وسط تحذيرات من المال السياسي
في حملة الانتخابات التشريعية بالجزائر.. مرشحون يتصارعون ومواطنون عازفون
أسدل الستار على حملة الانتخابات التشريعية في الجزائر، أمس الأحد، والتي تميزت بنكهة حملة الانتخابات الرئاسية 2019، وسط تراشقات حادة من المرشحين وعزوف للمواطنين.
وكان لافتا نشاط رئيس الحكومة عبد المالك سلال (من حزب جبهة التحرير صاحب الأغلبية البرلمانية) الذي خرج بجولات رسمية للولايات في عز الحملة الانتخابية.
فيما نظّم أحمد أويحي رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي تجمعات شعبية في الولايات لصالح مرشحي حزبه، وهو في إجازة إجبارية من منصبه كرئيس ديوان الرئاسة، أقرها الرئيس بوتفليقة، وشملت أيضا الوزراء المرشحين في الانتخابات.
تراشقات المرشحين
وجرى تراشق التصريحات بينهما كمرشحين للانتخابات الرئاسية، فسرها عبد المجيد مناصرة مرشح تحالف حركة مجتمع السلم على أنها "صراع بين حزبي السلطة".
وأفقد عزوف المواطنين عن التجمعات الحملة الانتخابية هدفها الترويجي، مما جعل قضية البرامج مسألة هامشية في خطابات رؤساء الأحزاب الذين غرق أبرزهم في تراشقات لفظية هامشية لا قيمة لها إذا ماقيست بما يقولون إنها تحديات كبيرة تنتظر الجزائر على كل الأصعدة.
وهذا ما حدث بين حزبي السلطة المعروف عنهما احتلال الصدارة بالانتخابات السابقة، جبهة التحرير الوطني ( الأفلان ) والتجمع الوطني الديمقراطي ( الأراندي)، حيث هاجم جمال ولد عباس أمين عام الأفلان في أكثر من مناسبة أحمد أويحيى أمين عام الأراندي بوصف حزبه بـ "المفبرك" وقوائمه الانتخابية من جماعة " الشكارة " أي المال السياسي.
كما أحرجه بعدم وفائه للرئيس بوتفليقة وأنه يطمح بالرئاسة، وهو ما اضطر أويحى أن يرد ليثبت ولاءه للرئيس بوتفليقة دون المغامرة بأي تصريح حول رئاسيات 2019 ، الأمر الذي أعطى الانطباع بوجود حملة انتخابية رئاسية داخل الحملة التشريعية.
المال السياسي
وتميزت هذه الحملة الدعائية للانتخابات التشريعية بارتفاع منسوب هيمنة المال السياسي على قوائم المرشحين ، فاشترى المال السياسي رؤوس القوائم في بعض الأحزاب، وفقا لـ "عبدالمجيد مناصرة".
وقال مناصرة لـ "مصر العربية ": أحذر أن ننتقل من برلمان الحفافات ( الحلاقات ) إلى برلمان الفاسدين، سيكون برلمان الفاسدين أخطر، وعلى الشعب أن يعاقب من استخدم المال الفاسد ومن الأحزاب التي رشحت أصحاب المال الفاسد وباعت الترشح بالمال الفاسد".
مشاركة المرأة
وحدثت سابقة في تاريخ الانتخابات الجزائرية أن تترشح قائمة نسائية بالكامل في ولاية الشلف بالغرب الجزائري، رأس القائمة المحامية دوجة بوسيكة، وباقي المرشحات يحملن شهادات عالية.
وقال رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي لـ "مصر العربية " إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية هو إنصاف لنضالها في حرب التحرير، وفي معركة البناء وفي محاربة الإرهاب، وعندما حدد قانون الانتخابات إجبارية 30% من القائمة الانتخابية نساء لا تعطي المرأة حقها، فنرى أن تترشح الكفاءات وتفوز بثقة الشعب أفضل لمؤسسة البرلمان التشريعية من الكوتة ( الحصة )، وواثقون من فوز المرأة لكفاءتها".
وكانت المرأة في القوائم الانتخابية محل مزايدات لدى الأحزاب، فقانون الانتخابات حدد إجبارية 30% نساء في القوائم الانتخابية، غير أن الأحزاب صارت تتبارى في ترشيح أكثر من النسبة القانونية وهي الحد الأدنى، فتراوحت مشاركة النساء بين 40% و 50% ، مما يرفع نسبة عدد النساء في برلمان 2017 عما في البرلمان المنهية عهدته 30.4%.
