بالفيديو| أنهكتهم روحًا وجسدًا.. «حرب الحوثي» تفسد حياة اليمنيات
في اليمن "الحزين" جبالٌ تتكسر عندها الأوهام، وهناك يُرسم واقع جديد لبلادٍ تبحث عن خلاصها، غير أنَّ البحث هذا عن الخلاص ذاك مصحوب بكُلفةٍ تدفعها قطاعات وفئات يمنية، ومن ذلك تدفع المرأة أثمانًا كبيرة جرَّاء الحرب الدائرة هناك، والتي انضم إليها التحالف العربي في مارس 2015، بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستعادة شرعيته.
"يريدون منَّا الاستسلام، هذا هو المستحيل، يأبى لنا الله وديننا وإسلامنا وعروبتنا أن نستسلم لأي حد".. حين يخرج تصريح كهذا من عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة فرضت الحرب في اليمن لرغبتها في السلطة وربما لأسباب أخرى تحركها أطراف دولية، فإنَّه قد يبعد حلًا آجلًا في البلاد الغارقة في نزيفها.
أعوام قاسية تمر بها اليمن منذ حراك جماعة أنصار الله "الحوثي" وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح للسيطرة على البلاد منذ سبتمبر 2014.. تكاليف إنسانية كبيرة في ساحةٍ كل خياراتها مُرّة، ومن النزيف ما يراه يمنيون اضطهادًا تعانيه المرأة.
معاناة نساء واتهام حوثي
لا تقتصر معاناة النساء في الحرب على ظروف النزوح ومشاعر الخوف من عمليات القصف، بل تزداد قساوةً في ظل انقطاع الخدمات العامة، مما يقودهم إلى مهمات شاقة في ظل انشغال الرجال بالحرب وبالبحث عن فرص لإعالة الأسر.
نساء هناك يقضين حياة تخلو من كل مقومات العيش الحضارية نتيجة ظروف الحرب، فقد أصبحت مهمة جلب الماء من أماكنَ بعيدة وجمعِ الحطب من مسؤوليات المرأة، وهذا غيث من فيض.
صراحةً، اتهمت السلطات اليمنية المعترف بها دوليًّا "هادي"، على لسان مندوبها لدى الجامعة العربية رياض العكبري حمَّل جماعة "الحوثي" مسؤولية ما أسماها الأوضاع السيئة التي تعانيها المرأة في البلاد.
السفير العكبري صرَّح - قبل أيام - بأنَّ المعلومات تؤكِّد أنَّ عدد الإصابات والقتل في صفوف المدنيين يَزِيد عنه في صفوف المقاتلين، وأنَّ النساء والأطفال والشباب العزل ينالون نصيبًا وافرًا من الانتهاكات والآثار الكارثية الناجمة عن النزاعات والعنف والمذابح التي يندى لها جبين الإنسانية، حسب تعبيره.
عن النساء تحديدًا، أشار الكعبري إلى أنَّ التقارير الدولية تؤكِّد تزايد تعرض النساء في البلاد للانتهاكات منذ سبتمبر 2014 "وقت سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة"، تلك الانتهاكات التحرش اللفظي والجنسي، والتهديد بالاغتصاب، ومنعهن من العمل، ونالهن النصيب الأكبر من الأذى والمضايقات من قبل المليشيات في المدن والمناطق التي تسيطر عليها.
تقرير أممي.. العنف ضدهم 63%
الأمم المتحدة رسمت بيانًا لمعاناة اليمنيات، فتحدثت عن تعرُّض الآلاف منهن لاعتداءات جنسية.
المنظمة أعلنت في مارس الماضي، أنَّ حوادث العنف ضد النساء زادت بنسب كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة، وأنَّهن الأكثر عنفًا في النزاع، حيث تمَّ الإبلاغ عن عشرة آلاف قضية في هذا الإطار خلال العام الماضي.
وقالت: "النزوح وتعطّل آليات الحماية قد زاد بشكل كبير من تعرّض النساء والفتيات للعنف، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ موقعهن في المجتمع كان سيئا قبل بدء النزاع، وحوادث العنف التي تستهدف النساء زادت بنسبة 63% في العامين الماضيين".
وأوضحت أنَّ قضايا العنف ضد النساء تشمل حالات اغتصاب وعنف منزلي وزواج قاصرات وزواج بالإكراه وإيذاء بدني ونفسي وصدمات نفسية والعديد من أشكال العنف الأخرى ضد النساء والفتيات.
في اليمن.. ماذا يحدث للمرأة؟
أوضاع المرأة في اليمن كانت حاضرةً في جنيف، حيث نظَّم في مطلع أبريل الجاري، التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ندوةً حول وضع النساء في البلاد أثناء النزاعات المسلحة بمقر مجلس حقوق الإنسان.
في الندوة تحدَّثت الصحفية والناشطة الحقوقية بشرى العامري: "الحرب تهدِّد حق المرأة في الحياة، وتعرِّضها للتشريد والتهجير والمداهمات وغيرها من الانتهاكات، فضلًا عن انتهاكات أخرى من بينها تسرب آلاف الطالبات من التعليم، ومخلفات الفقر والبطالة والتسول، وغياب ضمانات نجاح أي حوار بين القوى الوطنية، تحت سلاح الميليشيات".
