بالوقائع| هذا ما قدمته المؤسسات الإسلامية بمصر لتجديد الخطاب الديني
على مدار السنوات الماضية تسابقت المؤسسات الدينية فى مصر على إعلان استجابتها لدعوة تجديد الخطاء الديني، فشرع الأزهر فى تطوير مناهجه الدراسية، حيث شكل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لجنة لإصلاح التعليم ما قبل الجامعي في الثالث من سبتمبر عام 2013، لإعداد مناهج تقوم على التعددية التي تحترم كل الآراء، ليصعب على الطالب أو العالم الأزهري أن يُستقطب ليُكفر الرأي الآخر الذي يخالفه، ومع المقرر أن تراجع هذه المناهج كل ثلاث سنوات.
كما أعلن الأزهر اعتزامه إنشاء أكاديمية لتدريب الأئمة والوعاظ بحيث لا يعين الإمام أو الواعظ إلا إذا درس في هذه الأكاديمية وحصل على كورسات مكثفة في الشريعة والفتوى، فى الوقت ذاته تؤهل الأكاديمية الإمام والواعظ والباحثين على الفتوى من خلال تدريب جاد يتعهدهم ويتولاهم.
بينما أحكمت وزارة الأوقاف سيطرتها على المساجد، وعملت على عدم تمكين أى شخص من الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمسجد ما لم يكن مصرحا له بالخطابة، كما عممت الخطبة الموحدة، وطالبت الأئمة بالالتزام بنصها أو بجوهرها على أقل تقدير مع الالتزام بضابط الوقت ما بين 15 – 20 دقيقة كحد أقصى، مؤكدة استبعاد أي خطيب لا يلتزم بموضوع الخطبة، أو الدروس والقوافل الدعوية.
كما أقامت الأوقاف عدة مؤتمرات رفعت شعار تجديد الخطاب، وترأس الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اللجنة العلمية التي وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيلها لإعداد خطة علمية مدروسة لخطبة الجمعة.
تضم اللجنة نخبة من كبار علماء الدين، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، وتقوم على رصد القيم التي يجب العمل على ترسيخها سواء في مجال العمل والإنتاج، أم في مجال القيم والأخلاق، أم في المجالات الاجتماعية والأسرية والتربوية، والانتماء الوطني.
وكذلك رصد الآفات والمشكلات والانحرافات السلبية، والعمل على معالجتها وتخليص المجتمع منها، بحيث ترصد الخطة 54 موضوعًا للعام الأول كخطة قصيرة المدى، و270 موضوعًا في الخطة المتوسطة المدى خمسة أعوام تشمل العام الأول، على أن تراعى المناسبات الدينية والوطنية في كلتا الخطتين، ثم تقوم لجنة متخصصة بإعداد هذه الموضوعات إعدادًا متميزًا ومراجعتها مراجعة دقيقة، ولجنة أخرى بتقييم الأداء والأثر.
يصاحب ذلك برامج تدريبية متميزة للأئمة المتميزين ولجميع الأئمة لرفع مستوى أدائهم المهني إلى الدرجة التي ترقى إلى التنفيذ المتميز لهذه الخطة مع برامج تحفيزية للأئمة الأكثر تميزًا، وستكون نتائج عمل هذه اللجنة بين يدي الرئيس خلال شهرين على الأكثر.
أما دار الإفتاء المصرية، فقد أسست الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إسهامًا منها في مسيرة التجديد والإحياء، وأنشأت – منذ أواخر عام 2013 وقبل ظهور داعش - وحدة لرصد الفتاوى التكفيرية ودحضها، حيث تقوم تلك الوحدة برصد ما يقرب من 183 موقعاً مختلفاً لدحض ما ينشر عليها من فتاوى تكفيرية.
كما عملت الدار على مواجهة تنظيم داعش عبر استخدام وسائل التواصل الحديثة على الانترنت، ومنها صفحة "داعش تحت المجهر" والتي تختص بمواجهة رسائل وفتاوى داعش، ومجلة Insightالتي يتم من خلالها دحض ما يرد في مجلة "دابق" التي تصدرها داعش، وكذلك موقع دار الإفتاء الإلكتروني الذي يبث بعشر لغات، فضلًا عن تطبيق إلكتروني للفتوى من خلال الهواتف الذكية والذي تم إطلاقه مؤخرًا لتيسير الوصول لأبرز الفتاوى الموجودة في أرشيف دار الإفتاء.
