رغم خسائرها في إدلب..
بمواجهة عسكرية في الشمال.. هل تغامر تركيا ضد الروس؟
كثيرة هي السيناريوهات التي يحملها الشمال السوري في الآونة الأخيرة، فرغم حديث الخبراء عن احتمالية مواجهات عسكرية بين أنقرة ضد دمشق وموسكو، إلا أن البعض استبعد تلك المواجهات.
نهاية فبراير الجاري ربما تكون أكثر حدة، تحديدا في ظل استمرار تقدم النظام السوري في الشمال، وسط تهديدات تركية من أعلى رأس في أنقرة، رجب طيب أردوغان والذي منح جيش الأسد مهلة للانسحاب حتى نهاية فبراير الجاري.
التلويح التركي بالحرب ضد الأسد، لم ينصت لها النظام، بل استمر في تحركاته وهجومه العسكري الذي كبد المعارضة خسائر كبيرة في مناطق عدة.
الخسائر في الشمال لم تنال المعارضة فقط، بل كان لأنقرة نصيب أيضا من الهجمات، فقتل من الجيش التركي نحو 14 جنديا، وأصيب البعض، في هجوم للنظام السوري على نقاط المراقبة التركية.
هجمات النظام قابلها الأتراك برد على مناطق عسكرية للجيش السوري، بحسب وسائل إعلام تركية.
مراقبون يرون أن مكاسب الأسد الأخيرة في محافظة حلب شمال غرب البلاد، كشفت حجم التعاون "الهش" بين أنقرة وموسكو، اللتين تدعمان طرفين متنازعين في الحرب الدائرة في سوريا.
في السياق، وفي استمرار لتقدم الأسد، أعلنت القيادة العامة للنظام، عن تحرير عشرات القرى والبلدات في ريف حلب الغربي والشمالي الغربي، وذلك بعد سلسلة من العمليات العسكرية المركزة ضد مواقع وتحصينات ما وصفته بـ"التنظيمات الإرهابية".
وتتغير خريطة النفوذ في الشمال السوري بشكل متسارع، حيث سيطر الأسد بشكل كامل ولأول مرة منذ 9 أعوام على 30 بلدة وقرية في ريفي حلب الغربي والجنوبي، وبهذا يكون قد استعاد السيطرة على نحو 95 بالمئة في الريفين، ويضم المنطقة لتلك التي تخضع لسيطرته أيضا بريف إدلب الجنوبي الشرقي.
ويجعل تقدم النظام السوري الأخير، مناطق سيطرة الفصائل المسلحة بريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي، تبدو وكأنها "معزولة تماما"، وبعد هذا التقدم لم يتبق للجيش السوري سوى مناطق معدودة تفصله عن تأمين مدينة حلب بشكل كامل.
ويسعى النظام إلى التقدم باتجاه مناطق مجاورة أبرزها الأتارب غربي حلب، ليكون بذلك ملاصقا لمناطق ريف إدلب الشمالي.
ويأتي تقدم النظام بعد أن نجحت في طرد مسلحي المعارضة من طريق "إم 5" السريع الرئيسي، الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق، مما أعاد فتح أسرع طريق بين أكبر مدينتين سوريتين للمرة الأولى منذ سنوات.
ومع هذه التطورات السريعة المتلاحقة، تكون أهداف دمشق وموسكو من الحملة العسكرية الأخيرة قد تحققت بالسيطرة على الطريق الدولي "إم 5"، وتأمين كامل مدينة حلب، وعزل إدلب لتكون وجهة الحملة العسكرية المقبلة.
ولوقف تقدم الأسد، دعت تركيا روسيا إلى وقف الهجمات محذرة إياها من أنها ستستخدم القوة العسكرية لدفع القوات السورية للتقهقر إذا لم تنسحب من إدلب بحلول نهاية الشهر الجاري.
وعلى خط المواجهة، أرسلت تركيا حتى الآن آلاف الجنود ومئات الأرتال المحملة بالعتاد العسكري، لتعزيز مواقع المراقبة التي أقيمت في إدلب بموجب اتفاق لخفض التصعيد أبرمته مع روسيا عام 2018.
