كلام ترامب عن نقل السفارة الأمريكية للقدس "وعد بلفور جديد"
ينظر الفلسطينيون إلى وعد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس باعتباره "وعد بلفور جديد".
وقال مسؤولون فلسطينيون كبار، لوكالة الأناضول، إن ثمة مؤشرات على إمكانية إعلان ترامب نقل السفارة في خطاب تنصيبه رئيسا اليوم الجمعة، أو بعد ذلك بأيام قليلة.
وكان رؤساء أمريكيون سابقون، قد وعدوا بنقل السفارة خلال حملاتهم الانتخابية غير أنهم ما لبثوا أن امتنعوا عن تنفيذ هذا الوعد بعد وصولهم البيت الأبيض.
ولكن مقربون من ترامب قالوا في الأسابيع الأخيرة، إن ترامب جاد في تنفيذ وعده.
وقال عدنان الحسيني، وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة: "قبل 100 عام، صدر وعد بلفور الذي أعطى حقا لليهود لا يملكه ولا يستحقونه بإقامة دولة لليهود في فلسطين". وأضاف:" والآن هناك وعد ترامب".
وتابع:" يبدو انه سيأتي إلينا كل 100 عام من يزيد من عذاباتنا".
و"وعد بلفور"، هو رسالة وجهها رئيس الوزراء البريطاني، آرثر جيمس بلفور، في 2 نوفمبر/تشرين ثاني 1917 إلى اللورد اليهودي ليونيل روتشيلد، يبلغه فيها بتأييد الحكومة البريطانية إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وعلى إثر هذه الرسالة، سهّلت بريطانيا هجرة اليهود إلى فلسطين، وأنهت انتدابها على فلسطين مع إعلان إسرائيل اقامة دولتها عام 1948.
وحذر الحسيني من أن تنفيذ ترامب لوعده، بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، سيعني أن "كل الأمور وصلت إلى طريق مسدود".
وقال وزير شؤون القدس:" يبدو أن ترامب لا يعي ماذا تعني القدس للعالم كله، ولذلك فقد تم توجيه مطالب له بعدم الإقدام على هذه الخطوة".
وأضاف الحسيني:" نأمل أن يجلس (ترامب) مع مساعديه، وأن يفعل ما قام به سلفه من الرؤساء بتأجيل نقل السفارة، لأن نقلها يعني أن ليس هناك سلام".
وكان رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية السابقين قد امتنعوا منذ العام 1995 عن تنفيذ قرار الكونغرس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس.
وجرى منذ ذلك الحين توقيع قرارات بتأجيل نقل السفارة كل 6 أشهر، كان آخرها في شهر نوفمبر/تشرين ثاني الماضي وقعه الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ويتفق محمد اشتيه، عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، مع الحسيني، في إطلاق مصطلح "وعد بلفور جديد"، على قرار نقل السفارة.
وقال اشتية:" الإنجليز أعطوا فلسطين لليهود، وهذا يريد أن يعطي القدس لليهود".
واعتبر اشتيه أن من شأن نقل السفارة أن يثير "الأمة العربية جميعا والامة الإسلامية والعالم المسيحي كذلك فهو يجرف أي أمل بعملية السلام".
وقال:" يُجمع العالم على أن القدس هي مدينة فلسطينية احتلت عام 1967 ولا دولة فلسطينية بدون القدس، وبالتالي فإن أي تغيير في وضع مدينة القدس هو اجحاف واعتداء على الحق الفلسطيني".
وقد احتلت إسرائيل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة في العام 1967.
ولكنها أعلنت عن ضم القدس الشرقية اليها عام 1980 وهو ما يرفضه المجتمع الدولي حتى الآن.
وفي خطبة الجمعة الأخيرة في المسجد الأقصى في القدس، التي شارك فيها عشرات آلاف المصلين، حذر خطيب المسجد من تنفيذ هذا الوعد.
وقال الشيخ محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية في خطبته:" بين فترة وأخرى من الزمن يخرج علينا الحاقدون على هذا الدين وعلى أمة الإسلام والمسلمين بوعود باطلة، لا يدعمها حق وليس لها أية علاقة بهذه الديار المقدسة والأرض التي باركها الله".
وأضاف:" فمن وعد بلفور الذي مضى عليه ما يقارب 100 عام إلى وعد ذاك المنتخب هناك وراء البحار (ترامب)، بنقل السفارة إلى المدينة المقدسة إلى القدس ".
ولكنه تابع:" ما قيمة الوعود البشرية أمام وعد الله تعالى الذي قرر، وهو مالك السماوات والأرض، بأن هذه الديار وان القدس قلب فلسطين وأن مسجدها المبارك هي اسلامية خالصة للمسلمين وحدهم".
وقال المفتي الشيخ حسين:" إن الله قرر اسلامية القدس واسلامية مقدساتها وإسلامية أرضها المباركة، ونتمسك بهذا عقيدة راسخة وشريعة مستمرة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها".
وتتواجد السفارة الأمريكية حاليا في مدينة تل أبيب.
كما تمتلك واشنطن، قنصلية في مدينة القدس، تختص بمتابعة العلاقات الأمريكية مع السلطة الفلسطينية وتمنح التأشيرات للفلسطينيين.
وتعلق إسرائيل والمستوطنون آمالا كبيرة على تنفيذ ترامب وعده بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس.
ويصر المجتمع الدولي على أن مصير مدينة القدس يجب أن يتحدد من خلال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية كما نصت على ذلك اتفاقيات السلام.
وجدد المجتمع الدولي في 23 ديسمبر الماضي اعتبار الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، بأنها محتلة وذلك في قرار مجلس الأمن 2334.
وأعاد المجتمع الدولي التأكيد على ذلك في المؤتمر الدولي للسلام، الذي عقد الأحد الماضي، في العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة 75 دولة ومنظمة دولية.