رغم المطالبة بتكثيفها..
لماذا يتهرب بعض أئمة الأوقاف من القوافل الدعوية؟
"بلا جدوى".. "عائدها المادي غير كافٍ".. "بعد المسافات وصعوبة التنقل".. "عدم تفاعل المواطنين معها".. "ضياع للوقت والمجهود".. "عدم تناسب الموضوعات مع الجمهور"..
هكذا عدد من الأئمة أسباب عزوفهم عن المشاركة في القوافل الدعوية والدروس الدينية واللقاءات العامة.
وكان الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، قد وجه بضرورة بذل المزيد من الجهد ومضاعفة الدروس بالمساجد وتكثيف القوافل الدعوية واللقاءات العامة وقصر إقامة الجمعة بالمساجد الجامعة وتخصيص الأئمة المتميزين لتلك المساجد.
وقال وزير الأوقاف، إن أهل الباطل يعملون في الظلام وغياب أهل الحق، وهدفهم اختطاف العقل والفكر لصالح دعوات هدامة، لذا لابد من فضح مخططاتهم لأن أهل الحق يعملون في النور، وفي سبيل ذلك لابد من فحص الأحوال والتغيرات المادية والاجتماعية والسلوكية والتوجهات الدينية التي تطرأ على الشباب ، ومواجهة ذلك من خلال المساجد ومراكز الشباب وقصور الثقافة.
ووجه مختار جمعة، بتكثيف القوافل الدعوية بجميع محافظات مصر، بحيث يترأس وكيل وزارة الأوقاف بكل محافظة قافلتين أسبوعيًا، تكون إحداهما يوم الجمعة بأحد مراكز المحافظة وبرئاسته شخصيًا لأداء خطبة الجمعة، وتكون الثانية يوم الثلاثاء من كل أسبوع بمركز آخر برئاسته شخصيًا أيضا لأداء درس الثلاثاء.
على أن يتم تقديم تقريرٍ شهريٍ مكتوب ومصور ما أمكن لرئيس القطاع الديني بالوزارة، وعلى أن تشمل هذه القوافل القرى والعزب والنجوع، ليأخذ الناس صحيح الإسلام من العلماء المتخصصين، ولنشر الفكر الوسطي في ربوع مصر كلها واجتثاث التطرف من جذوره.
وأعلنت الأوقاف عن إقامة قوافل دعوية بالتنسيق مع وزارات التموين والشباب والرياضة والتعليم، وبهدف مخاطبة المواطنين فى المناطق الشعبية والشباب فى المدارس والجامعات ومراكز الشباب، إلا أن هذه القوافل لم تكتمل دون معرفة الأسباب، فضلا عن أنها لم تجني أي ثمار – حسب تصريحات بعض الأئمة- .
وبدوره أكد أحد أئمة -طلب رفض ذكر اسمه فى التقرير- أنه لم توجه إليه أي دعوة من الإدارة التابع لها من أجل المشاركة في هذه القوافل، واللقاءات العامة.
وذكر الإمام لـ" مصر العربية"، أن هذه القوافل بلا جدوى تذكر سواء على الإمام أو المواطنين، وذلك لعدم تناسب الموضوعات التى تلزم بها إدارة الأوقاف الأئمة مع الجمهور، مضيفا :"الإدارة تطالبنا بالحديث عن موضوعات الأمن والصدقات وإنجازات قناة السويس"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المصلين يعزفون عن حضور الدروس الدينية لانشغالهم بأعمال أخري، أو لعدم اهتمامه بالقضية المطروحة.
وافقه الرأي إمام آخر يعمل في مديرية أوقاف كفر الشيخ، الذى أكد أن الموضوعات التى تحددها الإدارة التابع لها لا تتناسب مع اهتمامات المواطنين، مؤكدا أيضًا أن بعد المسافة وصعوبة التنقل من مسجد إلى آخر خاصة فى القري والنجوع، فضلا عن ضعف العائد المادي الذي تقرره الأوقاف نظير القوافل، وعدم توفير زي أزهري مناسب ليظهر بصورة لائقة أمام المواطنين، من أسباب عزوف الأئمة عن هذه القوافل.
فيما قال الشيخ محمد محروس الخراشي، من مديرية أوقاف كفر الشيخ : "إن القوافل مهمة للغاية ولكن للأسف أنا كإمام حينما اذهب إلى بعض المساجد لا أجد عمالا ولا مصلين فأقوم بالأذان وانتظر أحد حتى أصلى به، وذكر أنه ذهب فى إحدى المرات إلى احد المساجد فوجد رجلا لا يعرفه، يسبه ويسب الأئمة ولأن الوزارة لم تخصص إماما لمسجده .
وأضاف الخراشي لـ"مصر العربية"، :" كثير من الناس يستفيدون من خلال القوافل والدروس، ولكن أتمنى ألا يقتصر دورها على المساجد فقط، وليكن للإمام دور في باقي المؤسسات كالسجون والمستشفيات والنوادي ومراكز الشباب والمدارس والمجالس المحلية لتوعية الناس .
أما الشيخ على الأزهري، فأكد أن هذه القوافل ليس لها تأثير ويهرب منها الإمام لأنه يشعر أنها تحصيل حاصل، أو كأنه يحرث فى الماء وأحيانا لا يجد أحد فى المسجد – حسب قوله.
وأشار الأزهر إلى أن حالة اليأس التى يمر بها الناس جعلتهم يعرضون عن سماع الخطب والمواعظ، لأنهم يرونها بمثابة أوامر تثقل كاهلهم خاصة أنهم يعيشون فى هم طلب العيش، وذكر سببا آخر لهروب الناس من الأئمة وهو أن عناوين الخطب أقرب إلى السياسة منها إلى الدين.
ولفت إلي أن الإمام يعانى من فقر المادة العلمية نظرا لبحثه عن المادة المعيشة وهذا ما يجعل الدرس أو الخطبة ليست على درجة عالية من التحضير – على حد قوله- .
فى المقابل قال الشيخ حسين العسقلاني إمام وخطيب بمديرية أوقاف الفيوم، لـ"مصر العربية"، : "إن الإمام الذي يشعر بقيمة رسالته كداعية يحرص وبشدة على أداء القوافل بل وينتظره الجمهور كل أسبوع للاستفادة منه وسؤاله عما يستجد في شئونهم ومشكلاتهم، أما من يتعامل مع الدعوة كأنها مجرد وظيفة يقتات منها فقط فغالبا ما يكون العمل ثقيلا عليه بعض الشيء وقد لا يؤديه على الوجه الأحسن، ومن هنا فرسالتي أن ينتشر الأئمة في مجتمعاتهم لينشروا الفكر الإسلامي الأزهري بوسطيته واعتداله بعيدا عن التشدد والغلو وعن التفريط أو الإفراط".