عادل عجيب يكتب: قراءة في العورات التي كشفتها مأساة العريش
ترددت كثيراً في الكتابة عن أحداث العريش سواء حوادث القتل واستشهاد العشرات من أبناء هذه المدينة بل والتمثيل بجثثهم أمام ذويهم وأهلهم أو ترك الأسر منازلهم وأملاكهم سواء كان نزوح قسري أو تهجير وهذا لا يعنيني بل ما يعنيني في المقام الأول وصول هؤلاء المواطنون المصريون إلى بر أمان وهذا ما حدث حتى الآن.
إلا أننى رجعت وحاولت قراءة المشهد بصورة مغايرة وطرحت عدد من الأسئلة كان أهمها:
- - هل قام الجميع بواجبه القانوني والدستوري والإنساني تجاه هذه المأساة؟
- - هل كان تحرك الجميع على قدم المساواة في تلبية نداء الإنسانية؟
- - هل قدمت المؤسسات المعنية ما كان يجب عليها وخاصةً الدور الإنساني والمادي وحتى الدور الديني ؟
وللأسف اكتشفت (على الأقل من وجهة نظري التي قد تصيب أو تخطئ) أن هناك تباين عالي جدا وتفاوت في أداء الواجب من كثيرون بل وصل الحال إلى وجود تخاذل وتقصير بين من مؤسسات بعينها وأشخاص داخل هذه المؤسسات وللأسف إن المواطنين الذين انتقلوا إلى الإسماعيلية وذوي الشهداء هم وحدهم يحملن الأضرار الناتجة عن هذا التقصير .
وقد وجدت أن هذا الحادث الإرهابي والتفاعل السلبي لبعض الجهات والمؤسسات معه نتح عنه كشف عورات لخمس جهات في الدولة وجاء على رأس هذه المؤسسات:
أولاً: الحكومة وتحركها من جانب خمس وزارات معنية بهذا الأمر (الإدارة المحلية - التضامن - التعليم - الداخلية - الشباب والرياضة).
ثانياً: البرلمان وتحركه على ثلاث مستويات (البرلمان على المستوى العام - السادة نواب محافظة شمال سيناء - السادة والسيدات النواب المسيحيين).
ثالثاً: الكنيسة نعم الكنيسة بطوائفها (الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - والكنيسة الإنجيلية - الكنيسة الكاثوليكية).
رابعاً: الأزهر الشريف وكل إداراته ومجالسه.
خامساً: مؤسسات المجتمع المدني (الجمعيات الأهلية - الأحزاب السياسية - الكيانات التي تضم رجال الأعمال المصريين - النقابات المهنية).
وقد وضح لي التباين الفج في أداء أدوار كثيرون، ومنهم من لم يقم بما يجب عمله بما تحتم عليه مسؤولياته في هذا الموقف ولكنه تخاذل في أداء هذا الواجب ومنهم - وللحق - من قام بعمل أكثر من رائع وأكثر مما هو مطلوب منه بل قام بواجبات تجاه المواطنين الراحلين من العريش طواعية منه دون أي التزام نحوهم (وهذا هو المعدن المصري الأصيل).
وعليه فضلت أن أكتب خمس حلقات منفردة حول الخمس عورات السابق ذكرها لكى تكون أمام نصب أعين القائمين على هذه المؤسسات في المستقبل (لا قدر الله) إذا ما تكرر هذا الأمر ولا سيما أن حرب الدولة وحربنا مع أجناد الشر من المتطرفين الإرهابيين لن تنتهى سريعاً إلا إذا تكاتفنا جميعاً أعني الشعب كله وكذا الحكومة كلها ضد هذه الأفكار الشيطانية المتطرفة لكي نبيد جذور هذا المرض الخبيث الذى تأصل بسبب تقصير الحكومات المتوالية السابقة وكذا تفشى ظواهر غريبة في العصور البائدة بالمجتمع المصري، وحان وقت لإعادة ترتيب الأمور لكى تنعم مصر بما تستحقه دولياً وينعم شعبها بحياة كريمة يستحقها.
ولسوف ننشر ذلك على حلقتين أسبوعياً و نطرحها على القارئ العزيز.
عادل عجيب، رئيس الهيئة القبطية الأمريكية.