عبد العزيز الرنتيسي.. 13 عاما على رحيل "أسد فلسطين"
حلت أمس الأثنين، الذكرى الثالثة عشر لاستشهاد عبد العزيز الرنتيسي، أحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقائد الحركة في قطاع غزة، بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين.
ففي مساء 17 أبريل 2004 أطلقت مروحية إسرائيلية من نوع "أباتشي" صاروخًا على سيارة الرنتيسي فاستشهد مرافقه على الفور، ثم لحقه الرنتيسي متأثرًا بجراحه بعد فترة قليلة.
وتنحدر عائلة الرنتيسي إلى قرية رنتيس شمال غرب رام الله، ونزحت عائلته بسبب "النكبة" حينما كان عشرة أشهر، فلجأت من قرية "بانا" (بين عسقلان ويافا) حيث كانت تسكن منذ نحو سبع سنوات لمخيم خان يونس في قطاع غزة.
صراعه مع الاحتلال
أول مواجهة له مع الاحتلال كانت عام 1981 عندما فرضت عليه الإقامة الجبرية، تلاها اعتقاله، لأنه رفض دفع الضرائب للمحتلين الغاصبين، وقاد حملة توعية دعا الناس فيها إلى الامتناع عن دفع الضرائب للاحتلال ثم تتالت الاعتقالات التي بلغت خمس مرات، ومدة سبع سنين أمضاها الدكتور الرنتيسي في سجون المحتلين، وأمضى سنة في مرج الزهور عندما أبعدوه مع 417 أخاً عام 1992.
وهو أول قيادي في حماس تعتقله سلطات الاحتلال عام 1987 وقد منعوه من النوم ستة أيام متوالية، ووضعوه في ثلاجة مدة أربع وعشرين ساعة، إلى ألوان التعذيب الوحشي الأخرى التي استمرت مدة واحد وعشرين يوماً، من أجل الاعتراف ولو بتهمة واحدة من التهم الكثيرة التي وجهوها إليه، وكان يأبى ويصبر ويحتسب.
وكان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بمجرد ما يؤخذ إلى أقباء التحقيق يهاجم المحققين ويشتبك معهم باللكمات حتى يغمى عليه من شدة ما يلقى من أهوال التعذيب، ولم يأخذوا منه أي اعتراف، ولائحة الاتهامات ضده كانت تتم باعتراف الآخرين عليه، وليس باعترافه هو.
سلسلة اعتقالات
فور عودته من مرج الزهور، اعتقلته قوات الاحتلال وأصدرت محكمة عسكرية إسرائيلية حكمًا عليه بالسجن حتى أواسط عام 1997.
بلغ مجموع فترات الاعتقال التي قضاها في السجون الإسرائيلية سبع سنوات بالإضافة إلى السنة التي قضاها مبعدًا في مرج الزهور بأقصى جنوب لبنان.
وقال الرنتيسي عن إحدى فترات اعتقاله: "منعت من النوم لمدة ستة أيام، كما وضعت في ثلاجة لمدة أربع وعشرين ساعة، لكن رغم ذلك لم أعترف بأي تهمة وجهت إليّ بفضل الله".
كما اعتقل الشهيد في سجون السلطة الفلسطينية أربعة مرات معزولاً عن بقية المعتقلين لأسباب سياسية.
شخصية قوية
وكان الرنتيسي طبيبًا، وعضوًا في الهيئة الإدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني، وكاتب مقالات سياسية تنشرها له صحف عربية أردنية وقطرية كما كان أديبًا وشاعرًا ومثقفًا وخطيبًا.
وحظي الرنتيسي، الذي جمع بين الشخصية العسكرية والسياسية والدينية، باحترام الكل الفلسطيني، واتصف بشخصيته القوية وجرأته وتحديه لقادة الكيان الإسرائيلي، حتى عرف بـ"أسد فلسطين".
وأتم الشهيد حفظ القرآن الكريم كاملًا في المعتقل عام 1990 عندما كان في زنزانة واحدة مع الشيخ أحمد ياسين.
عمل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضرًا يدرس في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات.
محاولات اغتياله
تعرض الرنتيسي لأربع محاولات اغتيال فاشلة وخامسة أدت لاستشهاده، حيث كانت الأولى في مرج الزهور، حينما حضر شخص يتحدث العربية ادعى أنه مترجم لصحفي ياباني، دخل خيمة الإعلام وترك حقيبة فيها، وقُدّر أن كان الجميع خارج الخيمة على مائدة الإفطار، فانفجرت الحقيبة وأحدثت حريقًا، ثم بحثوا عن الصحفي المزعوم ورفيقه فلم يجدوهما.
وفي 16 يونيو 2003 تعرض لمحاولة اغتيال ثانية استشهد فيها اثنان من مرافقيه، وأصيب نجله أحمد بجروح خطيرة.
وفي شهر سبتمبر 2003 تعرض لمحاولة اغتيال ثالثة فشلت هي الأخرى.
وتعرض لمحاولة اغتيال رابعة في اليوم الثالث لاستشهاد الشيخ أحمد ياسين، نجا منها أيضًا وفق ما تحدث الأمن الإسرائيلي.
بعد استشهاد الشيخ ياسين بغارة إسرائيلية في 22 مارس 2004، بايعت حركة حماس الرنتيسي خليفة له في الداخل، وكان تنفيذ الجناح العسكري لحماس كتائب القسام عملية "ميناء اسدود" ردًا على اغتيال ياسين محركًا إسرائيليًا لاغتيال الرنتيسي بعد نحو شهر من استشهاد الشيخ.
في آخر عملية اغتيال مساء 17 أبريل 2004 نجحت مروحية "أباتشي" إسرائيلية باغتياله فاستشهد هو وأحد مرافقيه وذلك بعد نحو 25 يومًا على اغتيال الشيخ ياسين.