دراسة إسرائيلية: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يحمل فرصا ومخاطر
رأت دراسة إسرائيلية أن نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل، من مدينة تل أبيب إلى القدس، يحمل فرصا ومخاطر في آن معا، وهو ما يستوجب التنسيق ما بين إسرائيل والولايات المتحدة حول توقيت الخطوة للحد من سلبياتها.
وخلصت الدراسة التي أعدها الجنرال المتقاعد عاموس يدلين، إلى الاستنتاج بأن إيجابيات هذه الخطوة، بالنسبة لإسرائيل، أكبر من مخاطرها.
وقال يدلين، في الدراسة التي صدرت مؤخرا، عن معهد دراسات الأمن الوطني: "من حيث المبدأ، لا يمكن لإسرائيل إلا أن ترحب بهذا التحرك الأمريكي الهام، في حال تمت المصادقة عليه".
وأضاف يدلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ما بين 2006-2010، ان نقل السفارة "يعزز مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل في نظر بقية العالم، وبالتالي فإنه سيكون من الخطأ من إسرائيل تعارض ذلك، بصرف النظر عن أي سياق سياسي أو اعتبارات التوقيت".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد وعد في حملته الانتخابية بنقل السفارة إلى القدس، ولكنه أعطى بعد تنصيبه إشارات متضاربة حول إمكانية نقلها.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال الأسابيع الأخيرة، الإدارة الأمريكية إلى نقل السفارة إلى القدس.
بالمقابل فقد حذر الفلسطينيون ودول عربية وإسلامية وحتى غربية، بينها الاتحاد الأوروبي، من نقل السفارة لما سيكون لذلك من تداعيات خطيرة على الساحة الفلسطينية والإقليمية.
وفي هذا الصدد فقد أشار يدلين، الذي يتولى منصب المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن الوطني منذ العام 2011، إلى أن على إسرائيل أن تحسب "الآثار والتداعيات لهذه المبادرة، والنظر في الفرص والمخاطر الكامنة، والإعداد وفقا لذلك".
وقال:" ليس من الحكمة تجاهل المخاطر التي ينطوي عليها نقل السفارة، حتى لو كنا نفترض بأن الفلسطينيين والمعارضين لهذه الخطوة في كل من إسرائيل والولايات المتحدة يضخمون هذه المخاطر".
وعدّد يدلين المخاطر المحتملة، وأولها "خطر اندلاع انتفاضة فلسطينية متجددة، وذلك باستخدام القدس كرمز والشعار الملتهب (الأقصى في خطر)، كصرخة لها، ويمكن أن تشمل جولة أخرى من القتال في قطاع غزة، والتي هي بالفعل عند نقطة الغليان، ويمكن أن تطلق أعمال شغب في أوساط المواطنين العرب في إسرائيل".
أما ثاني المخاطر فهو "التجميد المستمر للعملية السياسية، ونقل السفارة سيجعل استئناف العملية السياسية في المستقبل أكثر صعوبة ".
وأشار إلى أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس الغربية، قد يضعف الادعاء الإسرائيلي بأن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل وتحت سيطرة إسرائيل، وبعبارة أخرى، فإنه يعزز الاعتراف الدولي بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين-حسب قوله.
كما لفت يدلين إلى خطر آخر وهو تدهور العلاقات مع الأردن ومصر، وقال:" قد تندلع معارضة شعبية لنقل السفارة في هاتين الدولتين، مما يهدد استقرار نظاميهما".
وأضاف:" في السنوات الأخيرة، ازدهر التعاون بين إسرائيل وكلتا الدولتين على حد سواء حول المصالح المشتركة في الأمن، والموارد، والبنية التحتية، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد على رأس جدول أعمالها".
وأضاف مستدركا:" لكن نقل السفارة الامريكية قد يغير ذلك، ويؤدي إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن من جهة أخرى، وكذلك بين إسرائيل وجميع الدول الإسلامية الأخرى".
وتابع يدلين:" هذه التطورات قد تثير النشاط الإرهابي من قبل جماعات إسلامية مختلفة ضد أهداف أمريكية في جميع أنحاء العالم، وسيوجه اللوم إلى إسرائيل على هذه الهجمات ".
وفي المقابل، تطرق يدلين إلى التداعيات الإيجابية، لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
ورأى أن أولها، سيكون "تعزيز مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل باعتبار ذلك مصلحة إسرائيلية عليا".
كما رأى أن هذه الخطوة "سوف توضح للفلسطينيين أنه في عصر ترامب، فإن الوقت ليس في صالحهم، وهو عامل، قد يدفعهم إلى التوقف عن رفض التفاوض، كما فعلوا خلال فترة حكم (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما".
وذكر أن نقل السفارة إلى القدس سيكون الجواب على قرار منظمة اليونسكو الأحادي الذي اعتمد الموقف الفلسطيني بنفي أي علاقة لليهود والإسرائيليين بالمدينة المقدسة.
وخلص إلى القول، إن إيجابيات نقل السفارة بالنسبة لإسرائيل، هو أكبر من السلبيات المتوقعة.
وقال:" هذه الخطوة مناسبة ومرغوبة من وجهة النظر الإسرائيلية، إذا ما تم ذلك في التوقيت المناسب وفي السياق المناسب بحيث تضمن المزايا الكامنة إلى أقصى حد وتحد المخاطر إلى الحد الأدنى".
وأضاف:" تحقيقا لهذه الغاية، فإن من المهم أن تُجري الولايات المتحدة وإسرائيل، مناقشات سرية منفصلة مع الأردن ومصر لفهم احتياجاتهما بشأن هذه القضية وغيرها من أجل منع تصاعد وتدهور العلاقات بين إسرائيل وجارتيها العربيتين ".
واعتبر يادلين أن معظم المخاطر التي قدمت "مبالغ فيها، ويمكن تجنب ذلك عن طريق اتخاذ خطوات محسوبة".
وقال:" العملية السياسية هي في طريق مسدود على أية حال، لا يوجد أي تقدم بسبب الاستراتيجية الفلسطينية، التي ركزت منذ عام 2008 على تدويل الصراع باعتباره بديلا عن المفاوضات الثنائية".
وأضاف:" خطوة نقل السفارة قد تشكل صدمة للفلسطينيين تدفعهم الى اعادة النظر في استراتيجيتهم واستئناف محادثات السلام".
وتابع:" إن احتمالات اندلاع انتفاضة أخرى ليست عالية، لأن الشعب الفلسطيني ليست له مصلحة في مواجهة شاملة أخرى".
وقال يدلين:" هذه المخاطر يمكن تخفيفها عن طريق القيام بهذه الخطوة بعد التشاور مع الإدارة الأميركية، والسعي لتلبية المصالح الحيوية لمصر والأردن، مع التأكيد على الوضع الخاص للمملكة الأردنية بشأن الأماكن المقدسة في القدس، كما جاء في معاهدة السلام مع إسرائيل ".
وأضاف" يمكن للمرء أن يتوقع أن يتم استدعاء السفيرين المصري والأردني للتشاور، إلا أنهما سيعودان بعد بعض الوقت إلى تل أبيب، كما حدث في الماضي".
وخلص يدلين إلى أن "السياق الاستراتيجي الذي سوف يجري من خلاله نقل السفارة سيؤثر بشكل كبير على احتواء المخاطر".
يذكر أن يدلين خدم لمدة 40 عاما في الجيش الإسرائيلي من بينها 9 سنوات كان فيها عضوا في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي.