في أربعينية انفجار بيروت.. حكومة متعثرة والاحتجاجات تحاصر «بعبدا»
بعد نحو 40 يوما على انفجار مرفأ بيروت، والجهود الفرنسية الحثيثة التي أعقبته للخروج بلبنان من أزمته السياسية والاقتصادية، لا تزال عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة متعثرة بسبب الخلاف على حقيبة المالية، وسط احتجاجات شعبية غاضبة من إدارة التحقيقات الجارية في الانفجار الهائل، الذي خلف ما يقرب من مائتي قتيل ودمر احياء واسعة من بيروت.
وكشفت وسائل إعلام محلية، اليوم الأحد، عن فشل مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحل عقدة حقيبة وزير المالية في الحكومة اللبنانية الجديدة.
ونقل موقع "النشرة" اللبناني عن مصادر خاصة أن ماكرون أجرى اتصالا برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري حيث دار الحديث بينهما بشأن العقدة التي تعرقل تشكيل الحكومة.
وبحسب المصادر، فإن العقدة الحالية متمثلة في حقيبة المالية التي يتمسك بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجماعة "حزب الله" خاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية على وزير المالية السابق علي حسن خليل المحسوب على هذا التيار.
من جانبه، زار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري رئيس المجلس النيابي أيضاً من أجل التباحث في حل لهذه العقدة، لكن لم يتم التوصل إلى أي نتيجة تذكر.
واستقالت الحكومة اللبنانية برئاسة حسان ديان في أعقاب كارثة المرفأ، لكن لبنان رفض إجراء تحقيق دولي، قائلًا إنه سيتكفل بالتحقيق بمساعدة خبراء أجانب.
وأسفرت الضغوط التي مارسها الرئيس الفرنسي على الكتل السياسية اللبنانية في أعقاب الانفجار، عن الاتفاق على تولي مصطفى أديب السفير اللبناني لدى ألمانيا للحكومة.
وفي إطار جهود حثيثة للخروج من المأزق اللبناني، زار ماكرون البلد المأزوم سياسا واقتصاديا مرتين عقب الانفجار.
وأعلن ماكرون في زيارته الثانية مطلع الشهر الحالي التوافق مع القوى السياسية على خارطة طريق تتضمن تشكيل حكومة بمهمة محددة خلال مهلة أسبوعين، تضمّ "شخصيات كفؤة " تلقى دعماً سياسياً وتنكب على اجراء اصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم دولي.
ولا تزال مساعي التأليف مستمرة وتصطدم بمطالب بعض القوى السياسية، رغم قرب انتهاء المهلة المتفق عليها في بلد يستغرق فيه تشكيل الحكومة عادة أسابيع أو حتى أشهراً.
وفي ظل الخلاف الدائر بشأن حقيبة المالية، دعا المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش إلى الإسراع في تشكيل حكومة "ذات صدقية" في لبنان، مؤكداً أنه شرط لا بدّ منه لإطلاق المرحلة الثانية من الدعم الدولي للبلد الغارق في أزماته.
وقال في مقابلة مع وكالة فرانس برس، السبت، بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، "نحن بحاجة إلى حكومة ذات صدقية تتمتع بثقة اللبنانيين ومصممة على قيادة البلاد في الاتجاه الصحيح".
ووصل المفوض الأوروبي إلى بيروت السبت على رأس شحنة مساعدات إنسانية، هي الثالثة التي تكفّل الاتحاد الأوروبي بإيصالها إلى لبنان بعد انفجار المرفأ المروع في 4 أغسطس. وتضمنت سيارات إسعاف، ومعدات حماية شخصية وأدوية.
وخصّص الاتحاد الأوروبي 64 مليون يورو للاستجابة الطارئة للانفجار الذي أسفر عن مقتل أكثر من 190 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، عدا عن إلحاق أضرار جسيمة بعدد من أحياء العاصمة، ما شرّد نحو 300 ألف من سكانها.
وعلى صعيد الشارع اللبناني، نظم مئات اللبنانيين السبت مسيرة باتجاه القصر الرئاسي للتنديد بـ"سوء" إدارة السلطات للتحقيقات في الانفجار الضخم الذي هز مرفأ بيروت قبل 40 يوما.
وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن الجيش عمل على إبعاد المتظاهرين بالتقدم نحوهم، وإن بعضهم رشق القوات بالحجارة والعصي وزجاجات المياه.
وأظهرت مقاطع مصورة، لم يتسن التحقق من صحتها، إطلاق عناصر من الجيش دفعات من أعيرة نارية في الهواء.
وكانت مسيرة قد انطلقت من أمام قصر العدل في بيروت، ووصلت إلى طريق الأوتوستراد المؤدي إلى القصر الجمهوري.
ودعا البعض إلى استقالة الرئيس ميشال عون وسط ترديد آخرين شعارات برزت في الخريف الماضي إبان نشوء الحركة الاحتجاجية ضد الطبقة السياسية اللبنانية.
وجاءت المسيرة استجابة لدعوة مجموعات ناشطة للمشاركة في التظاهر أمام قصر بعبدا، وفق بيان قالت فيه: "أربعون يومًا على جريمتكم، لسنا هنا اليوم لنطالب برحيلكم فحسب بل لمحاكمتكم... أربعون يومًا لم تجف فيها دموعنا على ضحايانا الذين سقطوا غدرًا في (انفجار مرفأ بيروت)".
وحسب وكالة الأنباء الوطنية، وقعت مصادمات بين المتظاهرين وقوات الجيش "الذي تصدى لهم ومنعهم من الاقتراب وتخطي السياج الشائك".
وتزامنا مع ذلك، كانت هناك تظاهرة مؤيدة للرئيس اللبناني، من التيار الوطني الحر، في نطاق قصر بعبدا.
وقال الجيش اللبناني، في حسابه عبر تويتر، إن "الجيش يعمل على تشكيل حاجز بشري للفصل بين تظاهرتين... ويضطر لإطلاق النار في الهواء بعدما قام متظاهرون برشق عناصره بالحجارة وضربهم بالعصي وحاولوا الوصول إلى القصر الجمهوري".
وكانت السلطات اللبنانية قد عزت انفجار المرفأ إلى وجود 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم، كانت مخزنة منذ أكثر من ست سنوات دون إجراءات وقاية كافية.
وأثار الانفجار غضبا شعبيا عارما، خصوصا بعدما أكدت تقارير ومصادر عدة أن السلطات، من أجهزة أمنية ورؤساء ومسؤولين سابقين وحاليين، كانت على علم بمخاطر تخزين هذه المادة في المرفأ.
وأوقف القضاء حتى الآن 25 شخصا، بينهم كبار المسؤولين عن المرفأ وأمنه.