مواطنون: «اللي بيحصل في الكورنيش دا مهزلة»
بالصور| في الإسكندرية.. ملامح «عروس البحر» تختفي خلف ستار «الاستثمار»
منذ عدة أشهر انطلقت في الإسكندرية حملة للمطالبة بحماية الكورنيش، بعد انتشار بناء الأسوار الخشبية والحواجز بطول الكورنيش على الشواطئ الخاصة، وارتفعت الأصوات مع بداية العمل في تحويل شاطئ مظلوم العام إلى شاطئ خاص تابع لأحد الفنادق السياحية في منطقة رشدي.
وخلال السنوات الأخيرة تطبعت الإسكندرية بالطابع القاهري الخاص بأزمة المرور، وأثناء تولي اللواء طارق المهدي منصب محافظ الإسكندرية أعلن عن خطة لتطوير الكورنيش في محاولة للحد من أزمة المرور، إلا أن الأمر لم يطرح مرة أخرى بعد ذلك لا أثناء وجوده ولا بعد تولي المسيري وعبد الظاهر وأخيرًا المحافظ الحالي اللواء رضا فرحات.
في شهر أكتوبر الماضي أكد اللواء خالد العليوة، رئيس هيئة النقل بالإسكندرية في تصريح لمصر العربية على هامش افتتاحه لمعرض تطوير الترام بمكتبة الإسكندرية أن تطوير الترام ضروري لإنقاذ المحافظة مما أطلق عليه "كارثة بيئية" والتي قد تحدث في حالة اللجوء لاستبدال الترام بعربات للنقل من أتوبيسات وغيرها.
وأضاف: "إحنا عندنا كارثة مرورية أو أزمة مرورية حادة نتيجة أن عدد السيارات تخطي سعة الشوارع"، إلا أنه عقب شهر من هذا التصريح أعلن عليوة عن استقبال دفعة جديدة من الأتوبيسات والميني باص للعمل في شوارع الإسكندرية في محاولة لمحاربة استغلال السائقين.
منذ عدة أيام فوجئ أهالي الإسكندرية بتحويلات مرورية على الكورنيش وتحديدا في منطقة رشدي، وبدأ أعمال حفر في جزء من الكورنيش، وغلق نفق سيدي جابر، وهو ما أصاب الكورنيش بشلل مروري في هذه المنطقة طوال اليوم، لتأتي المفاجأة التالية بإغلاق نفق رشدي بألواح خشبية اليوم.
يقول محمد عبد الغفار إن الأمر أصبح مريبًا ومخيفًا حيث تم خلال الفترة الماضية هدم العديد من المعالم التراثية للمحافظة لإقامة مشروعات سياحية عليها وكان آخرها قرار هدم مسرح السلام لإقامة فندق جديد وإزالة نفقي سيدي جابر ورشدي، مشيرًا إلى أن قرار هدم الأنفاق يأتي لصالح الصرح الجديد الذي سيتم إنشائه على أرض مسرح السلام.
وأوضح أنه لا يرى في هذه القرارات أي صالح للبلاد معتبرًا إياه تشويه متعمد وتخريب صريح لعروس البحر الأبيض المتوسط، مؤكدًا أن الأعمال القائمة على الكورنيش الآن أثرت بشكل كبير على الحركة المرورية، والتي يمكن أن توصف بإعاقة أصابت عصب الإسكندرية حيث أن هذه المنطقة هي همزة الوصل بين شرق المحافظة وغربها.
من جانبه، قالت سلمى يونس إن أعمال الحفر على الكورنيش أصابت الحركة المرورية وأدت لتعطيل مصالح المواطنين، متسائلة عن كيفية إيقاف الكورنيش من السادسة صباحا ولمة 3 ساعات وهو وقت دخول المدارس وذهاب المواطنين لأعمالهم معلقة: "الناس بيتكدسوا في شارع أبو قير والترام"، مؤكدة أن تقليص مساحة الكورنيش تضاعف الوقت الذي يحتاجه المواطن للذهاب لمكان ما.
