رغم التحذيرات الأممية.. اضطهاد مسلمي الروهينجا عرض مستمر
رغم إعلان الأمم المتحدة بشكل واضح لحجم الاضطهاد الذي يتعرض له مسلمو ميانمار (الروهينجا)، إلا أن الوقائع الجارية على الأرض لا تشير إلى ذهاب حكومة ميانمار وجيشها إلى تغييرات في ملف تلك الأقلية المضطهدة.
ومطلع الشهر الجاري نشر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقريرًا استند إلى إفادات 220 شاهد عيان (ضحية)، هربوا إلى بنجلاديش، حيث ذكر التقرير أن "قوات الأمن في ميانمار ارتكبت جرائم قتل واغتصابات جماعية بحق مسلمي الروهينجا".
وبعد نشر التقرير، أجرت مستشارة رئاسة الدولة في ميانمار والحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سو تشي، اتصالًا هاتفيًّا مع المفوض السامي لحقوق الإنسان، زيد الحسين، مشددة له أنها ستدرس التقرير الأممي "بعناية" وستأخذه على محمل الجد.
وكان زيد الحسين دعا المجتمع الدولي إلى الانضمام معه لحث القيادة في ميانمار على التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة ضد مسلمي الروهينجا، والتي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وفي مقابلة سابقة مع الأناضول قال رئيس مجلس الروهينجا في أوروبا، الدكتور هلا كياو، إن أونغ سان سو تشي، هي الزعيمة الفعلية في ميانمار، وإنه واثق من أن الأخيرة "لن تفعل شيئًا حيال حماية الروهينجا".
ولفت كياو، أن الوعد الذي قطعته مستشارة رئاسة الدولة في ميانمار للحسين، بشأن دراسة التقرير الأممي وأخذه على محمل الجد، لا يعدو عن كونه محاولة لاسترضاء وتضليل المجتمع الدولي.
واتهم كياو المستشارة بمحاولة كسب المزيد من الوقت لاضطهاد أكبر عدد ممكن من مسلمي الروهينغا، ضاربة عرض الحائط جميع الأنباء الواردة والتي تتحدث عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد الروهينجا.
من جهته، قال منسق أراكان ونائب المدير التنفيذي لمؤسسة الإغاثة التركية، سعيد دمير، لمراسل الأناضول، إن جيش ميانمار لا يزال يحكم المناطق ذات الغالبية المسلمة في البلاد بقبضة من حديد ويشن فيها عمليات عسكرية مستمرة ضد الروهينغا، فضلًا عن هيمنته على مجلس الوزراء والسلطة السياسية.
وفي 8 أكتوبر الماضي، أطلق جيش ميانمار حملة عسكرية، شملت اعتقالات وملاحقات أمنية واسعة في صفوف السكان في "أراكان"، وخلّفت عشرات القتلى، في أكبر موجة عنف تشهدها البلاد منذ عام 2012.
وفي تصريح سابق، قالت ليني أدفيرسون، رئيسة لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، إنه لا توجد عبارات يمكن أن تصف العنف الممارس ضد مسلمي إقليم أراكان "الروهينجا" في ميانمار.
وأضافت رئيسة لجنة التحقيق الأممية، تعليقًا على التقرير الصادر عن المفوضية العليا، أنها تأثرت كثيرًا مما سمعته مع فريقها من شهادات الفارين خلال زيارتهم إلى بنجلاديش.
من جانبه، قال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين، إن "قوات الأمن في ميانمار ترتكب أعمال عنف غير مسبوقة بحق مسلمي الروهينجا".
وتساءل الحسين: "أية كراهية تلك التي تدفع إنسانًا إلى طعن طفل بالسكين وهو يبكي للحصول على حليب أمه التي تتعرض للاعتداء الجنسي على يد قوات الأمن المسؤولة أصلًا عن حمايتهما؟".
ودعا المسؤول الأممي المجتمع الدولي إلى الضغط بكل ما لديه من قوة على الحكومة الميانمارية من أجل إنهاء عملياتها العسكرية ضد مسلمي الروهينجا، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان.
ومنذ انطلاق عمليات القوات الميانمارية في أراكان، قتل 400 مسلم من الروهينغيا، حسب منظمات حقوقية، بينما أعلنت الحكومة مقتل 86 شخصًا فقط.
وأراكان (راخين) هي إحدى أكثر ولايات ميانمار فقرًا، وتشهد منذ عام 2012 أعمال عنف بين البوذيين والمسلمين؛ ما تسبب في مقتل مئات الأشخاص، وتشريد أكثر من مائة ألف.