إرث ماو تسي تونج.. انقسام دون مراجعة

كتب: وكالات

فى: شئون دولية

11:53 29 ديسمبر 2016

تمر الذكرى الـ123 لميلاد الزعيم الصيني ماو تسي تونج "26 ديسمبر 1893"، كما مرت قبلها بشهرين الذكرى الأربعين لوفاته "9 سبتمبر 1976"، دون ضوضاء في العاصمة بكين، ودون أن تشهد البلاد أي فعاليات تذكر في هاتين المناسبتين.

 

وبالرغم من أنَّ صورة الزعيم الصيني الراحل لا تزال تتوسط ميدان تيان آن مين، فإنَّ ذلك لا يتجاوز حدود الوفاء الشكلي لقائد الثورة ومؤسس الجمهورية الصينية، وإن كان البعض يرى أنَّ خلف هذه الصورة التي ترمز إلى الهوية الشيوعية للجمهورية، يخبئ القادة السياسيون الوجه الرأسمالي للصين الحديثة.

 

ولا يُعرف إلى أي مدى يمكن إسقاط قول أحد الفلاسفة "إذا أردت أن تقتل قائدًا اصنع له تمثالًا" على الحالة الصينية، وبخاصة أنَّ الصين شهدت تشييد أكثر من ألفي تمثال للزعيم الراحل ماو تسي تونج بين عامي 1967 و1969.

 

واستمر نحت التماثيل حتى بعد وفاته عام 1976، إلى أن أصدرت القيادة المركزية عام 1980، تعليمات صارمة نهت فيها عن عبادة الفرد في إشارة إلى تقديس الزعيم الصيني.

 

ويرى مراقبون أنَّ هذه التماثيل عملت على تحويل ماو تسي تونج من رمز سياسي وقائد للثورة إلى مجرد منتج ثقافي يباع في المحال التجارية والمكتبات العامة.

 

وكان آخر تمثال للزعيم الصيني قد شيد العام الماضي في مقاطعة خونان وسط البلاد، وكان مطليًّا بالذهب بارتفاع 37 مترًا، وبتكلفة نصف مليون دولار، غير أنَّ الحكومة الصينية أمرت بإزالته مطلع العام الحالي بدعوى أنَّه أقيم على أرض زراعية غير مرخصة.

 

ولقي تشييد التمثال في حينه انتقادات كثيرة من السكان الذين أشاروا إلى أنَّ التمثال بني على أرض سقط فيها الملايين من الأهالي بسبب المجاعة التي ضربت المقاطعة أواخر خمسينيات القرن الماضي، نتيجة السياسات التي مارسها ماو تسي تونج آنذاك في إطار ما عرف بـ "القفزة الكبرى" التي كانت تهدف إلى تحويل الصين من دولة زراعية مستهلكة إلى دولة صناعية.


ويعتبر رئيس قسم الدراسات السياسية في جامعة جينان جياو وون أنَّ المجتمع الصيني لا يزال منقسمًا بين من يعتقد أنَّه لولا ماو تسي تونج لما وجدت الصين على الخريطة بشكلها الحالي وقوتها الاقتصادية التي تنافس الولايات المتحدة، وبين من يرى أنَّه كان سببًا في "المآسي" التي لحقت بالصينيين أثناء فترة حكمه التي أدت إلى وفاة الملايين منهم.

 

وأكَّد - في حديثٍ لـ"الجزيرة" - أنَّ الفضل في بناء الصين الحديثة يعود إلى ماو، الذي قاد الثورة وأرسى دعائم الدولة، من خلال اتخاذ إجراءات ووضع سياسات بدت في حينها صارمة ومجحفة، لكن مع مرور الوقت ثبت أنه كان صاحب رؤية ثاقبة ونظرة بعيدة.

 

من جهته، قال الباحث في المعهد الصيني للدراسات الدولية جيا شيو دونج إنَّه لا يمكن الحديث عن انقسام داخل المجتمع الصيني حول شخصية ماو تسي تونج؛ لأنَّ غالبية الصينيين يرون أنَّ السياسات التي اتخذها جرّت وبالًا على الأمة الصينية، ولفت إلى أنَّ الرماد الذي خلفته الثورة الثقافية لا يزال متقدًا في الذاكرة الوطنية.

 

وأوضح شيو أنَّ مثل هذه الآراء لا يمكن أن تظهر للعلن، في غياب مراجعة نقدية لتلك الحقبة التي تمثل -على حد قوله- الجانب المظلم من تاريخ الصين، مشيرًا إلى أنَّ السلطات الصينية اعترفت قبل أكثر من 30 عامًا بالأخطاء التي ارتكبت خلال فترة ماو، دون أن تحدد أو تشير إلى المسؤولين عنها.

اعلان