العامري أشارت إلى أنَّ ميلشيا "الحوثي - صالح" تدير ما يناهز الـ700 =سوق سوداء في العاصمة صنعاء فقط حيث يعيش سكانها في ظل أزمة مفتعلة للمشتقات النفطية بما فيها الغاز المنزلي والانقطاع تام للكهرباء فيما تتوفر في تلك الأسواق أسطوانات الغاز بأضعاف سعرها, فتلجأ الكثير من النساء إلى استخدام وسائل بدائية كنشارة الخشب أو الكرتون أو الفحم لطهي الطعام.
نالت الحرب أيضًا ناشطات ومتخصصات في المجتمع المدني، فعلى لسان العامري، رصدت شبكة "إعلاميون من أجل مناصرة قضايا المرأة" ما يزيد عن 30 انتهاكًا ضدهن، تنوع ما بين قتل واختطاف وقنص وضرب وملاحقة وتهديد وغير ذلك.
الشبكة قالت أيضًا إنَّ جماعة الحوثي تصنِّف الناشطات والنساء اللواتي يمارسن العمل الحقوقي والنشاط السياسي بـ"العهر والانسلاخ من الإسلام".
تضحي من أجل الرجل.. والنتيجة اضطهاد
ترى الناشطة منى علي أنَّ اضطهاد المرأة في اليمن يوجد بنسبة كبيرة، بل تحدَّثت عن أنَّ ذلك يتم منذ أن تكون في وقت مبكر من حياتها.
وقالت لـ"مصر العربية": "المرأة تضحي لأجل الرجل.. طموحي في التعليم مستعدة أتنازل عنه لكن لا نقبل بإلغاء وجودنا، فهذا اضطهاد.. كل يمنية مستعدة الى أن تسير إلى أي مكان لجلب الماء أو لجلب الحطب لإرضاء زوجها لكي لا يشكي من الوضع الراهن".
وأضافت: "المرأة تعاني من اضطهاد في العمل كونها مسموح لها وقت محدد للخروج والعودة إلى المنزل، ومن أجل أن تكون المرأة اليمنية زوجة مثالية يجب أن تكون سمعًا وطاعة لزوجها"
سياسيًّا، ترى "منى" أنَّ سيدات اليمن مضطدات أيضًا، مستشهدةً بنسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب، والتي لا تتعدى 15%.
الحرب تسقط كل ما هو جميل
الروائي محمد الغرباني يقول: "المرأة اليمنية قديمًا لم تعاني كما تعاني منه في العقد الجديد من الألفية، وهي تحاول بكل جهودها أن تنتزع حقوقها كاملة غير منقوصة، وهذا الأمر لا يعود للتفسيرات المتطرفة للنصوص الدينية السمحاء بل ضاعف من ذلك سطحية الدعوات الحداثية المناصرة للمرأة، إذ حوّلوها لهامش لا يختلف عن الهامش الذي مارسه الكهنوت الديني بشأنها".
وأضاف لـ"مصر العربية": "الأوضاع الحالية أسقطت كل شيء جميل، سواء في العرف القبلي والمجتمعي فالبلاد تعيش الحرب والخراب في كل الجغرافيا وهذا بدوره يضاعف من مأساة النساء بشكل كامل، ومع ذلك لا تستسلم النساء عن الاستمرار في انتزاع حقوقهن وإثبات وجودهن في الساحة اليمنية والإقليمية والدولية وفي كل الظروف".
وشدَّد على ضرورة عودة مؤسسات الدولة للعمل، وأن تكون القوانين منصفة وعادلة تجاه قضايا المرأة بما يجعلها في مكانتها الحقيقية وإبراز دورها في بناء السلام وتحقيق العدالة الاجتماعية، فضلًا عن خطاب إعلامي مسؤول يُوقف كل إشكال الاضطهاد والعنف تجاه المرأة، حسب تعبيره.
مجتمع ذكوري
مديرة علاقات مجلس الثور الوطني منال الثور تقول: "المرأة في اليمن لا نستطيع القول إنَّها مضطهده لكنها تعاني من مجتمع ذكوري.. المجتمعات الشرقية طابعها ذكوري، فالعادات والتقاليد هي عائق كبير أمام المرأة وتقدمها وعملها، وأعتقد أنَّ المرأة تتجاوز كل هذه العوائق من أجل تصل إلى أعلى المناصب وإلى مراكز القيادة رغم التهميش الكبير للمرأة في المجتمع لكن المرأة اليمنية اعتبرها أمرأة قيادية وعندها حب الظهور وعند قدره للمزاحمة والانطلاقة لمستويات بارزة".
"الثور" ذكرت أيضًا: "المرأة اليمنية مضطهدة جدًا رغم ما تقدمه من إنجازات، إلا أنَّها دائمًا خلف الستار لا يسمح لها بالظهور ولا يسمح لها بالمشاركة الحقيقية الفاعلة إلا إذا صنعت هي إنجازًا كبيرًا.. المرأة تحاول أن تتعدى هذه العوائق لكن نتمنى إعطاء المساحة الكبيرة للمرأة حتى في الأحزاب السياسية دائمًا ما تقيد المرأة في دائرة يستغلوها في المظاهرات".
المرأة حاضرة.. لكن ديكور
في تقييم مختلف عمَّا سبق، تتحدَّث الناشطة منى عبد الله عن أنَّ المرأة اليمنية ليست مضطهدة، مؤكِّدةً أنَّها تمارس حقوقها.
وجود المرأة في الشأن السياسي تراه "منى" - في حديثها لـ"مصر العربية" - قائمًا بشكل "ديكور"، غير أنَّ قالت إنَّها أثبتت وجودها في المجالات الأخرى.