لوموند:
حلب والموصل.. المقارنة الخاطئة
مقارنة بدأت في الانتشار على شبكات التواصل الاجتماعي “لماذا نلوم بوتين على ما يفعله بحلب، في حين أن الغربيين يفعلون نفس الشيء بالضبط في الموصل، حيث يشنون غارات على المدينة؛ لطرد الجهاديين المتطرفين السنة، الذين أخذوا سكانها رهائن”.
بالطبع، هذا التناظر قادم من قبل أولئك الذين يقدمون دعما غير مشروط للرئيس الروسي؛ بهدف تبديد الانتقادات والاتهامات الغربية، خاصة من واشنطن وباريس، لموسكو بارتكاب "جرائم حرب”، اﻷمر الذي أثار غضب الكرملين وأدى لتأجيل زيارة فلاديمير بوتين إلى فرنسا. يقول كريستوف إياد في مقال بصحيفة "لوموند" الفرنسية.
كما هو الحال غالبا، المقارنة ليست السبب، في هذا الحالة على وجه الخصوص، يعد الأمر خيانة للأمانة الفكرية، فللوهلة اﻷولى، قد يبدو الوضع متطابق بحلب والموصل: مدينة كبيرة سنية، سلطة مركزية شيعية، تمرد ديني مسلح، وأخيرا تحالف دولي لدعم السلطات المحلية، إلا أنه وراء هذه المفاهيم العامة، لا شيء متشابه.
في حلب، سبق العصيان المسلح ثورة للمواطنين، عامي 2011 و 2012؛ من أجل الحق في التظاهر والإصلاحات، وضمان المزيد من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
أما في الموصل، لم يحدث مثل هذا الشئ، إذ لم تشهد المدينة خلال "الربيع العربي" للسنة فى العراق عام 2013، أية مظاهرات، وهذا أمر جيد.
المنظمة التي أصبحت "تنظيم الدولة الإسلامية"، بعد إعلان "دولة الخلافة" عام 2014، غُرست في هذه البيئة منذ 2000، وكان الشاغل الأول للمنظمة الجهادية القضاء على أي معارضة محتملة في المدينة، ومطاردة المسيحيين وذبح الشيعة وإعدام السنة الغير موثوق بهم.
في الوقت نفسه، بحلب، كتائب المتمردين المعتدلين التي كانت تسيطر في البداية على اﻷمور، سعت إلى إنشاء مؤسسات مدنية، مثل مجلس منتخب بديل من الأحياء لتوزيع المواد الغذائية.
كثافة الغارات
هذه التعددية سيطر عليها تدريجيا الإسلاميون، الذين استفادوا من المساعدات التي تقدمها تركيا، وقطر والسعودية، إضافة إلى يأس المدنيين الذين تركهم المجتمع الدولي يواجهون مصيرهم بأنفسهم، إلى أن استولت جبهة النصرة على الوضع هناك.
واليوم موسكو تستمر في قصف المدينة يغزارة مستهدفة البنيته التحتية، المستشفيات ووحدات الإنقاذ، ومخازن البنزين والدقيق.
النهج المختلف
لكن السكان يصمدون ولا زالوا يفضلون حركة التمرد على نظام الأسد، وأفضل دليل هو رفض أهالي حلب ترك منطقتهم على الرغم من العروض المتكررة من السلطة.
هنا الفرق الكبير مع الموصل، حيث لم تتوقف داعش عن قمع السكان والقيام بكل شيء لمنعهم من مغادرة البلاد، ورغم ذلك فر عشرات الآلاف.
في الموصل غارات التحالف الدولي كانت محدودة وقدر الإمكان، لا تسعى إلى تدمير البنية التحتية الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وهو النهج الذي يختلف جذريا عن موسكو.
النقطة الوحيدة المشتركة بين حلب والموصل اليوم هي الغياب، وفي كلتا الحالتين، يجب السعي لإيجاد تسوية سياسية دائمة للفائزين المحتملين مستقبلا، في دمشق وبغداد، والتي ستكون حتما عبر دور أكبر للطائفة السنية في الحياة السياسية.