كاتب أمريكي: علاء عابد يجسد ديمقراطية السيسي

كتب: جبريل محمد

فى: صحافة أجنبية

14:50 21 ديسمبر 2016

"ديمقراطية مصر شكلية ".. بهذه الكلمات لخص الكاتب اﻷمريكي "إيفان هيل" في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية، حال الطريقة التي تعمل بها المؤسسات المصرية حاليا، خاصة البرلمان.

 

وفيما يلي نص المقال:

في أكتوبر الماضي، أصبح علاء عابد، ضابط الشرطة السابق، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري، كتلة الأغلبية التي تدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ضمنت فوزه من خلال إغراق اللجنة بالموالين، لاستعراض القوة التي دفعت منافسيه للابتعاد.

 

فوزه، من الناحية الفنية ضمن قواعد البرلمان، ويثبت "تمكن الديمقراطية" في مصر، وهو مصطلح غالبا ما يستخدمه الخبراء لوصف روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، وغيرها من البلدان التي يحكمها الأقوياء، ويستخدم الانتخابات وغيرها من المظاهر الشكلية للديمقراطية، فهي لا تزال قائمة، لكنها تفتقد معناها، وفي الواقع السلطة تتركز غالبا في أيدي الأجهزة الأمنية.

 

في مصر، نجاح الديمقراطية يظهر أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي تمكن من حل مشكلة حساسة، وهي كيف بعد اﻹطاحة بسلفه في 3 يوليو ، استطاع السيسي وصف بلاده "بالديمقراطية".

 

وصول عابد للمنصب الجديد رغم تاريخه الشخصي، يسير بالتوازي مع ثقافة انتهاكات الشرطة، والفساد السياسي الذي تصاعد بشدة في الحياة العامة المصرية في الفترة التي سبقت ثورة 2011، وعاد للظهور خلال عهد الرئيس السيسي.

 

في 2005، معتقل اسمه "فخري عازر" زعم أن ضابط شرطة برتبة نقيب، وعابد قاما بتعذيبه بشدة ووضع حذاء في فمه، بحسب تقرير للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان.

هذا النوع من التعذيب أكده عدد من المعتقلين المصريين، وقدمت عائلة عازر بشكوى للنيابة العامة، التي أمرت الطب الشرعي بفحصه.

 

الطب الشرعي -بحسب التقرير-  أثبت أن إصابات عازر ناجمة عن استخدام جسم صلب، ولكن كما هو الحال مع الآلاف من ادعاءات مماثلة قدمت ضد الشرطة في مصر على مدى العقود الماضية، القضية لم تصل إلى المحكمة.

 

عابد لم يتهم بأي جريمة، ونفى تورطه في التعذيب، بل وصف هذه الاتهامات بـ "التمييز" و "الحرب الباردة" من أولئك الذين لا يريدون لضابط شرطة السابق قيادة لجنة حقوق الإنسان.  

 

مثل العديد من ضباط الشرطة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، دخل عابد الحياة السياسة بعد تقاعده من الخدمة، وانضم للحزب الوطني الديمقراطي تحت حكم الرئيس مبارك، وفي ديسمبر 2010، فاز بمقعد في البرلمان عن حي للطبقة العاملة جنوبي القاهرة.

 

العنف والتزوير الفاضح الذي اتسمت به تلك الانتخابات، وحصد فيها حزب الرئيس مبارك 83 % من مقاعد البرلمان ساعد على إشعال ثورة يناير، وبعد سقوط مبارك، مجلس الجنرالات التي حلت محله، حل البرلمان.

 

وأعرب عابد في مقابلة صحفية مؤخرا، عن سعادته بحل برلمان 2010، وقبل ثورة 2011 ، اعترف بأنه  كان هناك "درجة من القمع" و "تجاوزات من أمن الدولة" - قائلا: هذا خطأ من المسؤولين عديمي الخبرة الذين حولوا مصر إلى دولة بوليسية".

 

في 2015، عاد عابد إلى البرلمان بعد الانتخابات التي كانت ضمن خطة "خارطة الطريق" التي وعد بها الرئيس السيسي قبل عامين.

 

وبعد تولي الرئيس السيسي سدة الحكم، وتردد الغرب في البداية في  احتضان النظام، خارطة الطريق التي وعدت بدستور جديد، وقادة سياسيين وبرلمان، دفعت الولايات المتحدة، لتجاهل العديد من الانتهاكات مثل التعذيب والاختفاء القسري، وحرصت على تأييد الانتخابات باعتبارها شرطا لا غنى عنه للديمقراطية.

 

إدارة الرئيس السيسي تسعى لتلبية مطالب الغرب، بانتخابات ديمقراطية، ولكن دون استغلال المسؤولين المنتخبين لقوتهم الحقيقية لاعتراض سلطة الرئيس.
 

الرئيس وأمن الدولة بعيدين عن المعارضة، حيث تم حظر الاحتجاجات، وجماعات حقوق الإنسان وضعت قيد التحقيق، واعتقلت الشرطة عشرات الآلاف من المعارضين، وسحقت جماعة الإخوان المسلمين، أكبر معارض للسيسي.

 

ووفقا للتقارير التي كتبها حسام بهجت، أحد الصحفيين الاستقصائيين: قبل كل شيء في مصر، الاستخبارات القوية في البلاد، بما في ذلك العسكرية، شكلت البرلمان الجديد من المستقلين.

 

وكان هذا مهمة أساسية لضمان كتلة من الموالين الذين يمكن من خلالهم تمرير أي قرار يتطلب أغلبية الثلثين، مثل تمديد حالة الطوارئ، أو إدخال تعديل دستوري، وفي جوهرها، فإنها إعادة للبرلمان المنحل عام 2010.

 

في هذه الدورة التشريعية الجديدة، المعارضة مثل "محمد أنور عصمت السادات" لا مكان لهم.

 

وقال السادات -عضو البرلمان وابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات الذي اغتيل عام 1981- :" ليس سرا على أحد أن حالة حقوق الإنسان في مصر تتطلب إعادة تقييم كبير".

 

السادات كان أول رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الجديد، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ في التلاسن مع الموالين للحكومة، حتى قال أحد أعضاء البرلمان "في الأوقات الصعبة"،السلطتين التشريعية والتنفيذية يجب أن يعملا معا "باعتبارهما سلطة واحدة".

 

عندما قاد السادات وفدا لحضور مؤتمر حقوق الإنسان في جنيف شهر أغسطس الماضي، وصفه بعض النواب بأنه "خائن"، وكان يواجه احتمال تحقيق برلماني، في وقت سابق، قال إنه استقال من منصبه.

 

المؤيدون للرئيس السيسي استغلوا الفرصة، وأعلن عابد ترشحه ليحل محل السادات، واستغل أنصاره اللوائح البرلمانية للسيطرة على اللجنة بحشد عدد كبير من المؤيدين للنظام للتصويت لصالحه.

 

تلك الخطوة مستوحاة من كتاب الحزب الحاكم القديم، ففي 2000 كان الرئيس مبارك يسمح لجماعة الإخوان بالصراخ والمعارضة في البرلمان، لكنه دون إعطائهم أي فرصة لمعارضة القوانين، أو رئاسة أي لجنة.

 

اليوم، لا يزال السادات في اللجنة، ولكنه جرد من أي أذرع قوية، وجهاز الأمن أصبح أقوى من أي وقت مضى، وقال :" يريدون التأكد من أنه لن يمنح أي شخص الفرصة".

 

عصر أمثال عابد يعود.

 

الرابط اﻷصلي

اعلان