دويتشه فيله: حكومة السودان ستدفع ثمن التطبيع مع «إسرائيل»

كتب: احمد عبد الحميد

فى: العرب والعالم

21:49 26 أكتوبر 2020

 للوهلة الأولى، يبدو أنّ الجميع قد استفاد من اتفاقية السلام الإسرائيلية السودانية، بما في ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصفته صانع الصفقة، لكن بالنسبة للسودان على وجه الخصوص، فإنّ هذا التطبيع يخلق مخاطر جديدة.. كلمات وردت في مستهل تقرير لإذاعة دويتشه فيله الألمانية.

 

من وجهة نظر ترامب، السودان "دولة أخرى تنضم إلى اتفاق التطبيع

 

وأضافت الإذاعة: ''عندما أنهى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زيارته الرسمية لإسرائيل في 25 أغسطس، ودّعه دبلوماسي على مدرج المطار قائلًا: "أنت الآن في رحلة تاريخية!"، إذ كانت طائرة بومبيو الحكومية أول طائرة تقلع في إسرائيل وتهبط في السودان دون توقف".

 

ترحيب ودي لمايك بومبيو - هل يضر الاتفاق برئيس الوزراء السوداني المؤقت عبد الله حمدوك؟

 

وبعد شهرين من الآن، سيتم وضع حجر الأساس لمزيد من الرحلات الجوية، إذ اتفق السودان وإسرائيل من خلال الوساطة الأمريكية على تطبيع العلاقات بشكل عام، وبذلك تتساوى الدولة الواقعة في شمال شرق إفريقيا مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، اللتين اختتمتا هذه الخطوة في سبتمبر، ووفقًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يمكن أن تحذو حذوهم دول عربية أخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

 

واستطرد التقرير: '' للوهلة الأولى، تبدو الصفقة مفيدة للجميع، فبالنسبة للسودان، تم شطبه من قائمة العقوبات الأمريكية، وبالنسبة لإسرائيل أصبح لديها حليف آخر في العالم الإسلامي (مما يسعد الإمارات على وجه الخصوص)، وفيما يخص الولايات المتحدة، فسوف تتلقى الملايين لتعويض ضحايا الهجمات الإرهابية، وقبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية، يمكن أن يقدم ترامب نفسه على أنّه "صانع السلام".

 

 

سقط القرار الذي اتخذته الدول الإسلامية لعزل إسرائيل بسبب حرب الأيام الستة عام 1967 

 

لكن للوهلة الثانية، وبحسب دويتشه فيله، فإنّ الاتفاقية تنطوي أيضًا على مخاطر خاصة بالنسبة لحكومة الخرطوم.

 

كيف تم التوصل إلى اتفاق السلام بين السودان وإسرائيل؟

 

في مقابلة أجرتها دويتشه فيله مع ثيودور مورفي، الخبير بالشئون الإفريقية في المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR، قال إنّ أولى بوادر ذوبان الجليد ظهرت في فبراير، عندما فتح السودان مجاله الجوي لطائرات الركاب القادمة من إسرائيل، وحاول رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك تنظيم أغلبية ديمقراطية، وبعد ذلك حدث كل شيء بسرعة كبيرة جدًا، وبدون تصويت في البلاد.

كثير من الفلسطينيين يدينون الاتفاق- تظاهرة في رفح بقطاع غزة

وأضاف مورفي أنّ السودان كان يرى طريقة التوصل إلى اتفاق بمثابة "استسلام"، لكن بعد أن جمع ترامب ممثلين عن إسرائيل والإمارات والبحرين في البيت الأبيض، زاد الضغط الأمريكي على الخرطوم للوصول إلى تطبيع انتهازي يخدم ترامب قبل الانتخابات.

 

وأشار الخبير بالشأن الأفريقي إلى أنّ الإمارات لم ترد أن تكون وحيدة في التطبيع، ولذا يمكن أن يكون لها دور خفي لعبته في الخلفية لإقناع السودان.

