افتتاحية واشنطن بوست: الرهان على السيسي "خاسر"
“رهان سيئ على رجل مصر القوي"
عنوان اختارته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في افتتاحيتها، شككت فيها في إمكانية تحقيق استقرار بمصر، زاعمة أن الرئيس السيسي لديه "أمية اقتصادية"
وإلى نص الافتتاحية
منذ أن قاد الرئيس عبد الفتاح السيسي أحداث 3 يوليو التي أطاحت بالحكومة الإسلامية المنتخبة قبل 3 سنوات، أمل المبررون له في الغرب بقيادة وزير الخارجية جون كيري أنه سيبادر بإصلاحات لإحياء الاقتصاد.
تفكير هؤلاء مفاده أن المزيد من السياسات السوقية الحرة، والتدفقات الأجنبية الاستثمارية الجديدة، والرخاء المتنامي المنبثق عن ذلك ستساعد في نهاية المطاف على إرساء الاستقرار في مصر بعد سنوات من الفوضى.
وفي نفس الوقت يتم التجاوز عن قمع السيسي الداخلي الوحشي.
وعلى مدى 3 سنوات، تجاهل الجنرال مناشدات كيري وغيره من الدبلوماسيين الغربيين.
وبدد الرئيس المصري عشرات المليارات من الدولارات التي قدمتها السعودية ودول خليجية أخرى على مشروعات عملاقة مسرفة مثل قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى دعم العملة المصرية.
وفي ذات الأثناء ، قاد السيسي أكبر الحملات اكتساحًا وعنفًا ضد المعارضة في تاريخ مصر الحديث، ولم يزج فقط بالإسلاميين في السجون بل امتد الأمر إلى الصحفيين الليبراليين العلمانيين ونشطاء المجتمع المدني مثل الأمريكية آية حجازي.
والآن، تبنى السيسي أخيرًا الإصلاحات الليبرالية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي.
ولدى السيسي القليل من الخيارات، فقد قطعت المملكة السعودية سخاءها، وتسبب نقص العملة الأجنبية في اختفاء سلع أساسية من المتاجر أمثال السكر وزيت الطهي.
واتخذت الحكومة أخيرا هذا الشهر قرارًا بتعويم العملة، بتخفيض أكثر من 50 % من قيمة الجنيه، وقلصت من دعوم الوقود.
وكان رد فعل صندوق النقد الدولي هو الموافقة على قرض 12 مليار دولار مقسما على 3 سنوات.
وسرعان ما بادر جون كيري بامتداح تلك الخطوات قائلا: “القادة المصريون يتخذون القرارات الصعبة الضرورية لتحريك البلد نحو الرخاء"، بحسب بيان رسمي.
وتبدو الخارجية الأمريكية وكأنها تراهن على أن السيسي سيضحى ضمن زعماء نادرين، مثل أوجوستو بيونشيه الرئيس الشيلي الراحل الذي تمكن من تحرير وعصرنة الاقتصاد مع الارتباط في عملية قمع دموي.
لكنه رهان يبدو بعيد المنال، نظرا لأمية السيسي الاقتصادية، والفساد الواسع المترسخ داخل نظامه، والجيش، والتاريخ المصري من الانتفاضات الشعبية ضد الإجرءات التقشفية.
ونجت الحكومة من اختبار في 11 نوفمبر، عندما فشل المواطنون في الخروج في احتجاجات جماعية بدعوة من الإخوان.
لكن رد فعل النظام لم يتسم بالاسترخاء، بل بدأ في استعجال قانون جديد عبر البرلمان من شأن أن يحطم ما تبقى من جماعات مدنية مثل برنامج لمساعدة أطفال الشوارع في القاهرة كان تديره آية حجازي.
ويمكن حظر أي جماعة بدعوى أن نشاطها "يتعارض مع الأمن القومي والنظام العام".
القانون الجديد يفرض عقوبة بالحبس 5 سنوات على كل من يتعاون مع منظمة أجنبية أو يجري استطلاعات رأي دون موافقة مسبقة.
القمع الغليظ وحالة الانهاك التي تنتاب العديد من المصريين بعد حوالي 6 سنوات من الاضطراب السياسي ربما ينقذان السيسي على المدى القصير من انفجار اضطرابات يتوقعها البعض.
وعلى المستوى الدبلوماسي، يرجح أن يحظى السيسي بدعم أقوى من إدارة ترامب المقبلة أكثر مما يحظى به من جون كيري.
بيد أنه ليس من المرجح نجاح الرجل القوي في استقرار اقتصاد مصر مع استمرار خنق المجتمع الوطني.
الرهان على السيسي من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة ليس من المرجح أن يؤتي ثماره.