هآرتس: التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يضع مصر والأردن في مأزق كبير
قال المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية بصحيفة "هآرتس" العبرية "تسفي برئيل" إن اتفاق التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات يضع كل من مصر والأردن حليفتي أبوظبي في مأزق كبير، في ظل خشيتهما من أن يؤثر الاتفاق على وضعهما في ملفات شائكة.
جاء ذلك في مقال لـ "برئيل" نشرته الصحيفة اليوم الجمعة بعنوان "مصر والأردن تعتمدان على الإمارات وتخشيان من تأكل وضعهما بعد الاتفاق مع إسرائيل".
وزعم أن لدى القيادة المصرية والأردنية مخاوف وشكوك حول تداعيات اتفاقيات السلام الجديدة.
وأضاف "حتى الآن، كانت مصر والأردن "المفضلين" لواشنطن، حيث لم تتلقيا فقط الدعم السياسي ولكن أيضا المساعدة المالية السخية- مصر بسبب اتفاقيات كامب ديفيد والأردن بسبب تعاونها الأمني الوثيق مع إسرائيل".
ومضى "برئيل" قائلا :"الأهم من ذلك، أن العلاقات الخاصة بين الدولتين وإسرائيل كانت بمثابة رافعة تأثير على سلوك تل أبيب في الضفة الغربية وغزة، وكذلك في الأماكن المقدسة، التي تخضع لوصاية وإدارة الأردن بموجب الاتفاقيات معها".
وقال :"يثير معلقون مصريون الآن بحذر تقديرً مفاده أنه مع زيادة عدد الدول التي تنضم إلى دائرة أصدقاء إسرائيل، فإن تأثير مصر في مواجهة إسرائيل، وفي الشرق الأوسط العربي بشكل عام، سوف يتضاءل".
وأشار "برئيل" إلى الدعم الاقتصادي الذي تقدمه الإمارات لمصر، حيث ضخت الأخيرة مليارات الدولارات كاستثمارات وودائع في البنوك المصرية منذ عام 2013، لافتا إلى أن أبوظبي تمول جزءا كبيرا من تكلفة العاصمة الإدارية، كما ساهمت في تنمية المشاريع بشمال سيناء في إطار الكفاح المصري ضد التنظيمات الإرهابية والجهود المبذولة لتجنيد البدو ضمن هذه الحملة.
وتابع :"الإمارات شريك في الحرب المصرية ضد الحكومة الليبية، ومصر جزء من التحالف الخليجي الذي شكلته السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن. كل هذا يلزم النظام المصري بالدفاع عن سمعة الإمارات، وكبح أي انتقادات ضدها، وإعطاء الأولوية للمصلحة الاقتصادية العسكرية على المبدأ القومي العربي الذي يطالب بإنقاذ فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف محلل "هآرتس":وضع الأردن يشبه الوضع المصري. تلقت عمان العام الماضي منحة بقيمة 300 مليون دولار من الإمارات كمساعدة للتعليم والصحة. في السنوات الأخيرة، تلقت 1.5 مليار دولار دعما من الدولة الخليجية، بالإضافة إلى حوالي 300 ألف مواطن أردني يعملون في الإمارات ويحولون نحو مليار دولار لعائلاتهم كل عام. في الأردن أيضا، كما في مصر، تم التعامل مع الاتفاقيات فقط من خلال تقارير جافة بلا تعامل نقدي أو تحليلي ، كما أمر وزير الإعلام والاتصالات الأردني".
وضرب "برئيل" مثلا على ما وصفه بالقلق المصري من اتفاق التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات قائلاً :"من الأمثلة على هذا القلق ما ورد في تقارير عن ضغوط إماراتية على السودان لتسريع تطبيعه مع إسرائيل. وبحسب تقارير إعلامية عربية، تعهدت دولة الإمارات بتقديم مئات الملايين من الدولارات للدولة الفقيرة، إلى جانب وعود إسرائيلية بمساعدتها في تطوير البنية التحتية الزراعية".
وأضاف :"حتى الآن، كانت مصر هي التي تدير المحور العربي السوداني، في إطار الصراع الذي تخوضه مصر ضد إثيوبيا على بناء سد النهضة وتوزيع المياه بينها وبين السودان. وتخشى القاهرة أن يؤدي تدخل الإمارات في السودان إلى منحها مكانة وسيط بين مصر والسودان، وإجبار مصر على اتباع سياسات تضر بمصالحها".
وزاد بالقول :"عندما لا يتم انتقاد الاتفاقيات (بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين) في وسائل الإعلام، يتم التوجه لمناطق "التهديدات والأخطار". ستجد هناك، على سبيل المثال، مذكرة التفاهم الموقعة بين شركة دوفر تاور الإسرائيلية المملوكة لشلومي فوغل، الذي يمتلك أيضًا ميناء إيلات، وبين موانئ دبي العالمية. وتتحدث المذكرة عن التعاون ودراسة إمكانية توجيه البضائع من الإمارات عبر ميناء إيلات ومن هناك إلى موانئ أشدود وحيفا، مع نية الشركة الإماراتية التنافس على شراء أحواض بناء السفن الإسرائيلية التي تواجه الخصخصة".
وفي هذا الصدد قال "برئيل":أثارت هذه التقارير في مصر بالفعل موجات عاصفة من القلق بشأن التهديد الذي ستشكله مثل هذه الصفقة على حركة قناة السويس التجارية. دشنت مصر قبل سنوات قليلة توسيع قناة السويس، والتي تكلفت مليارات الدولارات- جاء معظمها من التبرعات وشراء السندات من قبل المواطنين المصريين. وعد الرئيس المصري وقتها أن توسيع القناة لن يؤدي فقط إلى زيادة حجم التجارة، بل سيصاحب ذلك أيضا إنشاء مراكز تجارية كبيرة ومشاريع صناعية على شواطئها".
ومضى المحلل الإسرائيلي :"منذ ذلك الوقت، تقلصت حركة النقل البحري عبر القناة بالفعل، وتراجعت الإيرادات وظلت المشاريع الكبرى إلى حد كبير على الورق".
وتساءل "برئيل":ماذا سيحدث لهذه الإيرادات حال قررت الإمارات استخدام الطريق الذي سيمر عبر البحر الأحمر إلى إيلات بدلا من قناة السويس؟ لا توجد تقييمات محددة لهذا الأمر حتى الآن، لكن المخاوف تتزايد".
وهناك أيضا مخاوف في الأردن- بحسب محلل "هآرتس"- من إمكانية أن يؤدي الاتفاق مع الإمارات- ولاحقا مع السعودية- إلى حرمان الأردن من وصايتها ومكانتها الخاصة في الأماكن المقدسة بالقدس، لصالح السعودية التي ستصبح بذلك المسؤولة عن جميع الأماكن الإسلامية المقدسة.
وأضاف "برئيل":لكن حتى قبل ذلك، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيعامل المصلين الفلسطينيين الضيوف القادمين من الخليج، وما إذا كانت نفس القيود التي تفرضها إسرائيل على المصلين من الضفة الغربية وغزة ستطبق عليهم".
ووقعت "إسرائيل" الثلاثاء الماضي في البيت الأبيض بواشنطن برعاية الرئيس الامريكي دونالد ترامب، "اتفاق سلام" مع الإمارات، و"إعلان سلام" مع البحرين، في خطوة وصفته القيادة الفلسطينية بالخيانة.