نائب: كم دفع رجل الأعمال للاستحواذ عليها ؟
«العطش» يضرب شمال سيناء.. والأهالي: حسن راتب «يشفط» مياه الشرب
"أين مياه الشرب؟"، هذا هو السؤال الذي يتردد في أغلب شوارع وبيوت شمال سيناء منذ شهر على الأقل، حيث يكتوي الأهالي بلهيب الأزمات اليومية ما بين خدمات متردية وإهمال متواصل في الخدمات الرئيسية وخاصة المياه.
وتشهد المحافظة حالة من الغضب اليومي خاصة بمدن "نخل والحسنة ومدن الحدود الشيخ زويد ورفح"؛ نظرًا لانقطاع المياه المتكرر عن المدن والقرى، وعدم تحرك المسؤولين واستجابتهم لشكواهم جراء انقطاع مياه الشرب.
وفي هذا السياق، اتهم مواطنون رجل الأعمال حسن راتب بالاستيلاء على حصة المياه الرئيسية الخاصة بالعريش ووسط سيناء والشيخ زويد ورفح لتحويلها لجامعة سيناء وقرية سما العريش ومصنع الأسمنت الخاص به بمنطقة الصناعات الثقيلة بالحسنة في وسط سيناء.
سليمان محمد محسن مواطن من سكان مدينة الشيخ زويد يتهم الشركة القابضة للمياه والصرف الصحي بعدم توفير حصة المدينة من المياه وحصرها في مدينة العريش العاصمة، حيث يعتمد سكان مدينة الشيخ زويد والقرى التابعة لها على مياه الآبار الجوفية ومياه الأمطار للحصول على مياه الشرب – حسب قوله-.
ويقول سويلم الحمادين من حي الترابين بالشيخ زويد إن أغلب مناطق شمال سيناء تعاني من أزمة حادة في المياه، تستمر في بعض الأحيان عدة أسابيع مما يدفع الأهالي إلى شرائها بينما تظل المياه الجوفية الملاذ الأخير في المناطق النائية والمعزولة.
فيما يشير محمد عبيد الله عرفات إلى أن الأهالي في أحيان كثيرة يضطرون إلى شرب المياه المالحة للبقاء على قيد الحياة، في أحيان أخرى، مؤكدًا أن انقطاع المياه يستمر أحيانًا لأكثر من شهر، موضحًا أنها لم تدخل بيوتهم عبر المواسير منذ نحو أسبوعين متواصلين.
وعلى بعد 35 كيلومترًا شرقي العريش، يتكرر مشهد عربات الكارو المحملة بجراكن المياه، تسير على جانبي الطريق، لبيع حمولتها في قرى الشيخ زويد، حيث أن العربات المصدر الوحيد لري ظمأ البشر إلا أن هذه السيارات توقفت منذ نحو عامين عن نقل المياه للمواطنين بمدن الحدود.
وهذا الأمر يفسره سليمان سواركة من سكان حي الكوثر بالشيخ زويد قائلا: شركة المياه منعت توجيه سيارات نقل المياه لأحياء الشيخ زويد، بعد قيام المسلحين باختطاف سيارتين من سيارات نقل المياه واستخدموها في عمليات إرهابية ولكن ما ذنب الأهالي ليتم قطع مياه الشرب عنهم ويقول بانفعال شديد: "هذه حرب إبادة ومبرر لمعاقبة أهالي الشيخ زويد".
ويطالب المواطن حمد المنايعة من سكان قرية المهدية بجنوب رفح المسؤولين، بحل الأزمة سريعا، قائلا: "شرب المياه المالحة، التي لا تستطيع الطيور ولا الحيوانات شربها وعلى المسؤولين أن يتحركوا لإنقاذنا قبل أن نموت عطشا في بلد النيل".
ولا تختلف منطقة وسط سيناء عن شمالها حيث يقول سلامة سعيد سمري من قرية الصابحة التابعة لمركز القسيمة: "لم تصلنا مياه منذ أسبوعين في ظل تجاهل الشركة القابضة لشكوانا المستمرة، لافتا إلى أنهم يعوضون القليل من احتياجاتهم من آبار خاصة بتجميع مياه الأمطار تسمى "الهرابة".
ويقول الشيخ محمد أبوعنقة، عضو سابق بمجلس محلي المحافظة عن وسط سيناء، إن أهالي مناطق الحدود ووسط سيناء يعانون منذ نحو عام، من نقص حاد في مياه الشرب، دون إنجاز حلول نهائية للأزمة في ظل غياب الرقابة الأمنية على خطوط المياه التي تصل فقط للفنادق بالعريش وجامعة سيناء الخاصة حيث تتواجد المياه العذبة داخل الحمامات بفنادق العريش، في حين لا يجدها الأهالي للشرب بمدن الحدود الشمالية بسيناء.
وأوضح أبو عنقة أن السكان في مدينة الحسنة بوسط سيناء، كانوا يعتمدون في مياه الشرب على فناطيس شركة المياه التي تنقل المياه من محطات تعبئة بالعريش، ويتم تخزينها في خزانات ومكعبات والشرب منها، وتوقفت منذ عدة أيام حركة النقل للمياه، وهو ما أوقعهم في مشكلة الحصول عليها.
فيما أكد النائب جازي سعد، عضو مجلس النواب عن دائرة وسط سيناء، أن من يديرون الشركة القابضة لمياه الشرب في المحافظة، من أبنائها، مستنكرًا تواطؤهم مع المستثمرين على حق أهلهم في شربة ماء ـ بحسب تعبيره.