وأضافت أنه بدلا من تخصيص حارة في الطريق لسيارات الإسعاف لإنقاذ أرواح المواطنين تكون المساعدة على قتلهم بتضييق الخناق على سيارة المرور لنقل المريض من المنزل أو مكان الحادث للمستشفى.
وأوضحت أن الكورنيش كان يتسبب في مقتل الكثير ولم يفكر أحد وقتها في إنشاء إشارة مرورية للحد من هذا الأمر؟ وأنه تم إنشاء الإشارات لصالح المشروع الجديد المقام على أرض مسرح السلام.
وطالبت بإنشاء إشارة مرورية أمام مكتبة الإسكندرية معلقة:"يعملوا الإشارة علشان المشروع وما يعملوهاش علشان حياة المواطن، طيب يعملوا واحدة عند المكتبة لأن اللي هناك اتجاه واحد"
ووصفت ما يتم الآن بـ "المهزلة" وأن الكورنيش أصبح شكله "مرعب" وأنه تم تقليص حجم الرصيف الذي كان ملجأ الأسر للتنزه عقب احتلال الكورنيش من قبل الكافيتريات وحرمان المواطن السكندري من أبسط حقوقه وهي الاستمتاع بالبحر مع ارتفاع أسعار هذه الكافيتريات التي تفوق طاقة المواطن.
كما طالبت بزيادة عدد قطارات أبو قير مشيرة إلى أنه في الأصل يأتي متأخرا ويكون عليه زحاما شديدا وأن الزحام تضاعف عقب أزمة الكورنيش.
فيما رأى محمود فرغلي أن الأمر بدأ منذ أواخر شهر أكتوبر ٢٠١٤ حيث تم تجريف البحر في المنطقة المجاورة لنادي الشاطئ للقوات المسلحة والذي أمتد حتي يصل لنصف المسافة تقريباً بين منطقتي سيدي جابر وكليوباترا، ولم يتم الإعلان عن أي تفاصيل وقتها معلقا "كأننا ك سكندريين ليس لنا شأن بعوالم مدينتنا".
وأشار إلى أن الفترة الحالية شهدت خروج تصريحات من المسؤولين حول قرارات مفاجأة عن القيام بمشروع وفندق ، وبالتزامن مع ذلك تم ردم نفقي المشاة الخاصين بمنطقتي "سيدي جابر، رشدي" وهذا قد يكلفنا كثيرا من الأرواح التي قد تذهب هباءً نتيجه العبور من طريق الكورنيش متسائلا "هل اخترع أحد المسئولين هذا الاختراع للتخفيف من الكثافة السكانية، أم جاء بهذا القرار لغرض آخر؟".
بينما نظر أحمد حسن طبيب بشري نظرة أكثر تخصصا في هذا الأمر وذلك نتيجة تأثره بعمله كطبيب فيقول، إن المواطن المصري لم يصبح له حق الاعتراض أو إبداء الرأي، مشيرًا إلى أن المحافظة والحكومة فاجأت السكندريين بمشروع يؤثر على الحياة الشخصية للمواطنين ويهدر أوقاتهم في المواصلات، معلقا: "وذلك بسبب المشروع الجديد الذي ظهر لنا فجأة ككابوس جديد دون أن يخبرنا أي مسئول عن أي تفاصيل عنه".
وأضاف أن المؤسف والخطير في الأمر الذي شاهده أكثر من مرة هو عدم توفير أي بدائل سريعة لتعطل طريق الكورنيش، وأنه عايش أثناء تواجده في وقت عطلة إطلاق سارينات عربات الإسعاف التي تحاول ببؤس شديد اأن تسرع إلي المستشفى لإنقاذ حياة مريض أو مصاب، معلقا: "علي العموم نحن حتي الأطباء نتعطل كثيرا في الوصول إلي المستشفيات التي نعمل فيها علي إنقاذ حياة المصابين ولا تتوفر لنا أي طرق سريعة أخرى للوصول الي المستشفيات"..
