خوفًا من صواريخ المقاومة.. إسرائيل تبني جدارًا شمال غزة بمئة مليون شيكل
شرعت دولة الاحتلال الإسرائيلي في إقامة جدار خرساني في المنطقة المكشوفة على السياج الأمني شمال قطاع غزة، بعد نجاح المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عملية نوعية باستخدام صاروخ "كورنيت" موجه استهدف سيارة عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال جولة التصعيد الأخيرة.
وبحسب وسائل إعلام عبرية فإن الجدار الخرساني مدمج بتقنيات ذكية، وتبلغ كلفته حوالي مئة مليون شيكل (27.8 مليون دولار) وسيتم بناؤه على طول مسارات السكة الحديد، بهدف حماية القطار -الذي يسير في المنطقة المكشوفة من جهة قطاع غزة- من أي استهداف لفصائل المقاومة في أي جولة تصعيد مقبلة.
ونقلت القناة العبرية الـ12 على موقعها الإلكتروني على لسان وزارة النقل الإسرائيلية أن الوزارة نقلت الكثير من الطلبات لمجلس الأمن القومي، وللمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت" للحصول على أذن بالبدء في توفير ميزانية للجدار الخرساني.
صواريخ "بدر" و كورنيت
وسبق أن نشر الموقع الإلكتروني العبري "ديبكا"، صباح الثلاثاء الماضي، أن حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية في قطاع غزة، استخدمت للمرة الأولى صواريخ "بدر 3" الإيرانية، ذات القدرات الكبيرة، والتي لم ترها بلاده من قبل.
وذكر الموقع الإلكتروني الاستخباراتي العبري "ديبكا" أن الصاروخ الإيراني استخدم الشهر الماضي في اليمن، وهو صاروخ يحمل رأسا متفجرا بوزن 250 كغ، ويبلغ مداه أكثر من 160 كم، فضلا عن أن له ميزة أخرى مهمة، وهي أنه لا ينفجر عندما يضرب الهدف، ولكن عندما يكون فوق الهدف بنحو 20 متراً.
سرايا القدس تعلن مسؤوليتها عن استهداف مدينة عسقلان المحتلة بصاروخ بدر "3" المطور لأول مرة pic.twitter.com/XERilsav2i
— وكالة شهاب (@ShehabAgency) May 5, 2019
وأورد الموقع الاستخباراتي العبري أن الصاروخ يطلق 1400 شظية، مما يوسع من قدرته على إتلاف المنشآت والمنازل بالقرب من نقطة الانفجار، التي يسقط فيها.
يشار إلى أن سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، أعلنت مسؤوليتها عن استهداف مدينة عسقلان الإسرائيلية بصاروخ "بدر 3" المطور لأول مرة، وذلك يوم الأحد الماضي.
وخلال جولة التصعيد الأخيرة، بثت كتائب القسام -عبر غرفة العمليات المشتركة- مقطع فيديو يظهر إصابة سيارة جيب عسكرية بصاروخ كورنيت موجه، واشتعال النيران فيها، وقد ظهر قطار يمر في المكان في لحظة الاستهداف.
وقال الصحفي الإسرائيلي ألموغ بوكير مراسل القناة العاشرة العبرية، إنه ”بعد إطلاق الصاروخ المضاد أمس على مركبة القتيل موشيه فيدر الذي يعمل في مؤسسة الجيش سيتم تشييد جدار دفاعي بارتفاع حوالي مترين وطول 600 متر.
تأتي تلك الخطوة في أعقاب استهداف حماس والجهاد الإسلامي ناقلة جند إسرائيلية قرب الحدود الشرقية لوسط قطاع غزة وتدميرها وتصوير العملية بالفيديو وعرضها على الإنترنت.
