«الذكرى 103 لوعد بلفور».. صفقة القرن تستكمل جريمة الوعد المشؤوم
بفعاليات تجمع مختلف أطياف الشعب ومكوناته، يسعى الفلسطينيون لتذكير العالم بمعاناتهم ومأساتهم التي كان السبب فيها "وعد بلفور" الذي يصادف غدا الإثنين، الثاني من نوفمبر 2020، الذكرى 103 للوعد المشؤوم.
وعد كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
تعددت الأسباب والمبررات التي دفعت بريطانيا إلى إصدار "وعد بلفور"، وثمة تفسيرات لباحثين تؤكد أن بريطانيا أرادت الحصول على دعم اليهود في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى لما تتمتع به من نفوذ واسع لدفع الولايات المتحدة للاشتراك في الحرب إلى جانب بريطانيا.
وأطلق بلفور "وعده" الذي حمل اسمه على شكل "رسالة" إلى البارون المليونير اليهودي روتشيلد، وأرخت بتاريخ الثاني من نوفمبر عام 1917.
وكانت "رسالة" متعجرفة ومتنكرة للوجود العربي في فلسطين، فقد حول بلفور أصحاب الأرض العرب الفلسطينيين إلى "طوائف أخرى"، وإلى أقلية على أرضهم، وأصبح الصهاينة الوافدون الجدد إلى فلسطين أصحاب حق ينظر إليهم "بعين العطف"، وفقا لنص الرسالة أو "الوعد".
ووعد من لا يملك (بلفور)، بمنح من لا يملكون (الصهاينة) وطنا على حساب من يملكون (العرب)، وتحول اليهود الأقلية في فلسطين إلى أكثرية وأغلبية في عين بريطانيا القوة الاستعمارية القوى آنذاك.
وأطلق بلفور "وعده" ومضى تاركا السياسة وراء ظهره، واعتزل العمل الرسمي ولم يظهر في أي مناسبة بعد عام 1922، سوى في مناسبة واحدة بعد نحو ثلاث سنوات حين شارك في افتتاح "الجامعة العبرية" وزار دمشق فاستقبله الفلسطينيون والعرب بتظاهرات كبرى وبسيل من اللعنات، فاضطرت السلطات إلى تهريبه تحت الحراسة المشددة، وبقي منعزلا حتى وفاته عام 1930، ونسي الرجل وبقي "وعده" المشؤوم.
ودافعت بريطانيا، مرارا وتكرارا عن "وعد بلفور"، الصادر قبل أكثر من قرن، ومهد لاحتلال فلسطين وقيام "الدولة العبرية"، قائلة إنها "راضية عن الدور الذي قامت به لمساعدة إسرائيل على الوجود".
وقالت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة كارين بيرس، في تصريح صحفي العام الماضي بمقر الأمم المتحدة بنيويورك: "نحن ما نزال نفضل حل الدولتين، ونحن راضون عن وعد بلفور، الذي ساعد على تأسيس دولة إسرائيل ووجودها، لكننا نلاحظ أن جزءا آخر من هذا الوعد لم يتم تحقيقه، وأقصد به قيام الدولة الفلسطينية".
واستبق القادة الفلسطينية ذكرى الوعد المشؤوم، بالدعوة لوحدة فلسطينية، ووصف الوعد بأنه " أكبر مظلمة تاريخية وجريمة العصر".
ودعا الدكتور أحمد بحر، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة، إلى إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، وإرساء استراتيجية فلسطينية موحدة في مواجهة آثار وعد بلفور وصفقة القرن، والتطبيع، وكل المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد بحر في بيان، أن وعد بلفور شكل بداية التآمر الدولي على القضية الفلسطينية، وفاتحة المخططات التي كادت من خلالها دول الغرب وأذنابها العرب للمساس بالشعب الفلسطيني، وإنهاء الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية.
وأشار إلى أن وعد بلفور وآثاره وتداعياته التي لحقت بالقضية الفلسطينية تشكل القاعدة الأساسية التي مهدت لانطلاق كل مخططات تصفية القضية الفلسطينية، والتي كان آخرها (صفقة القرن) واتفاقيات التطبيع مع الاحتلال.
ومن جانبه، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد أبو هولي، أن "القيادة الفلسطينية" لن تسمح بتمرير صفقة القرن الأمريكية، وستواجه قرارات الضم الإسرائيلية والتهويد والاستيطان ولن تستسلم.
وقال أبو هولي في بيان، الأحد، إن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله المشروع ومقاومته الشعبية في كل المجالات ضد صفقة القرن والمشاريع التصفوية التي تستهدف حقوقه وثوابته الوطنية.
وأضاف: "ما أقدمت بريطانيا على تمريره قبل 103 أعوام عبر وعد بلفور لن يستكمل على أيدي الإدارة الأمريكية من خلال صفقة القرن، شعبنا الفلسطيني سيحبط كل المؤامرات".
وأوضح أن دعوات الوحدة الفلسطينية تهدف إلى مواجهة المؤامرات التي مازالت تحاك ضد القضية الفلسطينية، فلا تزال تبعات هذا "الوعد" الكارثية تلاحق الفلسطينيين على كل شبر من وطنهم وفي الشتات أيضا، خاصة بعدما صدرت وعود كثيرة لصالح الاحتلال، كان آخرها "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصفقات التطبيع بين دولة الاحتلال وحكومات عربية وضعت على عاتقها تنفيذ جميع بنود "صفقة القرن" واستكمال "وعد بلفور".