بالفيديو|«بني ذياب اليمن».. من لم يمت بالحرب مات بالجوع
على قارعة الطريق الرابط بين محافظتي صنعاء والحديدة على بعد حوالي" 130" كيلو متر من مركز العاصمة صنعاء، تعيش عشرات الأسر في بلدة"بني ذياب" أوضاعًا إنسانية صعبة ومعاناة كبيرة نتيجة النزاع الدائر في البلاد الذي فاقم من معاناتهم.
"بني ذياب" بلدة يعيش غالبية سكانها في كهوف ومنازل مبنية بطريقة عشوائية، لا يستطيع أهلها توفير وجبة يومية من الطعام أو الشراب، يشربون مما تبقى من مياه الصرف.
وتتبع بلدة "بني ذياب" إداريًا محافظة المحويت، الواقعة في نطاق سيطرة جماعة أنصار الله "الحوثيين" و لم تصل إليها نيران الحرب، لكن المجاعة أنهكتها وغابت عنها المنظمات الدولية والإنسانية وعدسات الكاميرات لرصد مأساة أنتجتها صراعات مسلحة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.
في الطريق إلى محافظة الحديدة، بدأ مراسل "مصر العربية" رحلته إلى البلدة - لكن هناك شيء ما استوقفه- أرواح أنهكها الجوع، ينتظرون على قارعة الطريق من يمد لهم يد العون ويطعمهم من المارة.
وقبل أن نبدأ في التصوير أو الخوض في أي تفاصيل للبحث عن الحقيقة ونقل المأساة التي يعيشها سكان تلك البلدة، حرصنا على عدم إظهار شعار الوسيلة الإعلامية بسبب الأسئلة المتكررة، وحتى لا نصنف بأننا نعمل لأي طرف في اليمن، أخفينا شعار الوسيلة الإعلامية لنقل مأساة إنسانية.
رحلة البحث عن لقمة العيش
منذ الصباح الباكر ينطلق "الطفل أسامة" ذات الـ 11 ربيعًا في رحلة البحث عن لقمة العيش مع عشرات الأطفال على الطريق السريع الرابط بين محافظتي صنعاء والحديدة، يقول في حديث لـ "مصر العربية": "لانجد الطعام اليومي، ننتظر من الصباح حتى وقت متأخر هنا على الطريق من أجل استعطاف المارة من سائقي السيارات والشاحنات الكبيرة لمد يد العون والمساعدة بالمال لشراء كيلو جرام من الدقيق".
ويضيف: "منذ بداية الأزمة ارتفع كيلو الدقيق من( 170 : 300) ريال، ولا نستطيع توفير المال لشراء المواد الغذائية".
يتحدث أطفال ونساء يعيشون في بلدة "بني ذياب" بلهجة قد لا يفهمها البعض لكنهم يصدرون أصواتا مبحوحة تكشف عن ألم المعاناة والفقر الذي أثقل كاهلهم والحرب التي فاقمت من معاناتهم وخذلان المنظمات الإنسانية لهم.
لانجد وجبة الغذاء
لم تفلح أشعة الشمس الحارقة من إبعاد تلك العجوز التي تنتظر ما قد يجود به بعض المارة لها، وتقول في حديث إلى مصر العربية: "لم نجد ما يسد جوعنا حتى الآن نبحث عن المال لشراء القمح لعمل وجبة الغداء، لم نأكل أي شيء حتى الآن"، بهذه الكلمات تحدثت تلك العجوز التي تدعى "جميلة".
ففي اليمن الذي يربو عدد سكانه، على 26 مليون نسمة، وتزداد وتيرة الحرب الدائرة فيه، تتضاءل فرص العيش، وتنعدم أساسيات الحياة، ويحتاج أكثر من نصف سكانه، لمساعدات إنسانية عاجلة، وهو ما عزز من إعلان حالة الاستنفار الإنساني لهذا البلد المنكوب.
الساعة كانت قد دقت الخامسة مساءً بتوقيت اليمن ( الثانية بتوقيت جرينتش) عندما كانت تتحدث إلينا "جميلة"، متهمة النافذين والمسؤولين بعدم إيصال المساعدات الإنسانية التي يسمعون بها عبر المنظمات الدولية والإنسانية ولم تصل إليهم، ويتم نهبها من قبل المسؤولين في السلطة وبيعها في السوق.
الوضع الإنساني
وتستمر معاناة الأسر اليمنية جرّاء النزاع المسلح، فالذي لم يُصاب بنيران الحرب، بنحو مباشر، أصابه الفقر والجوع، فالعديد من مناطق اليمن تعبر عن ويلات الحرب وماخلفته من كارثة إنسانية. إذ أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أعلنت في الأول من يوليو 2015 ، حالة الطوارئ من المستوى الثالث في اليمن، بعد بلوغ الوضع الإنساني فيه مرحلة الكارثة، خاصة في المناطق التي مازالت الحرب فيها، لم تضع أوزارها.
ومع استمرار واتساع دائرة العنف في اليمن، زادت معاناة المدنيين، الذين يتحملون العبء الأكبر للعنف والصراع، واتسعت خارطة النزوح الإنساني لآلاف من الأسر في عدد من المحافظات، والتي مع انتقال الحرب من محافظة لأخرى، تبادلت الأدوار مع بعضها البعض، فالمحافظات التي استقبلت بالأمس النازحين، الفارين إليها من محافظات، أصبح سكانها نازحين.
ورسم النزاع المسلح الدائر في اليمن خرائط من المآسي والأحزان بدم آلاف النساء والأطفال والشيوخ تحت مبررات مختلفة لتنسف الأمن الاجتماعي، فضلاً عن وضع اقتصادي ومعيشي متدهور ومجاعة تطارد بلد كان يطلق عليه "اليمن السعيد".