هآرتس: بعد فوز ترامب.. الشرق الأوسط إلى أين؟
قال "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم ينتظر وقتا طويلا بعد إعلان فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب، وسرعان ما هنأ الرئيس الجديد والشعب الأمريكي معربا عن أمله في ضخ "روح جديدة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة".
هذه الروح الجديدة بحسب "هرئيل" :"تستوجب بالنسبة للسيسي كنس بقايا سياسة إدارة أوباما، الذي ينظر إليه في مصر كمن أيد نظام الإخوان المسلمين، وانتظر وقتا طويلا قبل أن يمنح السيسي الدعم الأمريكي للانقلاب العسكري الذي قاده في يوليو 2013”.
وأضاف أن الأمور بالنسبة لمصر لا تقتصر على الشعور بالرضا حيال خسارة هيلاري كلينتون، التي كانت ستسير على درب أوباما، بل أيضا القلق إزاء السياسة الخارجية لترامب. تلك السياسة الغامضة، التي تبث تقوقع أمريكا داخل نفسها والانسحاب من العالم، تحت شعار "أمريكا أولا". وإذا كان بإمكان العالم الانتطار لحين اتضاح معالم سياسة ترامب الخارجية، فإن نظام الرئيس المصري لا يمكنه الانتظار، فهو بحاجة أن يعرف الآن أن رئيس الأمريكي الجديد يقف بجانبه.
“هرئيل" لفت إلى أن أكثر الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأمريكية لم تنضج بعد، وهو ما يجعل الشرق الأوسط بلا "توجيه" دولي، مع شكوك تتزايد حول صمود التحالفات التي تشكلت حتى اللحظة.
هل يصمد تحالف الحرب على داعش الذي يقوده الغرب حتى نهاية ولاية أوباما في يناير، في وقت ليست هناك تأكيدات بالمرة على أن ترامب سيرغب في الاستمرار والعمل بموجبها؟. هل يمكن للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن تحديدا أن يستمر دون دعم أمريكي، إذا ما قرر ترامب أن الولايات المتحدة "خاصته" في حِل من كل التزاماتها السابقة؟ هل يكون هناك معنى للضوابط التي وُضعت في العقود الأخيرة وقسمت دول المنطقة بين دول "موالية للغرب" و"معادية للغرب"؟. وفقا لمحلل "هآرتس".
حزمة الأزمات التي ستخيم على رؤوس قادة دول المنطقة، ، تتعلق أيضا - بحسب "برئيل"- بمنظومة العلاقات التي ستتطور بين روسيا والولايات المتحدة. فالمخاوف الرئيسية أن يتسع التحالف الإيراني الروسي في سوريا للعراق، إذا ما قررت واشنطن أن دورها سينتهي مع تحرير الموصل من داعش.
إذا ما تجسدت الأجواء الودية والتصالحية التي أبداها ترامب تجاه بوتين خلال حملته الانتخابية، يمكن أن تُفهم الآن كتصريح أمريكي أو على الأقل لا مبالاة، إزاء استمرار سيطرة إيران وروسيا على مراكز القوة بالمنطقة.
هذه التقديرات تنتشر بسرعة في القصر الملكي السعودي، الذي يحرص صحفيوه على التوضيح أن التهديد الرئيسي الآن يتمثل في كبح زمام إيران. السعودية حتى لا يمكنها الاعتماد على تصريحات ترامب التي تقضي بأنه سوف يسعى لإعادة فتح الاتفاق النووي مع إيران، وصياغته من جديد.
قانونيا، لا يمكنه القيام بذلك، لاسيما وأن الاتفاق لم يوقع فقط بين إيران والولايات المتحدة، بل بين إيران والقوة الستة العظمى.
وخلص "برئيل" إلى أن الهيستيريا التي أصابت قادة أوروبا بعد فوز ترامب يمكن أن تترجم لقرارات أوروبية ببلورة سياسة مستقلة تجاه الشرق الأوسط، بعيدا عن الحاجة لتنسيق المواقف مع واشنطن.
لكن هذا السيناريو لا يمكنه تهدئة القوات التي تقاتل الآن في سوريا والعراق، أو السعودية ومصر. فلم يبرز الاتحاد الأوربي حتى الآن كجهة يمكنها إطلاق مبادرات وقيادة خطوات عسكرية أو دفع مفاوضات سياسية، سواء تعلق ذلك بالحرب في سوريا والعراق واليمن أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
الاتحاد الأوروبي بشكل عام رد أو انضم لمبادرات الآخرين، وليس لديه سيطرة على مراكز القوة بين المتمردين السوريين ولا على الحكومة العراقية والأكراد. الاتحاد كـ “قوة” ساعد الخطوات الأمريكية في العراق، أيد العقوبات على إيران، لكن دوله أيضا كانت أول الدول التي رفعت تلك العقوبات.
السعودية كإسرائيل، تخشى كلتاهما من عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على أن يكون بديلا لخطوات عقاب أمريكية إذا ما دعت الحاجة. في هذا السياق فإن فوز ترامب ورغم تهديده بفتح الاتفاق النووي مع إيران، بشرى جيدة للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية على خامنئي، والحرس الثوري والعناصر المحافظة.
على الساحة الاستراتيجية، إذا قرر ترامب اتباع سياسة التقوقع، سوف تحكم إيران سيطرتها على الساحة السورية والعراقية. وإذا ما حاول اللعب بالاتفاق النووي، يمكن أن تتهم طهران واشنطن بالمساس بالاتفاق وتحشد الكثير من دول العالم إلى جانبها، لاسيما الاتحاد الأوروبي، والتخلص بذلك من تهديد العقوبات أيضا على المدى الطويل. فوز ترامب، الصديق المقرب من شيلدون أديلسون يمكن أن يتضح أنه أفضل ما حدث للنظام الإيراني.
الخبر من المصدر..