وأشار جازي إلى أنه يوجد خط مياة300 ملى أي 12بوصة من منطقة مطار العريش حتي منطقة بغداد ويتفرع من هذا خط آخر من بئر لحفن حتى أبو عويقلة، ويوجد خمس خزانات سعة 1200 للخزان الواحد على ذلك الخط، لجانب وجود محطة رفع على الخط في منطقة الريسان ومع ذلك لا يجد مواطني وسط سيناء شربة ماء ولا تصل المياه إليهم لأسابيع تمتد لأشهر متواصلة.
وتساءل النائب جازي سعد: "هل يعقل بعد صرف تلك التكاليف التي تقدر بالملايين على حساب الدولة لإنشاء محطات وخطوط مياه، لتغطية بعض مناطق وسط سيناء بمياه الشرب وتقسيم ضخ المياه على المواطن والمستثمر وتقسيمه يومين لخزانات أبو عويقلة، ويومين للضخ لمصنع أسمنت دكتور حسن راتب وثلاث أيام لمناطق بغداد والحسنة.
يضيف النائب، "ومع هذه التقسيمة الظالمة فإن الموظفين يتجاهلون تلك التقسيمة ويغلقون محابس المياه عن المواطنين ويفتحونها لمصنع الأسمنت طوال الأسبوع، بدعوى أنها مياه عذبة ويوجه النائب حديثة لمسؤولي مرفق مياه شمال سيناء "لما انتوا عارفين إنها مياه عذبة بتعملوا الخط باسم الأهالي ليه وعلى حساب الدولة كنتوا ريحتوا المواطن وقلتوا الخط خاص بمصنع أسمنت حسن راتب".
وتابع النائب حديثه: "لا أدرى كم دفع الدكتور حسن راتب لكي يستغل هذا الخط لحسابه الخاص لتوفير المياه في مصنع الأسمنت على حساب المواطنين بمنطقة وسط سيناء، لكن ما أنا متأكد منه انه يدفع مرتبات شهرية لبعض القيادات الشعبية السابقة .. موجهًا حديثة لتلك القيادات : "حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا بعتوا ناسكوا علشان مرتب شهري وسكتوا عن التجاوزات على خط المياه".
في الوقت ذاته؛ يرفض المهندس عبد الله عواد، رئيس قطاع مياه الشرب بشمال سيناء الاعتماد على محطات مياه الآبار بشكل كامل، بحجة تكلفتها العالية وعدم وجود ميزانيات كافية، وصعوبة اعتمادها بسبب البيروقراطية ومركزية اتخاذ مثل هذه القرارات، وإن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي (التي يمثل مجلس إداراتها كشركة مساهم حكومية) لا تستطيع تحمل تكلفة تكنولوجيا تحلية مياه البحر.
في المقابل، يعترف المهندس حسن عواد مدير مرفق المياه بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بشمال سيناء بوجود أزمة في مياه الشرب التي تضخ لمدن الحدود ووسط سيناء منذ أسابيع، وأرجع ذلك للاعتداءات المتكررة من المواطنين القاطنين بالقرب من الطريق الرئيس الدولي القنطرة – العريش على خط المياه وقيامهم بعمل فتحات بالأنبوب ما يضعف ضخ المياه ويؤثر على حصة مدينة العريش ومدن الحدود من مياه الشرب.
ويبرر عواد عدم وصول المياه لوسط سيناء ومدن الحدود بأن كثرة التعديات على الأنبوب الرئيسي لتوصيل مياه النيل 1000 ملم أدى إلى تقليص حصص المدن من المياه وان عدم ملاحقة الشرطة وإزالة التعديات سببا في استمرار الأزمة.
وكانت محافظة شمال سيناء قد أقامت 5 محطات تحلية مياه عند المدن الساحلية بطاقة إنتاج 5 آلاف متر مكعب للمحطة الواحدة لتخفيف حدة الأزمة إلا أن توقف الشركات عن العمل بسبب الوضع الأمني أدى لتأخر تسليم المحطات حتى الآن، ما ضاعف أزمة نقص مياه الشرب بشمال سيناء.
ويوضح مدير مرفق مياه شمال سيناء أن سيناء عمومًا لا يوجد بها محطات إنتاج للمياه، وإن جميع المحطات الموجودة هي محطات رفع مثل محطات (المساعيد وساقية السمران والريسة وكرم أبو نجيلة)، بعد أن أصبحت ترعة الإسماعيلية هي المصدر الأساسي وربما الوحيد لمياه الشرب في سيناء."، ولكن ما يصل سيناء من مياه ترعة الإسماعيلية لا يكفي.
وتنقل مياه الشرب إلى شمال سيناء من الإسماعيلية لمسافة 180 كيلو مترًا، تمر خلالها على محطة تكرير القنطرة في خطين أحدهما بقطر 1000 والآخر 700 مليمتر، وهو ما يجعل هناك إهدارًا يصل لـنحو 15% من حصة سيناء في المياه. كما انخفضت حصة محافظة شمال سيناء منذ عامين، ويقاس هذا الانخفاض من 60 ألف متر مكعب إلى 30 ألف متر مكعب، بحسب قراءة عداد محطة "التلول" التي تقع على بعد 50 كيلو مترًا من العريش.
وحسب مصدر أمني – رفض ذكر اسمه – فإن الرقابة الحكومية لم تستطع حل أزمة نقص المياه التي زادت من شكاوى وغضب الأهالي خلال الأيام والأسابيع الماضية، بالرغم من سيل شكاوى الأهالي فإن كل ما تم تسجيله من مخالفات لا يتعدى 30 مخالفة لسرقة مياه الشرب بغرض الزراعة، وهو عدد قليل نسبة إلى الكمية المهدرة من المياه، مشيرًا إلى أن العقوبات ليست رادعة بما يكفي لتغيير الوضع.