هل رفعت الإمارات الشارة البيضاء لـ«بقاء» بشار الأسد؟
"انتصار وراء انتصار".. لم يعد يقتصر التقدم الذي يحرزه نظام الرئيس السوري بشار الأسد على التطورات العسكرية والقتالية على الأرض أمام المعارضة المسلحة، بل طالت أيضًا أمورًا دبلوماسية.
مدعى ذلك ما كشفته مصادر دبلوماسية، تحدثت عن أنّ دولة الإمارات في طريقها لاستكمال إجراءات إعادة فتح سفارتها في دمشق.
المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، قالت لموقع عربي 21، إنّ رئيس الاستخبارات الإماراتي علي محمد الشامسي التقى في دمشق، مدير مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، لمناقشة إعادة العلاقة الدبلوماسية بين الطرفين.
وأكدت المصادر أنّ أبو ظبي تجري حاليًّا أعمال الصيانة في مبنى سفارتها في دمشق، تمهيدًا لإعادة افتتاحها.
وكانت السفارة الإماراتية في دمشق، قد تعرضت لهجوم في نوفمبر 2011، وحينها حمّلت أبو ظبي، النظام السوري مسؤولية الحفاظ على أمن السفارة والبعثة الدبلوماسية.
وقبل نحو ثلاث سنوات، وتحديدًا في يوليو 2015، ذكرت تقارير أنّ أبو ظبي أرسلت وفدًا بالتنسيق مع النظام السوري، لتفقد أحوال مبنى السفارة في دمشق، لكنّ وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، نفى في أغسطس 2016، أي توجه لبلاده لإعادة فتح سفارتها في دمشق.
عندما وقعت الحرب الأهلية السورية في سوريا التي لا تزال مستمرة، قال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، في 25 سبتمبر 2013، إنّ بلاده ستواصل دعم السوريين وتطلعاتهم المشروعة لاستعادة الأمن والاستقرار في البلاد، ومع ذلك، كان المعلن خلال السنوات الماضية أنّ الإمارات العربية المتحدة لا تدعم بنشاط حكومة بشار الأسد.
في 13 يناير 2014، قال نائب الرئيس ورئيس الوزراء وأمير دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أنه لا يمكن أن يكون هناك حل طويل الأجل لإنهاء الحرب مع الأسد في السلطة، وتنبأ بأن الرئيس السوري سيفقد السلطة في نهاية المطاف.
على الرغم من أنّ الإمارات تتحدث بين حين وآخر عن دعم خطابي ودبلوماسي للمعارضة السورية، إلا أنها متهمة بالحفاظ على علاقاتها مع النظام، وقبل سنوات كان يمكن وصف موقفها من الصراع السوري بأنّه "أقل عدوانية" من السعودية أو قطر، ولكن بخلاف مصر في دعم الأسد بشكل غير مباشر.
بيد أنّ الحديث حاليًّا عن إعادة فتح السفارة الإماراتية في سوريا تمهيدًا لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يؤشر إلى مرحلة جديدة في سياق الرؤية الإماراتية للأزمة في سوريا، تعتبر قريبة بشكل كبير من رؤية المملكة العربية السعودية.
الرياض، كانت تقارير قد تحدثت عن تخليها عن رحيل بشار الأسد، وذلك ضمن جملة سياسات تتبعها المملكة في الفترة الأخيرة، مرتبطة بالتحديات والقضايا الراهنة، وأبرزها الأزمة الخليجية وكذا الحرب في اليمن، بالإضافة إلى العلاقات مع إيران والاحتلال الإسرائيلي.
ولعل قاسمًا مشتركًا يبدو واضحًا في هذه القضايا، وهو التحالف بين الرياض وأبو ظبي، لا سيّما في حرب اليمن وكذا حصار قطر، وهو ما يجعل مواقفهما متشابهة إلى حد كبير، وفيما يتعلق بالأزمة السورية، ورغم أنّ ذلك غير معلن، لكن يبدو أنّهما يفضلان بقاء الأسد في الحكم رئيسًا لسوريا، ضمن إعادة تشكيل المنطقة، لا سيّما بالنظر إلى الموقف القطري من دعم المعارضة السورية المسلحة، التي تُوصف لدى جهات إعلامية سعودية وإماراتية بأنّها إرهابية.
في معرض تعليقه على تصريحات المصادر الدبلوماسية، يشكّك السياسي والمعارض السوري تيسير النجار في حقيقة هذا التوجه الإماراتي الجديد.
ويقول في حوارٍ مع "مصر العربية"، يُنشر لاحقًا: "الإمارات لم تقف أبدًا في يوم من الأيام إلى جانب بشار الأسد، الإمارات ليست مع قتل الشعوب العربية وتحديدًا الشعب السوري".
ويضيف: "الإمارات لا يمكن أن تقف مع الدمار، لكنّها في الوقت نفسه مع جماعات الإسلام السياسي، وهناك فرق كبير بين الأمرين، لذلك فهي ليست ضد الشعب السوريين، لكنّها مع تقدم الشعوب".
ويجيب "النجار" عن سؤاله حول عدم دعم الإمارات لفصائل المعارضة المسلحة باعتبار أنّ أغلبها محسوب على تيارات الإسلام السياسي: "هذا موضوع عسكري، يتعلق بطبيعة المواجهات على الأرض، والجماعات المقاتلة هي التي تعرف ذلك، لكن بشكل عام هناك الكثير من الدول التي تشارك في ذلك، لا أعلم إن كانت الإمارات مشاركة في ذلك أم لا".
لكنّ المعارض السوري يشيد بدور الإمارات في الدور الإغاثي في سوريا، وكذا دعمها لملف اللاجئين السوريين.
ويؤكّد النجار أنّ الإمارات وكذا السعودية لا تقدمان أي شكلًا من أشكال الدعم لجماعات الإسلام السياسي في سوريا من خلال الأجهزة الحكومية بشكل علني، لكنّ ما يقدم من دعم هو أمر غير رسمي، إنما يتم بأحد المشايخ في أيّ من الدولتين، وبالتالي يقدم هذا الدعم.