 

وتابع: " بعد أن قلّصت الولايات المتحدة وجودها في القرن الأفريقي، تكتسب الإمارات، مع جارتها السعودية، نفوذاً متزايداً كقوى إقليمية، وبعد الاندفاع نحو إسرائيل، لدى الإمارات هدف واضح في السودان".

 

ما هي الآثار المباشرة لهذا التطبيع على السودان؟

 

منذ نهاية نظام البشير، كانت هناك دعوات متكررة من مختلف الأطراف لرفع العقوبات الصارمة على الخرطوم، ومع ذلك، رفض مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرًا مشروع قرار مماثل، لكن الرئيس ترامب قدّم عرضه بوعده بإنهاء العقوبات وربط ذلك بأجندته السياسية، أي الترقية الدبلوماسية لإسرائيل.

 

وجاء النجاح قبل أسبوع بقليل، حين أعلن ترامب أنه سينهي العقوبات بمجرد تحويل السودان تعويضًا قدره 335 مليون دولار أمريكي بهدف تعويض الناجين وأقارب ضحايا الهجوم المزدوج على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في عام 1998.

 

كيف سيدفع السودان التعويض؟

 

يقول كريستيان براكيل، المسؤؤل في الرابطة الألمانية للسياسة الخارجية: "السودان ليس لديه موارد ضخمة، وتتمثل مصادر النقد الأجنبي البارزة في الدولة الفقيرة في رسوم عبور النفط من جنوب السودان وتعدين الذهب في منطقة دارفور".
 

وأضاف براكيل في مقابلة مع دويتشه فيله أنّ مبلغ 335 مليون دولار أمريكي زهيد كسعر للتواصل السوداني مرة أخرى مع الاقتصاد العالمي.

 

ورأى الخبير الألماني أنّ المستثمرين لا يقفون الآن في طوابير للاستثمار في السودان، وذلك برغم التطبيع مع إسرائيل، مشيرًا إلى أنّ العقوبات لم تكن وحدها سببًا لابتعاد الشركات العالمية عن السودان، لكن جائحة كورونا دفعت هذه الشركات للبحث عن أسواق أخرى.

 

ماذا يعني هذا بالنسبة للمرحلة الانتقالية في البلاد؟

 

عبد الله حمدوك، رئيس وزراء الحكومة السودانية المؤقتة، خاطر بشدة بالاتفاق الإسرائيلي، لأنّ القضية مثيرة للجدل بين السكان وكذلك في ائتلافه الحاكم، وفقا للإذاعة الألمانية.

 

كما يرى مورفي، الخبير بالشئون الأفريقية، أنّه بينما يرى الإسلاميون أنّ السلام مع إسرائيل أمر يستحق الإدانة لأسباب أيديولوجية، فإنّ العديد من اليساريين يعارضونه لأسباب أخرى، وفي غضون ذلك، يعتقد السكان أنّ الحكومة السودانية قد تجاوزت تفويضها وسلطاتها، واتخذت قرارًا له عواقب طويلة وخطيرة على البلاد.

 

وأوضح مورفي أنً هذه الخطوة قد تعرض وجود الحكومة الانتقالية للخطر، مستشهدًا بما قاله محمد ودعة، العضو القيادي في حزب البعث الاشتراكي في السودان: "هذه إملاءات وضغوط من الخارج، وسيسحب حزبنا دعمه للحكومة الانتقالية".

 

كيف يمكن للمجتمع الدولي المساعدة؟

تدعم ألمانيا الحكومة الانتقالية في السودان

 

بحسب الخبير ثيودور ميرفي، فإنّ البيت الأبيض يرى الآن ضرورة لدعم من أوروبا للسودان، ونظرًا لأنّ العقوبات انتهت، فإن واشنطن ستتاح لها الفرصة لبدء برنامج لتخفيف ديون السودان في صندوق النقد الدولي، وبالنسبة للدولة الواقعة في شمال شرق إفريقيا، يجب أن تتلقى عائدًا سريعًا بعد انحنائها لترامب في مسألة التطبيع.

 

رابط النص الأصلي

 

اعلان