غياب المواطنين
ورغم جلبة تحرك رؤساء الأحزاب لتنشيط مهرجانات انتخابية للترويج لمرشيحهم إلا أن الناخبين لم يكترثوا بتلك المهرجانات، وذكرت الصحافة الجزائرية أن 52% من التجمعات ألغيت لغياب المواطنين عنها ، فلجأ المرشحون للنشاط الجواري، بأن يذهبوا إلى الأسواق والمقاهي ويتحدثون للناس في لقاءت عفوية.
وشكل هذا العزوف للمواطنين هاجسا ليس للسلطة فقط بل وللأحزاب الموالاة والمعارضة على حد سواء، لذلك كان الخطاب الأبرز حث المواطنين على الإقبال على صناديق الإقتراع في 4 مايو، وتنوعت مبررات المرشحين لهذه الدعوات الملحاحة للناخبين.
أما أحزاب الموالاة اتسم خطابها بـ "التخويف" من الويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم ينتخب المواطن، باعتبار الانتخابات طريق استقرار الجزائر، والنأي بالبلاد عما يجري في العالم العربي من فوضى.
بينما أحزاب المعارضة كانت دعوتها لتغيير الأغلبية كي تستطيع تشكيل حكومة من هذه الأغلبية لأن تعديل الدستور يخول رئيس الجمهورية تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية.
بدوره قال لـ "مصر العربية" الدكتور عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم: "عندما تتغير الأغلبية الراهنة الفاسدة، وتأتي أغلبية أخرى ونكون نحن التحالف في الطليعة نشكل حكومة من كل القوى السياسية متناغمة مع البرلمان للاهتمام بمشاكل المواطن وسيادة القانون".
واعتبرت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال الشيوعي (التروتسكي)، في مهرجان نظمته بجيجل، أن الرهان الأساسي للانتخابات التشريعية في 4 مايو المقبل هو "الحفاظ على استمرارية الجمهورية، ودعت حنون إلى التعبئة و المشاركة بكثافة في الاستحقاق المقبل لأجل تجسيد "فاعلية" الدستور الحالي وتحقيق أغلبية حقيقية في البرلمان المقبل لسد الطريق أمام الأوليغارشيا.
وحث الأحزاب للناخبين على الإقبال يوم الاقتراع كان لسان حال جميع الأحزاب ، فضلا عن الملصقات التي ملأت شوارع المدن والبلدات الجزائرية، "سمّع صوتك" كتبت على صور لكل فئات المجتمع نساءا ورجالا وشيبا وشبانا ، وومضات إشهارية في الإذاعة والفضائيات .
غير أن المحلل السياسي سعد بوعقبة كتب في آخر يوم في الحملة الإنتخابية " لا.. ليست مقاطعة الانتخابات هي الخطر على البلاد! بل تزوير الانتخابات هو الخطر".
وأضاف: "إذا لم يصوّت الشعب في هذه الانتخابات فالسبب ليس العمالة للخارج أو التواطؤ مع القوى الخارجية لضرب استقرار الجزائر، بل السبب هو سحب السيادة من الشعب وتسليمها إلى المال الفاسد والأحزاب المفبركة بواسطة التزوير السياسي والقانوني والدستوري! "
وكان الرئيس بوتفليقة قد وجه عشية اختتام الحملة الانتخابية رسالة للقائمين على الانتخابات دعاهم للحياد والنزاهة، وأن هناك بعثات دولية لمراقبة الانتخابات دعتها الجزائر بكل سيادة ، والجزائر عضوة أو شريكة في تلك المؤسسات الدولية ، الجامعة العربية ، الأمم المتحدة، منظمة التعاون الإسلامي ، الاتحاد الأوربي .
وتنتظر السلطة والأحزاب يوم الانتخابات الخميس القادم 4 مايو بفارغ الصبر وعين الجميع على المشاركة، وابتداء من اليوم الأثنين، ستدخل البلاد فترة "الصمت الانتخابي" الذي يحظر فيها التجمعات العامة، استعدادا ليوم التصويت.