الناشط السياسي السوري عبد الرحمن الدمشقي، قال في تصريحات سابقة لمصر العربية، إن ما يحدث في الشمال السوري حتى الآن، هي حرب كلامية، تركيا قامت بالرد بعدة مناسبات من خلال استهداف مواقع للنظام، وأيضا إسقاط طائرة مروحية وإصابة أخرى حربية سواء بشكل مباشر أو عن طريق تزويد الجيش الوطني بمضاد طائرات.
وأوضح لـ "مصر العربية" أن النظام قام باستهداف النقاط التركية بعدة مناسبات وكلها إما بأوامر روسية أو بعلمها على الأقل، مضيفا أن الجيش التركي قام بالتشويش على طائرات النظام عدة مرات، واليوم استهدف عدة مواقع للنظام من خلال إطلاق صورايخ شديدة الانفجار من داخل تركيا.
وقال: لدى تركيا أكثر من 12000 جندي و2000 دبابة ومدرعة وراجمات صورايخ ومدافع ومنظومات مضادة للطائرات داخل سوريا، كما أنها نصبت على الحدود منظومات حرب إلكترونية واستقدمت أكثر من 50000 جندي إلي الحدود مع سوريا بالإضافة إلى عدد كبير من العتاد العسكري والتأهب على أعلى مستوى وهناك زيارات من مسؤولين رفيعي المستوى للقوات الموجودة على الحدود.
وتابع: أعتقد أن هذا الأمر سيمر مرور الكرام، اليوم الحرب تقرع طبولها ولكن السؤال الأهم هل ستقف روسيا مع النظام عند التصادم مع تركيا أم ستحيد نفسها وتقف موقف المتفرج؟، قائلا: أعتقد بأنها ستقف موقف المتفرج لأن دخولها مع تركيا في حرب أمر محرج لها وسيؤدي إلى الاستنزاف الكبير لها، وخاصة بُعد الجيش الرئيسي لها عن سوريا بعكس تركيا التي تربطها بسوريا حدود برية.
في حين قال الخبير العسكري والاستراتيجي فايز الدويري، إن على تركيا أن تتعامل مع الواقع الجديد على الأرض، وتوازن علاقاتها مع كل من موسكو وواشنطن، وتواجه حقيقة التقدم الذي أحرزه الجيش السوري بدعم روسي.
وأشار الدوري إلى أن الهدف الأساسي للعمليات العسكرية يتمثل بعزل منطقة ما يطلق عليها إدلب وسهلها، وهو ما يستلزم إحكام القبضة على الريف الجنوبي والغربي والشمالي الغربي لحلب.
وعن توقعاته بشأن اندلاع مواجهة تركية روسية في سوريا، أوضح الدويري قائلا: "هناك عوامل عديدة تحول دون دخول تركيا في نزاع مع روسيا، أبرزها العلاقات الاقتصادية بين البلدين الساعيين لإيصال حجم التبادل التجاري بينهما لـ100 مليار دولار".
وبين الخبير العسكري والاستراتيجي أن تركيا قد تلجأ لورقة ضغط "النازحين" إن اجتيحت إدلب وسهلها، حيث يقطن في تلك المنطقة ما يقارب 3 ملايين ونصف المليون نسمة، وعليه ستعتبر أنقرة هؤلاء تهديدا لأمنها القومي، وتلوح بإرسالهم إلى أوروبا.
وحول سيناريوهات معركة إدلب، قال الدويري إن تركيا قد ترغم على قبول "خطوط تماس" جديدة، إن اقتصرت العمليات العسكرية في محيط طريقي "إم 4" و"إم 5"، لكنها قد توجه ضربات للجيش السوري إن تطورت العمليات واتسعت رقعتها. وفق سكاي نيوز.
وخلال الأيام الأخيرة توترت الأجواء بين الأسد والروس من جانب وأنقرة والفصائل السورية المعارضة من الجانب الآخر، وسط دعم أمريكي لتركيا.