وسط نزيف للأقصى.. كيف يمر «فصح اليهود» على المقدسيين؟
يستمر نزيف المسجد الأقصى المبارك، تزامنا مع إحياء "اليهود" أعياد "الفصح" داخل المدينة المقدسة، ليحول أهلها إلى محاصرين جراء الإجراءات التي يقرها الاحتلال الإسرائيلي بحق أهالي القدس.
ويسابق الاحتلال الصهيوني الزمن من أجل تهويد المدينة المقدسة وتهجير سكانها الأصليين واستبدالهم بصهاينة، في إطار الخطة الزمنية لتهويد "زهرة المدائن"، عبر قرارات وجرائم تهجير وطرد للمقدسيين بمدينة القدس المحتلة.
ولا يكاد يخلو يومًا إلا وتتعرض مدينة القدس المحتلة وسكانها لاعتداءات ممنهجة وهجمة إسرائيلية شرسة، تطال "البشر والحجر والشجر"، بموازاة المشاريع الاستيطانية التي لا تتوقف، بل تتسارع وتيرتها، في مسعى خطير لتفريغ المدينة بالكامل من سكانها الأصليين، وتكريسها عاصمة للكيان الإسرائيلي.
وتزامنا مع موسم الأعياد اليهودية، تُحول سلطات الاحتلال الإسرائيلي حياة المقدسيين إلى "جحيم"، لما تشهده مدينة القدس المحتلة من إجراءات أمنية مشددة تُضيق الخناق على حركتهم، وتُرهق اقتصادهم، بفعل الإغلاقات والتشديدات العسكرية.
وشرعت قوات الاحتلال بوضع السواتر الحديدية في عدة مناطق محاذية لأبواب القدس القديمة، ونصب الحواجز العسكرية على مداخلها، استعدادًا للاحتفال بعيد "الفصح" العبري الذي يستمر لسبعة أيام.
وخلال عيد "الفصح"، تزداد ممارسات الاحتلال واعتداءاته بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتُصبح أشد ضراوة من قبل، وتستغل جماعات "الهيكل" المزعوم تلك الفترة في التحريض على تنفيذ المزيد من الاقتحامات للمسجد، وفرض واقع جديد فيه.
حصار القدس
وتتحول المدينة المقدسة وبلدتها القديمة إلى ثكنة عسكرية بفعل انتشار المئات من قوات الاحتلال وشرطة "حرس الحدود"، الذين يفرضون قيودًا على تحركات المقدسيين، في مقابل فرض تسهيلات على تنقل المستوطنين المتطرفين واستباحتهم للمسجد الأقصى.
أيضا، وعلى صعيد أبرز الانتهاكات الصهيونية بحق الأقصى والمدينة المقدسة، فقد اقتحم مئات المستوطنين الإسرائيليين المسجد الأقصى، بمدينة القدس، بمرافقة عناصر من الشرطة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، في بيان مقتضب، حصلت مصر العربية على نسخة منه، إن "313 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى.
ويتوقع أن يقوم عدد آخر من المستوطنين باقتحام المسجد، في فترة ما بعد صلاة الظهر.
وكانت دائرة الأوقاف الإسلامية قد قالت إن 440 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى، قبل يوم في الفترتين الصباحية، وما بعد الظهر.
اقتحامات للأقصى
وكانت جماعات استيطانية إسرائيلية، قد دعت إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى بمناسبة عيد الفصح اليهودي، الذي بدأ الأحد ويستمر أسبوعا.
ويقتحم المستوطنون باحات المسجد يوميا ما عدا يومي الجمعة، الذي يصادف يوم العطلة الأسبوعية للمسلمين، والسبت، الذي يصادف يوم عطلة أسبوعية لليهود.
ومنذ 2003، تسمح إسرائيل للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، رغم الاحتجاجات المتتالية من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية.
ويقول المختص في شؤون القدس جمال عمرو لوسائل إعلام فلسطينية، إن عيد "الفصح" يشكل كارثة ووبالًا على المقدسيين، نظرًا لأن قوات الاحتلال تفرض إجراءات أمنية مشددة في المدينة بهدف زيادة الضغط والخناق على سكانها.
استهداف المقدسيين
ويوضح أن الاحتلال يضع برنامجًا زمنيًا خلال فترة أعياده، تأخذ طابعًا دينيًا وقوميًا وسياسيًا لأجل استهداف المقدسيين بشتى الوسائل والتنغيص على حياتهم.
ويشير إلى أن الاحتلال يعتبر إجراءاته العسكرية بالمدينة هي "الأفضل بنظره للحفاظ على الأمن وتوفير الحماية للإسرائيليين والمستوطنين لإتاحة المجال لهم للاحتفال بعيد الفصح، وكذلك تدنيس المسجد الأقصى".
وبحسبه، فإن "الاحتلال يريد في كل مناسبة إعطاء انطباع للفلسطينيين، بأنه هو المسيطر وصاحب القرار واليد العليا في القدس، لذلك يفرض إجراءات عدوانية ومدروسة".
ويبين أن الإجراءات الإسرائيلية تزيد الضغط على سكان القدس، وتحد من حركتهم وتنقلهم وحتى وصولهم إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وتؤدي لإرهاق الاقتصاد المقدسي، بسبب إغلاق المحلات التجارية خلال الأعياد اليهودية.
ويسبق عيد "الفصح" إغلاقات للشوارع والطرق ومداخل الأحياء والبلدات المقدسية، ونصب للحواجز والمتاريس العسكرية، بالإضافة إلى تنفيذ حملة اعتقالات وإبعادات واسعة عن الأقصى، وتوقيف للمقدسيين، وعمليات تفتيش وإذلال على الحواجز، ناهيك عن تحرير المخالفات، وفرض قيود على دخولهم للمسجد المبارك.
إجراءات عنصرية
ويصف عمرو هذه الإجراءات بالعنصرية والظالمة، وبمثابة جريمة حرب تُلقي بظلالها الوخيمة على القدس والأقصى.
ويؤكد أن سلطات الاحتلال تسعى لتحقيق معادلة واضحة المعالم، وهي تقسيم المسجد الأقصى مكانيًا، بأن يصبح لليهود قسمًا خاصًا فيه، كما المسجد الإبراهيمي في الخليل.
يذكر أن المدن الفلسطينية المحتلة، تتعرض لهجمة استيطانية تسعى لتهويد المدن الفلسطينية وتفريغها من سكانها الأصليين، سواء بالقوة أو بالقوانين الجائرة والظالمة.
ويمثل الصراع الديمغرافي في مدينة القدس المحتلة، المعضلة الكبرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، لذلك يسعى بشتى الوسائل إلى حسم معركته بالمدينة عبر استهداف الوجود الفلسطيني، وتقليص نسبة العرب إلى 12%، لتحويلها إلى مدينة يهودية.
ولم تتوقف سلطات الاحتلال، منذ احتلالها القدس عام 1967، عن سياساتها العنصرية تجاه المقدسيين، بل عملت على تهجيرهم وطردهم خارج المدينة بالقوة، مستخدمة وسائل عديدة، كان أبرزها سحب الهويات، وإلغاء حق الإقامة فيها.