بعد غلاء الأدوية| «الذنيان» للعقم و«الحنظل» للهضم.. السيناوية يتصرفون بالأعشاب

كتب: إياد الشريف

فى: تقارير

09:50 28 مارس 2017

تحولت محلات العطارة بشارع 23 يوليو الرئيسي بمدينة العريش في شمال سيناء إلى قبلة للمواطنين الباحثين عن الشفاء لاختيار ما يناسبهم للتداوي بالأعشاب التي أصبحت بديلاً عن الأدوية الكيماوية نتيجة ارتفاع أسعارها بدرجة لا تتناسب مع الحالة المادية لهم.


محمود سلمي ، صاحب محل عطارة ، قال إنّ محلات العطارة بأسواق العريش تحولت إلى عيادات طبّية ، وبات المواطنون يقصدونها بغرض التداوي، بدلاً من التوجه للأطباء الذين يكتبون لهم أدوية بأسعار عالية جدًا لا يستطيعون شراءها..


ويحتوي شارع 23 يوليو بمدينة العريش على عشرات المحلات الخاصة ببيع الأعشاب "العطارة"، التي كانت مصدراً رئيسياً للتداوي والطب، لكن هذه المهنة تراجعت بعد تقدّم الطب بشكلٍ كبير، لتعود اليوم وتصبح مصدراً للأدوية من جديد، وخاصة للمواطنين الفقراء، نتيجة الارتفاع الكبير الذي طال سعر الدواء وفقدان أنواع كثيرة، إضافة إلى أجور الأطباء والكشف في شمال سيناء.


الحاج سالم أبو شيته ، صاحب محلات للعطارة والأعشاب بالعريش يؤكد أنه :" لا يوجد داء إلا وله دواء”، وعلى هذا المثل الشعبي كان العطارون يعملون قبل مئات السنين، وعلى المبدأ ذاته يعملون اليوم، فالأعشاب متوفّرة لكل الأمراض على اختلاف أنواعها".


وأضاف أبو شيته : نستطيع تقريبًا تغطية جميع أنواع الأمراض وتأمين علاج بالأعشاب لها، وتمكّنا من علاج الكثير من المواطنين الذين هجروا الصيدليات وجرّبوا الأعشاب، ليعودوا لاحقاً لشرائها وذلك لمداواة معارفهم وأصدقائهم”.


وأوضح أنه “يوجد عشبة "الحلبة" الخاصة بعلاج مرض الجهاز التنفسي والربو والسعال وأمراض الحلق والحنجرة والصوت، إضافة إلى عشبه "الحنظل" المتخصّصة بأمراض الجهاز الهضمي، وبإمكانها علاج أمراض المعدة وتقرّحاتها والتهاب الأمعاء ومعظم أمراض الجهاز الهضمي الأخرى".


وأوضح خبير الأعشاب أنه توجد عشبة "الذنيان" المخصّصة للأمراض التناسلية والعقم عند الرجال والمهبل عند المرأة ، متابعاً الحديث عن عشبه "السنا" التي تقوم بتنقية الدم والتخلّص من الفطريات في الجسم والفتك بالفيروسات، ويضاف إليها عشبة السدر الخاصة بالأمراض الجلدية والتئام الجروح والتقرّحات والتشوّهات. بحسب تعبيره.


فيما لا يجد حمودة خليل ، تاجر أعشاب ، فرقاً كبيراً بين طب الأعشاب وطب الأدوية المتطوّرة، إذ كشف أن معظم أنواع الأدوية الحديثة التي تُباع بمبالغ مادية كبيرة، تم استخلاصها من الأعشاب التي يبيعها.

 

ويضيف أنه "شخصيًا وعائلته يتداوون بالأعشاب منذ نحو عشرات السنين ونادراً ما يتجه لشراء الأدوية ، واعتبر أنها "صحّيةً أكثر من الأدوية التقليدية واحتمال سرعة العلاج بالأعشاب أفضل من الأدوية العادية".


ويقول مدحت زايد ، صاحب محل عطارة : إنه على الرغم من طفرة ارتفاع الأسعار التي شهدتها سيناء خلال الأشهر الماضية، والتي أدت إلى ارتفاع معظم السلع، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل انخفاض قيمة الجنيه المصري.


ويشير إلى أن الأعشاب تُعتبر حتى اليوم دواءاً رخيصا نوعاً ما فيما لو قارناه بباقي الأسعار، أو أسقطناه على سعر الأدوية العادية، فالأعشاب تُباع بمبالغ بسيطة وبإمكان المريض أن يحصل على كفايته فقط كون هذه الأعشاب تُباع حسب وزنها بالجرام الواحد.


أضاف: يبلغ سعر الـ 100 غرام من عشبه البابونج 9 جنيهات، وهو يكفي للشرب ثلاث مرات، فيما يبلغ الـ 100 جرام من عشبة الحلبة 18 جنيها، والحنظل 15 جنيها والسنا 18 جنيها، وهي مبالغ يستطيع أصحاب الدخل المحدود دفعها والحصول على الخدمة الطبية.


في مقابل رخص أسعار الأعشاب فإن الطب في سيناء بات متاحاً للطبقة الميسورة مادياً، فكشف الطبيب يتراوح ما بين ما بين 100 إلى 180 جنيها ، في حين أن إجراء التحاليل والصور الإشعاعية بات صعب المنال، حيث بلغ ثمن صورة (الإيكوجراف) 1500 جنيه، والرنين المغناطيسي200 جنيه والطبقي محوري 3 آلاف جنيه.


وارتفعت معها أسعار الدواء بنسبة أكثر من 50%، ما جعل اللجوء إلى الأعشاب أمراً طبيعياً، في ظل انخفاض القوة الشرائية.


التاجر شاهين رستم قدّر معدّل المبيعات للأعشاب بأنها ارتفعت ستة أضعاف، مؤكّداً "وجود إقبال واضح من المواطنين عليها"، وهو أمر تؤكّده السيدة أم حاتم، التي لجأت للمرّة السادسة على التوالي لشراء الأعشاب كأدوية.


تقول أم حاتم :عالجتُ أسرتي كلها هذا الشتاء من التهابات الجهاز التنفسي من سوق الأعشاب وقبلها ساعدت شقيقتي على شراء أعشاب بعد تعرّضها لمغص شديد في المعدة نتيجة مرض هضمي.


ويؤكد عمار عبد الله ،موظف ، أنه "وجد بديلاً عن زيارة الأطباء في طب الأعشاب واصفةً إياه بالأكثر صحياً ".


وأضاف عمار :" كنت أحاول أن أداوي أولادي بطرقٍ تقليدية، فأدعهم يشربون الكمون عندما يعانون من ألمٍ في المعدة، أو مشروبٍ آخر خلال التهاب الصدر، والبن خلال الجروح ومعجون الأسنان خلال الحروق هرباً من شراء الدواء ".


غالبية الأدوية حالياً والمنتجة محلياً، أصبحت غير فعالة بحسب استطلاع آراء عدد من المواطنين، حيث تقول حسناء، ربة منزل: الأدوية اليوم أصبحت غير فعالة، فمثلاً "الكتيفان " المسكن لآلام الرأس، أصحبت اليوم أتناول 5 كبسولات باليوم دون نتيجة، والأمر هذا يسري على أدوية الالتهاب والمسكنات العامة".

 

 

اعلان