خاطرة الجزء الرابع
تعرف على الصحابي الذي كلمه الله دون حجاب
آيات في الجزء الرابع تصف منزلة الشهيد عند الله تعالى، وما يلقى من الكرامة في الجنة، وحق له، فلا شيء أغلى عند الإنسان في الدنيا من نفسه.
وحين يضحي المرء بالنفس في سبيل نصرة دين الله عز وجل فإنه بذلك يثبت صدقه في طلب ما عند الله تعالى وإيثاره رضا مولاه سبحانه على نعيم الدنيا كله، فيكافئه الله تعالى بأن يصطفيه شهيدا على الخلق يوم القيامة.
ويسبق هذا الاصطفاء كرامات وهو على أعتاب الآخرة، منها ما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة" (أخرجه أصحاب السنن عن أبي هريرة).
ثم إذا دخل الجنة برحمة الله عز وجل تمنى العودة للدنيا ليقتل ثانية في سبيل الله لما رأى من الكرامة عند الله تعالى وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة".
ويصف المولى سبحانه حياة الشهيد عند فيقول "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين" (الآيات 169، 170، 171 من سورة آل عمران).
ولهذه الآيات سبب نزول أورده الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا: من يبلغ عنا إخواننا أنا في الجنة نرزق، لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب؟ فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون".
أما الصحابي الذي كلمه الله سبحانه كفاحا فقد أخرج خبره الترمذي وغيره عن جابر بن عبد الله بن حرام رضي الله عنهما قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا جابر؛ ما لي أراك منكسرا؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي، قتل يوم أحد وترك عيالا وديْنا، قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك، قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا، فقال: يا عبدي تمنّ عليّ أعطك، قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: وأنزلت هذه الآية: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" (أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه والمنذري وصححه الألباني).