«التواصل مع أقارب الضحايا».. هل يُنصف الفلسطينيين ويردع الاحتلال؟
في قواميس الكون، هناك جريمة وعقاب، فالثانية تُستوجب لمن يرتكب الأولى، لكن قبل ذلك، يتوجب أن يكون هناك حق يدافع عنه مطالب.
قبل أيام، أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قرارًا يقضي بالتواصل مع ضحايا الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، كخطوة أولية قبل البدء بالتعامل مع القضايا التي سترفع أمام المحاكم الدولية من قبل الضحايا.
"الدائرة" قرارًا أمرت إنشاء نظام خاص بالمعلومات وفعاليات التوعية على وجه السرعة لصالح الضحايا والتجمعات السكانية المتضررة في سياق الحالة في فلسطين، وإنشاء صفحة معلومات على الموقع الإلكتروني الخاص بالمحكمة، مخصصة للضحايا في فلسطين.
وقالت إنّ هذا القرار لم يأتِ بناءً على طلب من المدعية العامة للمحكمة، حيث أنّ المدعية لم تعلن انتهاء الدراسة الأولية في الحالة في فلسطين والشروع بتحقيق رسمي، مضيفةً أنّ المدعية نفسها لم تتخذ هذا القرار.
وشدّدت الدائرة التمهيدية على الدور الذي يلعبه الضحايا في إجراءات المحكمة، مؤكدةً التزامات المحكمة القاضية بالسماح للضحايا بتقديم وجهات نظرهم ومخاوفهم بشكل ملائم، بما في ذلك أثناء مرحلة الدراسة الأولية.
وأشارت إلى أنّ هذا يتطلب تزويد الضحايا بمعلومات كافية ودقيقة حول دور المحكمة ونشاطاتها، موضحةً أنّه عندما تقرر المدعية العامة فتح تحقيق، فإنّ الدائرة ستقوم لاحقًا بتقديم تعليمات أوفر لقلم المحكمة.
هذا التطور يأتي بعد نحو شهرين على طلب تقدمت به فلسطين، تحديدًا في 22 مايو الماضي، بطلب إحالة إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، تطالب فيها بالتحقيق في الجرائم الإسرائيلية التي وقعت في الماضي، والجرائم الجارية والمستقبلية، ضمن نطاق اختصاص المحكمة في مناطق السلطة الفلسطينية.
وتنص المادة رقم 14 من "نظام روما الأساسي" للمحكمة الجنائية الدولية 1998 على أنّه "يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أي حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وأن تطلب من المدعي العام التحقيق في الحالة؛ بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام إلى شخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم".
وأصبحت فلسطين العضو رقم 123 في المحكمة الجنائية الدولية، في 1 أبريل 2015، وذلك بعدما تقدمت في 2 يناير 2015، بطلب الانضمام إلى تلك المحكمة، وهو الأمر الذي أثار غضب إسرائيل، ودفعها لتجميد تحويل أموال الضرائب للسلطة.
لكن، إذا كان قرارٌ ما قد صدر ووفّر تربة خصبة من أجل حصول الفلسطينيين على حقوقهم، إلا أنّ الجانب الأهم ينصّب على ما يجب أن تفعله السلطة في هذه الحالة، وضرورة العمل الدؤوب من أجل استغلال ذلك، على الصعيد السياسي والقانوني.
تعليقًا على ذلك، يقول الدكتور خالد سعيد المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي: "الدبلوماسية الفلسطينية حقّقت نتائج إيجابية في الفترة الأخيرة، أولها الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة كعضو غير دائم".
ويضيف في حوارٍ لـ"مصر العربية" يُنشر لاحقًا: "هناك أيضًا خطوة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وغيرها من المؤسسات الدولية القادرة على لعب دور فعال من أجل نصرة القضية الفلسطينية".
ويشير إلى أنّه يتوجب العمل من أجل كسب تعاطف المجتمع الدولي، لا سيّما من قبل الحركات اليسارية التي تشجع لدعم القضية الفلسطينية، وأغلبها يوجد في السويد والنرويج ودول أوروبية وأمريكية.
ويلفت "سعيد" إلى أنّ السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة نظّم معرض صور في مقر المنظمة، عن الحرائق التي سبّبتها الطائرات الورقية، في محاولة لتصوير أنّ فلسطين تمارس إرهابًا.
ويتابع: "المجتمع الفلسطيني غير قادر على فعل ذلك.. يتوجب نشر صور وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين من أجل كسب التعاطف الفلسطيني".
ويوضح: "يمكن نشر صور ضحايا آخر حرب شنّتها إسرائيل على غزة في 2014، وأيضًا الجرائم التي ارتكبت عند الجدار العازل، ولن يوجد ما يمنع ذلك في الأمم المتحدة، لأنّ هناك تعاطفًا دوليًّا كبيرًا داخل المنظمة مع القضية".
ويشدّد "سعيد" على أنّه يتوجب البدء سياسيًّا واقتصاديًّا من أجل العمل في هذا السياق.