المغرب.. بن كيران في مأزق بعد بتجميد مفاوضات تشكيل الحكومة

كتب: وكالات

فى: تقارير

18:35 10 يناير 2017

بعد ثلاثة أشهر من تكليف الملك محمد السادس رئيس الوزراء المغربي بتشكيل حكومة جديدة، وإثر مشاورات ماراثونية، عادت الأمور إلى الصفر مع إعلان عبد الإله بن كيران الأحد، وقف المفاوضات التي استأنفها الأسبوع الماضي، بعد توقف دام أسابيع.

 

والأزمة الحكومية التي يمر بها المغرب حالياً غير مسبوقة منذ قرابة 20 سنة من حكم الملك محمد السادس، كما أن المراقبين يعتبرون أن التأخير الحاصل هو الأطول في تاريخ البلاد منذ استقلالها في 1956.

 

تكليف ملكي

وبعد فوز العدالة والتنمية الإسلامي بانتخابات أكتوبر الماضي، كلف الملك عبد الإله ابن كيران بتشكيل حكومة جديدة للمرة الثانية منذ تبني دستور جديد صيف 2011 في خضم ما يسمى "الربيع العربي".

 

وتكونت الأغلبية الحكومية السابقة من أربعة أحزاب، ووصف التحالف حينها ب"غير المتجانس" وحصلت صراعات داخل الحكومة وتصريحات متناقضة، وشهدت النسخة الأولى انسحاب حزب الاستقلال المحافظ، واستبداله بحزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي.

 

عتبة المقاعد 198

وعقب تكليف الملك، كثف ابن كيران لقاءاته مع الأحزاب لتشكيل أغلبية برلمانية لكنه فشل حتى الآن في بلوغ عتبة 198 مقعداً من أصل 395 المكونة لمقاعد مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان.

 

وفي بداية المفاوضات بدت الأمور سهلة بالنسبة لابن كيران خاصة بعد إعلان حزب الأصالة والمعاصرة، 102 مقعدين، قراره النهائي برفض التحالف، لكن في تغير مفاجئ تحول الأمر إلى مواجهة واستقطاب بين العدالة والتنمية 125 مقعداً، والتجمع الوطني للأحرار 37 مقعداً.

 

وبعد الانتخابات اختار هذا الحزب رئيساً جديداً هو عزيز أخنوش وزير الزراعة والملياردير المعروف، الذي ظهر إلى جانب الملك في أغلب جولاته الرسمية، وكان المسؤول الحزبي الوحيد الذي قبل الملك دعوته للإفطار في رمضان الماضي.

 

شرط أخنوش

وأقنع أخنوش ثلاثة أحزاب، الحركة الشعبية 27 مقعداً، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 20 مقعداً، والاتحاد الدستوري 19 مقعداً، لتصطف إلى جانبه من أجل التفاوض مع ابن كيران، مشترطةً إقصاء حزب الاستقلال من التحالف، 46 مقعداً.

 

وقاوم ابن كيران أسابيع طويلة شرط إقصاء حزب الاستقلال من التحالف، لكنه استسلم في الأخير بعد التصريحات الصادرة عن أمين عام حزب الاستقلال حميد شباط.

 

وتسبب شباط في "سوء فهم" بين الرباط ونواكشوط حين قال في اجتماع حزبي عن تاريخ استقلال المغرب والمناطق التي فقدها بسبب الاستعمار، إن "موريتانيا أصبحت دولة، وهي أراض مغربية محضة".

 

إقصاء الاستقلال

وفيما لم تنفع اعتذارات شباط وحزبه لموريتانيا، والرأي العام في المغرب، خرجت المفاوضات العالقة منذ أسابيع من النفق الضيق، وعاد أخنوش والأحزاب الثلاثة الأسبوع الماضي للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وسط ارتياح لإقصاء حزب الاستقلال بسبب تصريحات أمينه العام.

 

وأبدى حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الحركة الشعبية موافقتهما المبدئية على تشكيل الحكومة "على أساس الأغلبية الحكومية المنصرمة"، لكن كل الآمال لإنهاء الأزمة الحكومية انهارت بعد بضعة أيام، بعد مطالبة الأحرار من جديد بإشراك الاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي في مشاورات الحكومة، وهو ما لم يرق لابن كيران الذي أعلن وقف التفاوض مساء الأحد.

 

حرمان من المناورة

ويوضح أستاذ علم السياسية في كلية الحقوق بالعاصمة الرباط محمد الناجي لفرانس برس: "يبدو هدف أخنوش واضحاً، حيث يريد حرمان ابن كيران من أي هامش للمناورة".

 

من جانبه يقول أستاذ علم السياسة في الكلية نفسها محمد مدني "الهدف النهائي من كل هذا هو إضعاف حزب العدالة والتنمية، الذي خرج فائزا للمرة الثانية في الانتخابات".

 

ويضيف مدني "أخنوش لا يقوم بما يقوم به مع ابن كيران بشكل مستقل، بل إنه الناطق الرسمي باسم مراكز السلطة، والهدف هو القول إن نتائج الانتخابات ليس لها وزن، بل القرب من القصر الملكي، هو الذي يحسم الأمور في نهاية المطاف".

 

وبوقف المفاوضات كما يوضح مدني "يكون رئيس الحكومة قد غير التكتيك لرفع المشكل إلى مستوى أعلى" من التفاوض الحزبي لتشكيل الحكومة.

 

تدخل ملكي منتظر

ويعتبر الملك الحكم وفوق الاحزاب، وقد يضطر الى التدخل للتحكيم بين الفرقاء السياسيين في الأمور السياسية العالقة، وقد سبق له القول في خطاب مطلع نوفمبر إن "تشكيل الحكومة المقبلة يجب ألا يكون مسألة رياضيات" أو لتقاسم "غنيمة انتخابية".

 

ويبقى سيناريو اللجوء إلى انتخابات برلمانية جديدة، حسب الباحث في الشؤون السياسية عبد الله الترابي، بعيداً بسبب الكلفة السياسية والمادية للانتخابات، كما أن تعيين رئس حكومة آخر "سيكون مصدراً للتوتر" خاصةً مع العدالة والتنمية، الذي يملك شعبية مهمة.

 

ويبقى تدخل الملك حسب المصدر نفسه ليطلب من الأحزاب استئناف المشاورات، وفض الأمور العالقة، السيناريو الأقرب إلى التحقق، ومن المنتظر أن ينعقد مجلس وزاري الثلاثاء، برئاسة الملك حسب الصحافة المحلية، وقد يفضي إلى هذا السيناريو.

اعلان