بدوره أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية الوافدين بالأزهر، أن دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف، هما زراعين من أزرع الأزهر يكملان الطريق مع الأزهر الأم، مشيرا إلى أن الكل يتحرك فى طريق تجديد الخطاب بكل ما يملك من وسائل معتبرة وشرعية.
وأوضح فؤاد في تصريح لـ"مصر العربية"، أنه بالإضافة لهذه الجهود فإن الأزهر وضع كتبا فى الثقافة الاسلامية تناقش كبريات القضايا بسهولة وسير، كقضايا التكفير والخلاقة والجهاد والمواطنة، والتطرف والإرهاب، وقرره على تلاميذه بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية، ومد الأزهر يده إلى وزارة التعلم لتدرس هذه الكتب في المدارس ولم يتلقى إجابة حتى الآن، حتى أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عرض على الوزراء المعنيين هذه الكتب وقال لهم إن الأزهر مستعد لتحصين عقول الشباب بشرح هذه القضايا فى المدارس والجامعات.
وأضاف أن علماء الأزهر حاوروا الشباب في المناطق الشبابية ضمن مبادرة "الأزهر يجمعنا"، كما أرسل قائمة بأسماء العلماء المعتبرين لكل القنوات الفضائية والذين يحق لهم الحديث في كبريات القضايا في الاعلام، غير أن وسائل الإعلام اعتمدت على أسماء غريبة لا يعرفها الأزهر ولا منهجه مثل الشيخ محمد عبد الله المشهور إعلاميا باسم "ميزو" ومصطفى راشد، بل استضاف الاعلام من يطلقون على أنفسهم مفكرين وباحثين فى الدراسات الإسلامية، من أمثال أحمد عبده ماهر، وغيره ليثروا البلبلة ويقتطعون نصوصا من منا هج الأزهر تخدم مأربهم، ما دفع الأزهر إلى مناشدة الإعلام بالتوقف عن استضافة من يثيرون الفتن الفكرية فى المجتمع ولكن لا حياة لمن تنادى - حسب قوله - .
وأكد عميد كلية الوافدين أن الأزهر أخذ على عاتقه مواجهة فوضى الفتاوى فأنشئ مرصد الفتوى العالمي للرد على الاستفسارات التى يطلبها الناس من كل أنحاء الدنيا الكترونيا، كما شكل لجانا فى مواجهة الفكر الشيعي الذي تغلغل فى البلاد، واختطف عقول بعض الشباب بطريقة غريبة.
وتابع : "كذلك يقيم الأزهر اللقاء الشهرى تحت عنوان "شبهات وردود" يحاضر فيه كبار العلماء فى التخصصات المختلفة ليردوا فيه على أسئلة الطلاب الوافدين إلى مصر من كل أنحاء العالم، وتشرف مشيخة الأزهر بنفسها على هذا اللقاء الذى يحضره مئات الطلاب ومسجل بالصوت والصورة، وكان يمكن للإعلام المصري الاستفادة من هذه اللقاءات ليقاوم الفكر المتطرف لكن يبدوا أن الاعلام في وادى بعيدا عن الهدف الذى تنشده البلاد ومازالت الدعوة قائمة لمطالبة الاعلام بالاستفادة من هذه اللقاءات والتي تشبه ما كان يسمى بـ"ندوة للرأي" وكانت تذاع قديما وبسببها اهتدى الكثير من الشباب".
وأشاد عبد المنعم فؤاد، بالدور الذى يقوم به الأزهر في الحوار المجتمعي من خلال إقامة بيت العائلة الذى يجمع بين علماء الإسلام ورجال الدين المسيحي ويناقش كافة القضايا التي تحمى البلاد فكريا وطنيا.
بالإضافة إلى جهود الإمام الأكبر فى الانفتاح على ثقافة الآخر وابطال دعوى الإقصاء التى يلصقها المبطلون بالمسلمين ودينهم ويبين الامام ان الثقافة الاسلامية يمكن أن يجتمع تحتها الجميع.