أفغانستان.. ارتباك وفوضى بعد اختراق "طالبان" لقاعدة "مزار شريف"
كان الجندي الأفغاني ذبيح الله يتجاذب أطراف الحديث مع زميل له في الجيش في قاعدة عسكرية في شمال أفغانستان عندما قطع صوت طلقات النيران حديثهما الهادئ بعد ظهر أمس الجمعة.
وقال "سألت صديقي ماذا يحدث وقال لي اهدأ لا بد أنه واحد منا".
ولم تكن هذه الحقيقة لقد كانت حركة طالبان.
ووفقا لأحدث تقديرات للمسؤولين فقد قتل أكثر من 140 جنديا عندما اقتحم عشرة مهاجمين على الأقل من طالبان مرتدين زيا عسكريا مقر الجيش في مزار الشريف.
وقال ذبيح الله لرويترز من على سرير المستشفى الذي نقل إليه بعد أن أصيب في انفجار "عندما بدأوا في إطلاق النار على جنود آخرين استوعبنا أنه هجوم إرهابي".
وأضاف "كان الجنود يتساقطون مثل العصافير الذين أصيبوا بطلقات".
ويشكل الهجوم، الذي يرجح أنه الأكثر دموية على الإطلاق في قاعدة عسكرية أفغانية، ضربة كبرى لقوات الأمن في البلاد التي تواجه صعوبات من الأصل فيما تستعد لما يتوقع أن يكون عاما من القتال الدموي مع طالبان وجماعات متشددة أخرى أصغر مثل تنظيم الدولة الإسلامية.
والقاعدة مقر للفيلق 209 بالجيش الوطني الأفغاني وتضم أيضا قوات أجنبية من بعثة دولية بقيادة حلف شمال الأطلسي لتقديم المشورة والتدريب للقوات الأفغانية. ولم يصب أي فرد من القوات الدولية بأذى في الهجوم وفقا لمسؤولين في التحالف.
وأثار الهجوم تساؤلات على الفور بشأن إمكانية تنفيذ عملية قتل جماعية كتلك في مقر عسكري شديد التحصين يرتاده جنود أجانب.
وبعيد ظهر الجمعة دخلت مركبتان عسكريتان تقلان رجالا بالزي العسكري الأفغاني إلى بوابات القاعدة وزعم من فيها أنهم يقلون جنودا مصابين بحاجة لرعاية طبية عاجلة.
وقال الجندي أحمد صبور الذي كان في حراسة داخل القاعدة في يوم الهجوم فقد سمح حارسان للمركبتين بالمرور في نقطة التفتيش الأولى.
وأضاف أن حارسي نقطة التفتيش الثانية طلبا من الرجال في الشاحنتين ترك أسلحتهم وفقا لإجراء معياري في القواعد العسكرية.
وبعد جدل مقتضب أطلق المهاجمون النار على الحارسين وسارعوا نحو نقطة التفتيش الثالثة والأخيرة التي استهدفوها بقذيفة (آر.بي.جيه) قبل الدخول للقاعدة ذاتها.
وقال صبور "المركبة الأولى كانت تحمل بندقية رشاشة خفيفة على سطحها وبدأ المهاجمون إطلاق النار على عشرات الجنود والضباط الخارجين من المسجد... وتوجهت المركبة الثانية لقاعة الطعام وبدأت في إطلاق النار".
وأطلق المهاجمون النيران بكثافة من أسلحتهم على جنود تجمعوا لتناول الطعام في القاعة أو يغادرون المسجد بعد صلاة الجمعة. فيما فجر عدد من المهاجمين أحزمة ناسفة.
وأظهرت صور جرى تداولها على الإنترنت ساحة المسجد وقد ملأتها ثقوب الرصاص وتناثرت على أرضيتها شظايا الزجاج.
وقال جندي مصاب آخر طلب عدم ذكر اسمه لأنه لم يبلغ أسرته بإصابته "كنت قد انتهيت في التو من صلاتي وكنت خارج المسجد عندما أسرعت شاحنة جيش نحونا ... وقفت دون حراك ولم أعرف هل أركض أم أبقى. ثم فتح مسلحون على ظهر الشاحنة النار من بندقية آلية وأصابوني في البطن والساق".
وكان الجنود غير المسلحين يتساقطون من حوله بين قتيل وجريح.
وقال "فجر أحد المهاجمين نفسه وسارع آخرون بالتمركز في مواقع فوق غرفة صغيرة بجوار المسجد".
وزاد على الارتباك الذي وقع في القاعدة حقيقة ارتداء المهاجمين لزي الجيش.
وقال صبور "في البداية صدر نداء عبر مكبر الصوت بعدم إطلاق النار لأنهم اعتقدوا أن هناك سوء تفاهم" موضحا أن بعض المسؤولين في القاعدة اعتقدوا في البداية أنه ربما يكون خلافا داخليا بين جنود.
وقال ذبيح الله إن عناصر قوات خاصة من مواقع آخرى في القاعدة وصلوا واشتبكوا مع المهاجمين وتمكنوا في النهاية من قتلهم جميعا أو اعتقالهم.
وقال متحدث باسم طالبان إن أربعة مهاجمين على الأقل كانوا أفرادا في الجيش لفترات طويلة.
ويحقق مسؤولون أفغان في الادعاء لكن ذبيح الله قال إن لا شك لديه في أن المسلحين حصلوا على مساعدة من الداخل.
وقال "الإجراءات الأمنية مشددة جدا لدرجة أن الجنود الذي لا يحملون بطاقات تعريف لهويتهم لا يسمح لهم بالدخول".