رغم التحذيرات.. قطار التطبيع مع إسرائيل يقترب من السودان

كتب: إسلام محمد

فى: العرب والعالم

19:24 22 أكتوبر 2020

أثار الكشف عن زيارة سرية قام بها وفد إسرائيلي، اليوم الأربعاء، إلى الخرطوم التكهنات بشأن تطبيع وشيك للعلاقات بين إسرائيل والسودان، في أعقاب خطوة مماثلة قامت بها كل من الإمارات والبحرين.

 

وتسعى واشنطن لتسريع خطوة التطبيع الذي يواجه رفضا شعبيا في الداخل السوداني، واعتبره خبراء "لعبة خطيرة" في ظل المرحلة الانتقالية، بينما يصر قادة السودان على الاستمرار في التحركات وصولا للتطبيع على أمل أن يساهم ذلك في رفع البلاد من قائمة الإرهاب.

 

وقالت مصادر سودانية، إن وفدا إسرائيليا زار الخرطوم الأربعاء لبحث تطبيع العلاقات بين البلدين، مؤكدة بذلك معلومات أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية.

 

وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن هذه المحادثات السرية في الخرطوم، وكتبت "تمّ التوصل إلى اتفاق بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي كان يعارض إبرام اتفاقية تطبيع مع إسرائيل"، مؤكدا أن الحكومة الانتقالية "لا تملك سلطة التطبيع مع إسرائيل".

 

وأشارت الصحيفة إلى إعلان محتمل عن الاتفاق مع إسرائيل قد يصدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "في الأيام القليلة المقبلة"، على أن ينضم إليه كل من البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عبر الفيديو.

 

وفي الخرطوم، كشف مصدر حكومي سوداني، أن "وفدا مشتركا أمريكيا إسرائيليا زار الخرطوم الأربعاء والتقى الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي وتباحث معه حول تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية".

 

وأعرب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الأربعاء عن أمله في أن يعترف السودان "بسرعة" بإسرائيل، فيما صرح وزير الاستخبارات الإسرائيلية إيلي كوهين لوسيلة إعلام محلية أن إسرائيل "قريبة جدا من تطبيع علاقاتها مع السودان".

 

وفي الداخل السوداني، ترتفع أصوات منددة بالتقارب مع إسرائيل.

 

وقال الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة السوداني، أكبر الأحزاب المساندة للحكومة الانتقالية والذي يرتكز على خلفية إسلامية في بيان، "إن إقامة علاقات مع دولة الفصل العنصري هو مماثل لإقامتها مع جنوب إفريقيا العنصرية قبل التحرير من الابارتهيد".

 

وأضاف "مؤسسات الحكم الانتقالية غير مؤهلة لاتخاذ أية قرارات في القضايا الخلافية مثل إقامة علاقات" مع إسرائيل، مؤكدا أن الحزب سيسحب تأييده لمؤسسات الحكم الانتقالي إذا أقدمت على ذلك.

 

ويعيش السودان منذ الإطاحة برئيسه السابق عمر البشير، مرحلة انتقالية يتقاسم فيها عسكريون وقادة الحركة الاحتجاجية إدارة البلاد لحين إجراء انتخابات عامة مقررة في العام 2022.

 

وتواجه الحكومة الانتقالية صعوبات اقتصادية في ظل انخفاض حاد في قيمة العملة المحلية، الأمر الذي زاد من الأصوات المنادية برفع العقوبات التي فرضتها واشنطن على السودان منذ تسعينيات القرن الماضي بعد إدراجه على قائمة "الدول الراعية للإرهاب".

 

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الخبير في الشأن السودان بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي مارك لافيرنيه، قوله: "لم يعد السودانيون يحتملون، الفيضانات، التضخم، انقطاع التيار الكهربائي، البلاد منهكة والحكومة عاجزة".

 

ويلفت الباحث إلى أن نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، يؤيد التقارب مع إسرائيل.

 

وفي خطوة اعتبرها المحللون مؤشرا إلى تحركات جارية في الكواليس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن واشنطن تستعد لشطب السودان عن قائمتها السوداء للدول الراعية للإرهاب، لقاء تسديد الخرطوم 335 مليون دولار لضحايا اعتداءات نفذها السودان خلال حكم الرئيس عمر البشير واستهدفت أمريكيين.

 

وحكم القضاء الأمريكي على السودان بدفع هذه التعويضات بعدما اتهم البلد بدعم إرهابيين فجروا السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا، ما أدى إلى مقتل 224 شخصا وجرح نحو 5 آلاف آخرين.

وأدرج السودان منذ عام 1993 على اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، بعدما استقر فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وتخضع البلاد بموجب ذلك لعقوبات اقتصادية.

 

وفي حال شطب السودان عن القائمة السوداء، فقد يجتذب استثمارات غربية على أمل تحريك اقتصاده.

 

لكن دراسة لمعهد بروكينغز لفتت إلى أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يبقى "لعبة خطيرة" في ظل المرحلة الانتقالية في السودان.

 

واصطدم الإعلان عن مكالمة بين نتانياهو والبرهان في مطلع العام برفض من الرأي العام السوداني، لا سيما في الأوساط الإسلامية.

 

ورأى معهد بروكينغز أنه "إذا اعتبر التطبيع نتيجة لاستغلال اليأس الاقتصادي والإنساني، فهذا يهدد بإثارة المزيد من الاستقطاب في الرأي العام وتسريع تراجع الدعم للسلطات الانتقالية"، مؤكدا على وجوب إعطاء الأولوية لـ"انتقال ناجح" وليس لـ"تطبيع متسرع".

اعلان