إيكونوميست: هجوم الكاتدرائية يعمق جراح الأقباط في مصر
تحت عنوان " خطوة إلى الأمام، وخطوتان للخلف: الحياة الصعبة للأقباط في مصر".. أفردت مجلة "إيكونوميست" البريطانية تقريرًا سلطت فيه الضوء على التفجير الهائل الذي وقع في الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بالعاصمة المصرية صباح أمس الأحد وأسفر عن مقتل 25 شخصًا وجرح 49 شخصًا آخرين، وهو الحادث الذي لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه حتى الآن.
لكن من قام بهذه الفعلة الخسيسة قد عمد إلى تنفيذها في وقت متزامن مع قداس الأحد الذي يحضره المسيحيون في الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية، ويوم الاحتفال بمولد رسول الإسلام. وجدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تصريحاته التي أدلى بها في أعقاب الهجوم تعهداته بتخفيف التوترات الدينية وحماية الأقليات.
ومع ذلك، فإنه وبالنسبة لمراقبي الحريات الدينية، يقدم الأقباط في مصر نوعًا من التناقض، ويتفق معظم النقاد في مصر على أن حظوظ المجتمع المسيحي الكبير والمهم تاريخيا في البلد العربي قد تحسنت نوعا ما منذ العام 2013 الذي تعرضت فيه كنائسهم وممتلكاتهم لهجمات.
لكن وفي بلد لا تخفى فيه التوترات الطائفية على أحد، لم تعد فيه حياة الأقباط مريحة أو حتى بمنأى عن الأخطار.
وبشكل أو بآخر، أسس الرئيس السيسي علاقات متينة مع البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرق الكرازة المرقسية، والزعيم الروحي للطائفة المسيحية التي يُعتقد أنها تشكل ما يتراوح بين 10% و15% من إجمالي سكان مصر البالغ عددهم 89 مليون نسمة. ولعامين متتالين، يظهر السيسي خلال احتفالات الأقباط بأعياد الكريسماس التي تُقام في يناير من كل عام.
وتتبنى الكنيسة المصرية موقفا مؤيدا لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بل إن بعض الشخصيات المسيحية تشعر وكأن البابا تواضروس يفضل الانحياز إلى السيسي، عن تسليط الضوء على المشكلات التي يعاني منها الأقباط في مصر والسعي لحلها.
وأقرت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية العالمية- أحد الوكالتين الموجودتين في واشنطن دي.سي والتي تراقب حرية المعتقدات- في أحدث تقاريرها السنوية بأن حكومة القاهرة قد " اتخذت بعض الخطوات الإيجابية لمواجهة المخاوف المتعلقة بالحريات الدينية،" من خلال منع الخطاب الديني المتشددة في المساجد أو الدراسة، على سبيل المثال.
وأضافت اللجنة بأن الهجمات التي يتعرض لها المسيحيون والأقليات الأخرى في مصر قد تراجعت وتيرتها، وثمة محاكمات تتم في هذا الخصوص، وإن كانت غير كافية، في أعقاب العنف الطائفي الذي اندلع في العام 2013. ولم يتأخر الرئيس المصري عن تقديم يد العون والمساعدة للمسيحيين لإعادة بناء الكنائس التي دُمرت في تلك الهجمات.
ويحتل المسيحيون 36 مقعدًا من إجمالي 596 مقعدا في مجلس النواب، وهو عدد مرتفع قياسا بالفترات السابقة.
لكن اللجنة الأمريكية للحريات الدينية العالمية لا تزال تصنف مصر على أنها " بلد ذات قلق خاص" فيما يتعلق بالحريات الدينية. وصرح روبرت جورج رئيس اللجنة أمام الكونجرس الأمريكي بأن القاهرة " تخطو خطوة للأمام، وخطوتين للخلف" فيما يتعلق بحرية المعتقدات.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية التي يعد تقريرها السنوي الذي تصدره حول الحريات الدينية حول العالم، مرجعا مهما، أن حكومة السيسي قد أخفقت في دعم حقوق المسيحيين في مصر.
ومرارا تفشل الحكومة في منع الجرائم التي تستهدف أشخاصًا من الأقليات الدينية، ما يكرس مناخ الإفلات من العقاب، بحسب منظمة حقوقية محلية بارزة.
ويساور المسيحي العادي في الشارع المصري شكوكا حول قدرة الحكومة على الوفاء بتعهداتها، وأيضا إزاء القيادة الكنسية الموالية للحكومة.
ووفقا لـ سارة يركيس، الزميلة الزائرة في مؤسسة " بروكينجز" البحثية:" يتزايد اعتراض المسيحيين في مصر على الحكومة، متجاهلين نصائح الكنيسة. ومؤخرا وقع 82 قبطيا رسالة عامة للاحتجاج على الدعم الواسع الذي تظهره الكنيسة لحكومة السيسي، والتعبير عن إحباطهم من تفاقم أوضاع المسيحيين في مصر حتى في عهد النظام الحالي."
وفي النهاية، يجد أقباط مصر أنفسهم يتأرجحون بين نظام يظهر بمظهر الحليف والحامي لهم وبين خصوم الحكومة من الإسلاميين الذين يمقتونهم.