥٨ ألف وحدة سكنية استيطانية، يعيش فيها أكثر من ٢٢٠ ألف مستوطن، مقابل ٣٠٠ ألف فلسطيني.
وأشار التفجكي - في حوارٍ لـ"الأناضول"، إلى أنَّه رغم الحرب الديموجرافية في المدينة، ما زال المقدسيون يشكِّلون نحو 38٪ من عدد السكان الإجمالي في القدس.
وأوضَّح أنَّ نحو ٨٥٪ من المستوطنين اليهود يسكنون حول مدينة القدس وحول منطقة غرب رام الله "وسط" وجنوب غرب نابلس "شمال".
وفي أرقام غير رسمية، رجَّح الخبير بقضايا الاستيطان أنَّ ميزانية الاستيطان في القدس لا تقل سنويًّا عن عشرة مليارات دولار.
وتابع: "هذا الرقم تقديري، كون الميزانية لا تشمل بناء الوحدات الاستيطانية فحسب، بل تشمل الخدمات والتعليم والصحة، إضافةً إلى فتح الشوارع والطرق المحيطة بهذه المستوطنات لخلق تواصل جغرافي فيما بينها من جهة، وبينها وبين المدن والمناطق الحيوية من جهة أخرى.
وتعتبر مستوطنات أرييل ومعالي أدوميم ومستوطنتا بيتار عيليت وموديعين عيليت المتطرفتين، من أكبر المستوطنات في الضفة.
وتعد إقامة المستوطنات حسب القانون الدولي بفروعه - بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل - مناقضة للمبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة "ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949".
ويفصّل الميثاق سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال.
إسرائيل من جانبها تدعي وجود مستوطنات شرعية قانونيًّا، وهي التي وافقت الحكومة على بنائها، بينما هناك مستوطنات أخرى عشوائية حسب القانون الإسرائيلي، وهي التي لم تعط الحكومة الضوء الأخضر لبنائها.
ويشير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان "تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية"، في تقرير نشره مؤخرًا، إلى أنَّ الاستيطان بالضفة الغربية وشرقي القدس، الذي طلب مجلس الأمن الدولي في قرار الجمعة وقفه بالكامل، موضوع خلاف كبير منذ حوالي 50 عامًا.
وأشار التقرير إلى أنَّ إسرائيل بدأت إقامة شبكة مستوطنات في الضفة الغربية منذ سبعينات القرن الماضي، وواصلت توسيعها بعد اتفاقات أوسلو في 1995 التي قسمت هذه المنطقة إلى مناطق إسرائيلية وأخرى فلسطينية، وتهدف الاتفاقات إلى وضع أسس دولة فلسطينية مقبلة.
من ناحيته، يقول المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي زياد أبو زياد "وزير شؤون القدس سابقًا" إنَّ إسرائيل تمارس سياسة الأبرتهايد "الفصل العنصري" في القدس، وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، من خلال مضاعفة الاستيطان فيها.
وأضاف: "تعي إسرائيل تمامًا أنَّ الحرب الديموجرافية هي الأهم في هذا الصراع، وتعلم أنَّها لن تستطيع أن تسيطر على المدينة وغالبية سكانها من الفلسطينيين، وهي تسعى إلى غلغلة المستوطنين في المناطق المحتلة، بهدف تفتيت الأحياء الفلسطينية، وخاصة في مدينة القدس".
وحول إمكانية تصوُّر حل سياسي في ظل التوسع الاستيطاني، استبعد أبو زياد وجود حلول سياسية أو إقامة دولة فلسطينية دون مدينة القدس، وقال: "هذه الإجراءات الإسرائيلية ستمنع الوصول إلى تسوية سياسية نهائية".
ومضى قائلًا: "الاستيطان في الضفة والقدس ليس ردة فعل كما يعتقد البعض، بل جزء من استراتيجية إسرائيلية، قائمة على عمليتي الاقتلاع والإحلال في المدينة".
وتعتبر الأمم المتحدة المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس غير شرعية.
ويطالب الفلسطينيون بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 وتفكيك كل المستوطنات.
وتستبعد إسرائيل انسحابًا كاملًا إلى حدود الرابع من يونيو أي قبل الحرب، لكنها مستعدة للانسحاب من بعض أجزاء الضفة الغربية مع ضم الكتل الاستيطانية الكبرى التي يعيش فيها غالبية المستوطنين.
وفيما يلي، نبذة عن أبرز المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، بحسب مركز "بتسيلم"
مستوطنة "موديعين عيليت"
هي أحد أكبر المستوطنات في الضفة الغربية، أُنشئت في العام 1994، فوق خمسة قرى فلسطينية هي بلعين ونعلين ودير قديش وصفا وخربثا المصباح، وتقع في الطريق الواصلة بين مدينتي القدس وتل أبيب.
مستوطنة "معاليه أدوميم"
اعتبرت "معاليه أدوميم" مستوطنة في العام 1977، بينما اعتبرتها الحكومة الإسرائيلية مدينة كاملة في العام 1991، وقد أقيمت "معاليه أدوميم" على أراضي قرى أبو ديس والعيزرية والطور وعناتا، وتقع جنوب شرق مدينة القدس، وتفصل بين جنوب الضفة وشمالها.
مستوطنة "بيتار عيليت"
أقيمت هذه المستوطنة عام 1985، على أراضي قرية حوسان في بيت لحم جنوبي الضفة، وتبعد عن مدينة القدس بنحو عشرة كيلو مترات، وتبلغ مساحتها 4,3 كيلومترات.
مستوطنة أريئيل
أقيمت في عام 1978، على أراضي مدينة سلفيت شمال الضفة، وتبعد 20 كيلو مترًا عن الخط الأخضر، و34 كيلو مترًا عن الحدود الأردنية، وتبلغ مساحتها حوالي 14,7 كيلومترًا، وتعتبر أكبر مستوطنة في الضفة الغربية.