حركات التمرد.. عقبات في طريق التوافق بين الخرطوم وجوبا
طفت الخلافات من جديد على سطح العلاقات بين الخرطوم وجنوب السودان، ودخل على خط الخلافات المتمردون المسلحون الموالون لجوبا وهم الفصيل الأكبر الذي يستفيد من أموال البترول، الأمر الذي يعرقل التوافق بين الخرطوم وجوبا بحسب مراقبين.
وتجددت الاتهامات المتبادلة بين المسؤولين فى الخرطوم والجنوب السوداني بخصوص ديون الجنوب الخاصة برسوم مرور البترول عبر الخرطوم، ما يجعل فرص تسوية الخلافات بين الجارتين أمراً صعبا بين دولتين كانتا كيانا واحدا.
وجنوب السودان منطقة غنية بالموارد الطبيعية من أهمها البترول الذي يعتبر من أهم الصادرات حيث تتركز فيه نسبة 85% من احتياطي السودان السابق، وتتركز الثروة البترولية والمعادن في مناطق النوير"بانتيو" والدينكا "فلوج" "وعداريل".
عقبة أمام التوافق
ويمثل المتمردون السودانيون بفصائلهم المختلفة والمتمردون الجنوبيون العقبة الكبرى في طريق التوافق بين الخرطوم وجوبا، في وقت يرى فيه مراقبون أن ثمة شيئًا خفيًا يحرك العلاقة بين الجارتين نحو الأسوأ كلما تقدمت إحداهما نحو الأخرى.
ورغم تأكيد الرئيس السوداني عمر حسن البشير مسؤولية بلاده تجاه "من كانوا جزءا منها"، مناديًا بضرورة التوافق داخل جنوب السودان، تأتي تصريحات من مسؤولين آخرين منافية لذلك الاتجاه.
وكان جنوب السودان قد انفصل عن السودان عام 2011 بعد استفتاء شعبي دعمته الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلا أن الانقسام خلف الكثير من المسائل العالقة، من أبرزها ترسيم الحدود وتصدير النفط عبر أنابيب السودان، والسيادة على منطقة "آبيي" فضلاً عن النزاع المسلح باستخدام المتمردين من الجانبين.
مفاوضات
وبعد جولات من المفاوضات توصل الجانبان في أديس أبابا إلى اتفاق تعاون في عام 2012 يضع أطرًا لتطبيع العلاقة بين الدولتين الجارتين، لكن تنفيذ الاتفاق مر بمراحل من التأزم والاتهامات من الجانبين بدعم حركات التمرد في كل منهما.
بدوره دعا رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني الفريق متقاعد أحمد التهامي حكومة جنوب السودان لإصدار قرار واضح بطرد الحركات المتمردة من أراضي الجنوب.
وأبدى أمله في أن يكون لقاء قادة جوبا بالحركة الشعبية- قطاع الشمال بمثابة إنذار نهائي بخروج الحركات وتنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية بين البلدين، معلنًا في تصريحات صحفية رفض بلاده "أي اتفاقات لجوبا مع المتمردين السودانيين تحت المنضدة".
صعوبة التوافق
فيما يرى الناشط السوداني عمر عبدالظاهر، أن هناك عوامل ومؤشرات كثيرة تقول إن التقارب بين جوبا والخرطوم سيكون صعبا للغاية، وذلك بسبب عدم ربط الجنوب برياً فى ظل أي حكومة وطنية وهذا يعنى عدم التواصل الشعبى الفعلى.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية": "أيضاً اندلاع الحرب الأهلية بإعلان النميرى العمل بأحكام الشريعة الإسلامية، فضلاً عن انقلاب البشير الذى أجج الحرب فى الجنوب رافعا شعار الجهاد".
ولفت إلى أن انفصال الجنوب ترك أثرا سلبيا في نفوس النظام السوداني بل والشعب السوادني بشكل عام تجاه الجنوب الذي يعتمد على المتمردين في التفاوض مع الشمال في المصالح المشتركة بينهما، مؤكداً أنه لن يكون هناك سلام بين الدولتين في ظل استمرار تواجد المتمردين.
الدبلوماسية هلى الحل
بدوره قال المحلل السياسي السوداني أحمد يوسف، إن الخلافات دائما بين الدول تكون بيئة خصبة لتنامي الجماعات المسلحة التي تكون أول المستفيدين من تلك الخلافات، لافتاً أن استمرار الخلاف بين الجنوب والشمال سيعزز من دور المتمردين عند الطرفين وهذا لن يكون في مصلحة السودان.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الجنوب يعتمد بشكل كبير على المتمردين، في حين أن الخلافات بين دولتين كانتا مكونا واحدا قبل خمس سنوات لابد أن تحل دبلوماسياً عن طريق التفاوض والجلسات الودية.
وأوضح أن أي ممارسات غير قانونية من الجنوب تؤكد أنه لم يصل إلى وضع الدولة، كما أنه بذلك يتعامل بمنطق التمرد، داعيا الطرفين إلى استيعاب بعضهما البعض وعدم السماح لأي جهه خارجية التدخل بينهما خاصة أن هناك قوى إقليمية تسعى أيضًا لتأجيج الصراع من أجل مصالحها.