وتابع: "اذا كانت المغرب لديها مضيق جبل طارق واليمن لديها مضيق باب المندب فالإسكندرية أصبح لها مضيق سيدي جابر على كورنيش البحر الأبيض المتوسط".
فيما قال هشام رجب المحامي وأحد الداعمين لحملة "انقذوا كورنيش الإسكندرية" أنه وجه استغاثة للرئيس عبد الفتاح السيسي يطالبه فيها بوقف ما وصفه ب"المهزلة" التي تحدث على الكورنيش والتي لن يستفيد منها المواطن السكندري في شيء وتعمل على تغيير شكل الإسكندرية بالكامل.
وأضاف أن المستفيد الوحيد مما يحدث هو القوات المسلحة مؤكدا أنه لا يمانع أبدا أن تستفيد القوات المسلحة إلا أن ما يرفضه هو "بهدلة إسكندرية"-حسب وصفه- أنه لابد من الإعلان عن المشروع ولا يمكن أن يحصل أحد على تصريح بالحصول على 200 متر من الكورنيش دون شرح ما يحدث للمواطن.
وأكد أن المشروع سياحي خاص لن يفيد المواطن بشيء وهو ما حدث قبل ذلك في سان ستيفانو معلقا: "مش منطق أن أي حد ياخد مساحة على البحر"، وتابع "أنت احتليت الأندية اللي على البحر ما تحتلش الشارع بقى".
وأشار إلى أنه بطول كورنيش الإسكندرية لا يوجد نفق علوي، موضحا أنه محظور إنشاء هذه الارتفاعات على مسافة 200 متر من خط المياه.
وأوضح أنه لم يتم الإعلان عن المشروع نهائيا وأن ما تم الحصول عليه من معلومات والماكيت الخاص بالمشروع نشر على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، وأن المحافظ لم يحاول شرح الأمر وتوضيحه للسكندريين معلقا"حاجة غامضة" وأن المشروع لم يسبقه أي إرشادات أو تحذير أو من القائم عليه مضيفا "حاجة كأنها بتتعمل في السر".
وأشار إلى أن المشروع تسبب في أزمة مرورية لم يعلن أحد عن مدتها ووقت انتهائها، مطالبا محافظ الإسكندرية بتوضيح الأمر، موضحا أن نائب المحافظ أعلنت في أحد المواقع الإخبارية صلتها بالمشروع معلقا "أحنا مش كل يومين نحارب في محافظ ويجي الأسوأ منه".
وتابع: "أحنا مشينا المسيري جالنا عبد الظاهر قولنا بتاع تنمية محلية ولا عمل ولا سوى"، واصفًا المحافظ الحالي اللواء الدكتور رضا فرحات بـ "الصامت".
من جانبه فضل الدكتور صلاح هريدي أستاذ مساعد في كلية الفنون الجميلة قسم العمارة، الاحتفاظ بتعليقه على الأمر انتظارا للقاء الذي يعقده اللواء الدكتور رضا فرحات محافظ الإسكندرية غدا مع عدد من ممثلي المجتمع المدني والقوى المختلفة لتوضيح الصورة.
وأضاف هريدي أن ما يستطيع قوله هو أن ما حدث كان نتيجة لما تم التحذير منه مرارا وتكرارا، وأنهم طالبوا كثيرا وضع خطة موسعة لتطوير الكورنيش بشكل كامل وألا يتم التطوير بشكل متقطع، موضحا أن المشروع قد يكون ممتاز وفي الوقت نفسه يكون له تأثير سلبي على ما حوله.
وشدد على ضرورة التخطيط المتكامل، متسائلاً عمن خطط للمشروع وأين الرؤية الجماعية للمتخصصين في الإسكندرية؟ موضحا أن الأمر أكبر من أن يكون رأي شخص أو أثنين، معلقا "وهم زملاء أفاضل"، مؤكدًا أن التخطيط الشامل للكورنيش حتمي وضروري، وأن يتم وضع رؤية للعمل عليها السنوات القادمة للمحافظة على الكورنيش كأداة حركة وتنزه.