في سوريا
تفجير الراشدين .. لماذا تشير الاتهامات لمخابرات «الأسد»؟
شهور انقضت في التنسيق لاتفاق بين جيش فتح الشام في المقام الأول وإيران على الجانب الآخر برعاية قطرية لإجلاء أهالي المناطق المحاصرة المؤيدة للنظام في إطارة سيطرة المعارضة، والمؤيدة للثورة السورية تحت سيطرة الميليشيات الشيعية المناصرة للنظام حتى جاء تفجير الراشدين ليثبت هشاشة الاتفاق وعدم صفاء النوايا.
أهالي المناطق المتفق إجلاؤها من قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المؤيدتين للنظام السوري ويخضعون لحصار من قبل المعارضة السورية المسيطرة على محافظة إدلب، في مقابل الإفراج عن أهالي الزبداني ومضايا المحاصرين في ريف دمشق منذ أمد بعيد خاصة من جانب ميليشيا حزب الله اللبنانية الشيعية .
وأثناء عملية التبادل هز تفجير منطقة الراشدين مستهدفا تجمعاً لحافلات أهالي بلدتي كفريا والفوعة، وهي المنطقة المحايدة واختيرت لتكون منطقة تبادل للمهجرين بين المعارضة السورية المسلحة وبين الميليشيات المؤيدة لنظام بشار الأسد.
التفجير خلف 126 قتيلاً بينهم 68 طفلاً، و 109 أشخاص منهم من الراحلين عن الفوعة وكفريا، من ضمنهم 13 امرأة، في حين أن البقية من المقاتلين، والمرافقين.
المرحلة الثانية
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن تتواصل، التحضيرات لتنفيذ الجزء الثاني من المرحلة الأولى من اتفاق الإخلاء المتبادل لبلدات كفريا والفوعة، والزبداني ومضايا.
النظام بادر باتهام من سماهم " الإرهابيين" عن مسؤوليتهم عن الحادث في إشارة للمعارضة السورية المسلحة.
قتلى من المعارضة
المعارضة السورية، بدورها اتهمت النظام السوري بتدبير عملية التفجير، ودلل عدد من المصادر داخلها لـوكالة الأنباء الألمانية، على صحة اتهامهم بأن عدد القتلى من التفجير هم من الجيش الحر والذين بلغ عددهم 40 شخصا، وعشرات الجرحى، وإن 25 قتيلا من أهالي كفريا والفوعة أغلبهم من الأطفال كانوا متجمعين حول سيارة تحمل موادا غذائية، وإن عدد الجرحى تجاوز 150 تم نقلهم إلى المراكز الطبية والمشافي الميدانية في المناطق التي تحت سيطرة المعارضة".
بدوره رأى ميسرة بكور مدير مركز الجمهورية للدراسات السوري أن المفاوض الإيراني وميليشياته أخلّوا بالاتفاق، وأخرجوا نصف المسلحين فقط من بلدتي كفريا والفوعة المواليتين لهم، على خلاف ما تم التوافق عليه.
وتابع في حديثه لـ"مصر العربية":" لم تكن تثق إيران في تنظيم الأسد وصراع الاجنحة فيه، خاصة في ظل إقصاء تنظيم الاسد عن اتفاق "الدوحة" ولست أعلم هل كان هذا الإقصاء متعمدا أم متفقا عليه بحيث لا يظهر أن الأسد مشارك في عملية التبادل السكاني، وتطبيق نظرية المواطن المفيد لسوريا المفيدة".
دلائل
وذكر أن بصمات مخابرات بشار الأسد واضحة في تفجيرات الراشدين، موضحا أن حجم الانفجار الهائل الذي امتد على مسافة واسعة تصل لـ 150م ، والمرجح أن التفجير تم بزرع قنبلة كبيرة جداً من المتفجرات في إحدى الشاحنات التي نقلت مواد غذائية قال ممثلو الأسد إنها عاجلة لمساعدة الأطفال، وهذا ما يرجح رواية المعارضة بحسب بكور، رغم إقراره بأنها ارتكبت خطئاً كبيراً ارتكبت خطأ كارثيا بعدم تفتيش تلك الشاحنات.
وواصل الخبير السياسي السوري:" حجم التفجير يشير إلى أن الشحنة المتفجرة كبيرة جداً قد تزيد عن 250 كيلو جرام، وهذا مؤشر يبين أنها أعدت بعناية في مراكز مخابرات تنظيم الأسد وكل الشاحنات التي أتت للمنطقة أرسلت من قبل تنظيم الأسد".
الدوافع
عن الدوافع من وراء التفجير يقول بكور إن الأسد أراد ضرب عدة عصافير بحجر "الراشدين" الأول رسالة للمجتمع الدولي الذي يلاحقه بجريمة "خان شيخون" مفادها أنه كان محقا في قتاله عصابات مسلحة مختلفة متصارعة فيما بينها، بل يتهمها بفبركة أو مسؤوليتها عن مجزرة خان شيخون الكيماوية.
في الوقت نفسه كما يردف بكور تشتيت النظام الضوء المسلط إعلامياً عليه عقب مجزرة خان شيخون وتخفيف حدة الانتقادات له من المنظمات والسياسيين.
وضرب بكور مثلا بما فعل حليف الأسد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين قلب تفجير سان بطرسبرغ لصالحه، بعد هجوم خان شيخون، ومن ثم اختفت الاحتجاجات ضده وضد فساد رئيس حكومته وتم التغطية على قتل المعارض الروسي اليكسي نافالني في أوكرانيا.
عرقلة روسيا
تيسير النجار المحلل السياسي السوري أكد بما لا يدع مجال للشك لديه أن النظام هو المسؤول عن الحادث وله في ذلك دوافع، أبرزها عرقلة روسيا من المضي قدما في أي سبيل للحل السياسي في سوريا.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن الحل السياسي يعيني أن تغيرا سيحدث في النظام السوري وإخراج إيران من سوريا، والآن طهران هي من تريد إخراج موسكو من سوريا بدلا منها.
اغتيال العملية السياسية
وواصل:" من أفسد اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته روسيا؟ الميليشيات الشيعية التي أحضرتها إيران من دول الجوار، والنظام السوري الذي واصل القصف طوال مدة الاتفاق، فوقف إطلاق نار يعني انطلاق العملية السياسية".
ونوه النجار بأن قوات بشار الأسد منقسمة لأربع فرق الأولى تؤيد روسيا، والثانية تتبع ولاية الفقيه، والثالثة تميل لكفة ماهر الأسد والأخيرة، جميعهم ليسوا على قلب رجل واحد، وليسوا تحت السيطرة ومن الممكن تورط أي فرقة فيهم في عملية بخلاف رغبة البقية.
ولم يستبعد المحلل السوري أن يعلن داعش مسؤوليته عن الحادث لتبرئة النظام فهو لديه علاقات قوية بالنظام وتعاملوا كثيرا وتبادلوا الأدوار والمناطق بجانب بيع النفط له، بحد قوله.