أسوشيتيد برس: قتال مصر للمسلحين حول أصدقاءها لأعداء
تحت عنوان " قتال مصر للمسلحين جلب لها العداوات".. أفردت وكالة "أسوشيتيد برس" تقريرا مطولا تناولت فيه التوجه الذي تنتهجه مصر حاليا في السياسة الخارجية والذي تأتي قضية قتال المسلحين على رأس أولوياتها، وما نتج عن ذلك من تقارب بين مصر من ناحية، وبين سوريا وروسيا وإيران من ناحية أخرى، ما أسفر بدوره عن توتر العلاقات بين مصر والسعودية، الداعم المالي الرئيسي للاقتصاد المصري.
وإلى نص التقرير:
وضعت مصر ملف قتال المسلحين المتشددين على رأس أولوياتها، وهو القرار الذي قرب القاهرة من الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا وإيران، لكنه خلق على الجانب الأخر شعورا عدائيا بينها وبين المملكة العربية السعودية، أكبر داعم مالي للبلد العربي الواقع شمالي إفريقيا.
وتتسم السياسة التي تنتهجها مصر بالخطورة في وقت تكافح فيه لاستئصال شأفة المسلحين المتمركزين في سيناء، وتجاوز أزمتها الاقتصادية الطاحنة التي تُعد الأسوأ في عقود.
وأظهرت السعودية التي ساعدت مصر على تفادي انهيار اقتصادي عبر تقديمها مساعدات للأخيرة بمليارات الدولارات، بالفعل استيائها الفعلي عبر وقف إمداد القاهرة بشحنات الوقود خلال أكتوبر الجاري.
وقال ستيفن إيه. كوك، الخبير المتخصص في الشئون الشرق أوسطية بمجلة " فورين أفيرز" إن " ملاحقة القاهرة لجماعة الإخوان المسلمين وأي جماعة إسلامية أخرى تحمل تشابها فكريا ولو قليلا مع جماعة الإخوان قد أصبح الأساس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية لمصر."
ولعل أقوى دليل على صحة هذا التوجه في مصر هو دعم الأخيرة لمشروع قرار روسي حول التهدئة في سوريا في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مؤخرا. وطرحت موسكو مشروع القرار هذا وإن استخدمت حق الفيتو لإسقاط مشروع قرار فرنسي منافس يطالب بوقف الهجمات الجوية الروسية والسورية والتي خلفت مئات القتلى في مدينة حلب في الأسابيع الأخيرة.
وصوتت مصر لصالح مشروعي القرار الروسي والفرنسي، قائلة إنها فعلت ذلك يحدوها الأمل في وقف معاناة السكان في حلب. لكن الوقوف إلى جانب روسيا، الداعم الرئيسي لـ بشار الأسد، يعكس أولوية حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، المتمثلة في القضاء نهائيا على المسلحين في سوريا.
تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي حول سوريا أدى لظهور أول خلاف علني بين القاهرة والرياض منذ وصل السيسي لسدة الحكم في العام 2014.
وما زاد الطين بلة هو استضافة مصر هذا الأسبوع واحدا من كبار مساعدي الرئيس السوري بشار الأسد للتباحث معه، في وقت تجري فيه قوات الكوماندوز المصرية والروسية مناورات حرب مشتركة، بينما تزداد موجة الغضب الشعبي في العالم العربي من قصف الطائرات الروسية لمدينة حلب.
وتسعى المملكة العربية السعودية إلى الإطاحة بالأسد، ولذا فقد دعمت وبقوة المعارضة المسلحة، من بينها تيارات تعتنق أيديولوجيات متشددة.
وفي المقابل، ترى مصر المسلحين يشكلون تهديدات أمنية لها، ومن ثم فهي لا تظهر موقفا جادا بخصوص إسقاط الأسد.
السياسة الخارجية لمصر تقوض آمال السعودية في بناء محور سني يحجم نفوذ إيران، الخصم الشيعي الأول لها. وفي الحقيقة، فإن إظهار مصر دعما للأسد يقربها كثيرا من إيران، أكبر حليف للرئيس السوري.
وتقاربت مصر من روسيا برغم قيام الأخيرة بفرض حظر على الطيران التجاري إلى مصر منذ واقعة سقوط طائرة الركاب الروسية قبل عام بعد تفجيرها في أجواء سيناء، ما أسفر عن مقتل كافة ركابها الـ 224. وتبنى تنظيم ولاية سيناء- فرع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في مصر- مسؤوليته عن الحادث.
حادث الطائرة الروسية وجه ضربة موجعة لصناعة السياحة المصرية المأزومة بالفعل والتي تكافح مصر لإنعاشها من أجل رأب الصدع في الاقتصاد الوطني.
الدور المباشر الذي تقوم به مصر في قتال المسلحين يتركز أساسا على خوض المعارك ضدهم في سيناء، لكن القاهرة تدعم أيضا الجنرال الليبي خليفة حفتر في معركته ضد المسلحين في البلد الغني بالنفط المجاور لمصر غربا.
وقال شادي لويس بطرس، المحلل المصري المقيم في لندن في مقالته التي نشرها موقع " المدن" الإخباري الإليكتروني هذا الأسبوع إن مصر نجحت في لعب دور مؤثر، وإن كان محدودا، في المنطقة عبر سياسة خارجية لا تقترب كثيرا جدا من أي طرف.
لكن تلك السياسية " صنعت لمصر أعداء، وهي كانت في غنى عن ذلك، ولاسيما أنها تحتاج كثيرا لدعم بعضهم،" بحسب بطرس.