وقالت ”كتائب القسام“ و“سرايا القدس“، في بيان صحفي مشترك إنه ”في إطار عمليات الغرفة المشتركة (تضم الفصائل الفلسطينية) للرد على العدوان تم استهداف ناقلة جند صهيونية شرق المحافظة الوسطى بصاروخ كورنيت (موجه مضاد للدروع)“، دون مزيد من التفاصيل.
المقاومة : الجدار سيفشل
لكن فصائل المقاومة تؤكد أن هذا الجدار سيفشل كما فشلت كل التحصينات التي سبقته في حماية الاحتلال من عمليات المقاومة التي تتطور في كل مواجهة عن سابقاتها.
وقال أبو مصعب، وهو قيادي ميداني في كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن "تكبد دولة العدو هذا المبلغ الكبير لبناء جدار خرساني يمثل خسارة كبيرة لها، وانتصارا آخر تحققه المقاومة".
وكشف النقاب عن أن دولة الاحتلال تكتمت على خسائرها نتيجة عملية الكورنيت النوعية التي استهدفت سيارة جيب تابعة للاستخبارات العسكرية للاحتلال، ولذلك تخشى تكرار المقاومة لمثل هذه العمليات ، بحسب قناة"الجزيرة".
وأكد أبو مصعب أن ما يخشى العدو حدوثه كانت المقاومة الفلسطينية قادرة عليه في أوقات كثيرة سابقة، ولكنها إستراتيجيتها وأهدافها التي تحددها بوعي وبدراسة متأنية.
وشدد على أن المقاومة في غزة قادرة في كل وقت، وتمتلك من الإمكانيات ما يؤهلها لمفاجأة العدو بعمليات نوعية من حيث لا يحتسب، مؤكدا أن هذا الجدار الخرساني لن يقف عائقاً أمام المقاومة للرد على اعتداءات إسرائيل وجرائمها.
قدرات متجددة وفشل مستمر
واتفق الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية محمد البريم (أبو مجاهد) مع أبو مصعب على أن مثل هذه الجدران لن تؤثر على قدرات المقاومة في غزة التي تعمل باستمرار على تطورات قدراتها وإمكانياتها، ولن تعدم الوسيلة في الوصول إلى أهدافها.
وأوضح أبو مجاهد للجزيرة نت أن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الاحتلال عزل غزة بجدران وكثبان رملية، في محاولة لحماية ما تسمى "مستوطنات غلاف غزة" من صواريخ المقاومة، وتشويش الرؤية لحماية جنوده من قناصة المقاومة، لكن كان للمقاومة في كل مرة تكتيك جديد يفاجئ الاحتلال ويحقق نجاحات وإنجازات.
وحول خشية إسرائيل من استهداف المقاومة للقطار الذي يمر بالمنطقة المكشوفة شمال قطاع غزة، قال أبو مجاهد إن المقاومة في غزة واعية وتعمل وفق آليات وسياسات، وتحدد أهدافها بدقة وبناء على رؤية ودراسة ولا تتعامل بردات فعل عشوائية.
بدوره، قال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم إن الاحتلال لا يتوقف عن إقامة التحصينات على حدود قطاع غزة، وهو كذلك يفعل في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن المقاومة ستكون كل مرة قادرة على تجاوز كل التحصينات، وهذا ما أثبتته جولة التصعيد الأخيرة حيث استطاعت المقاومة تجاوز منظومة القبة الحديدية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إن إسرائيل تلجأ كل مرة تتعرض فيها لخسائر جراء العمليات النوعية للمقاومة إلى الحلول الوقائية التقنية وبناء الجدران، رغم أن هذه الحلول أثبتت فشلها أمام المقاومة التي تطور باستمرار أدواتها.
وأكد أن إسرائيل تسعى إلى إرضاء جمهورها الداخلي عبر الإعلان عن إقامة مثل هذه الجدران والتحصينات، لكن سرعان ما تنهار خططها وتفشل أمام المقاومة التي تثبت كل مرة أنها غير ساكنة وفي تطور مستمر.