فاينانشيال تايمز: الحنين إلى مبارك في غير محله

كتب:

فى: صحافة أجنبية

06:29 22 ديسمبر 2016

قالت الكاتبة رولا خلف في تحليل بصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إن مسألة حنين المصريين إلى حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك توضع في غير محلها.

 


وإلى النص الكامل


“هو كما هو" هكذا أخبرت نفسي أثناء زيارة إلى القاهرة ردا على أسئلة تتردد مرارا وتكرارا في المحادثات مفادها ماذا كان سيكون الوضع لو لم يسقط مبارك عام 2011؟,  وماذا كان سيكون عليه الحال لو لم تحدث الثورة من الأساس؟

 

ومن وقت لآخر, تتردد هذه الأسئلة مصحوبة بإشارات يملؤها الشعور بالحنين إلى عهد أكثر هدوءا وقدرة على التنبؤ, وفي أحيان أخرى همسات أسى على المستقبل المنظور.

 

تفشل الثورات لكنها نادرا ما تتخذ مسارا خاطئا للغاية بشكل سريع.

 

وبعد مرور 6 سنوات تقريبا منذ الإطاحة بمبارك بعد ثلاثة عقود من الحكم, عادت مصر إل المربع 1.

 

جدار الخوف الذي كان قد تهدم بشكل دراماتيكي عاد من جديد أقوى مما كان عليه.

 

وفي هذا المناخ المؤسف, خلص بعض المصريين إلى أن الثورة على مبارك كانت وهما.

 

ورأى هؤلاء أنه بالرغم من الانتفاضة المؤكدة للشعب آنذاك, لكن الجيش هو الذي عزله, ولذلك فإن يناير 2011 ربما تمثل انقلابا أكثر من كونها ثورة.

 

وبعد الثورة بعامين, بعد عام من فوز القيادي الإخواني محمد مرسي بالانتخابات الديمقراطية, تدخل الجيش مجددا, بتصفيق جديد من الشعب الذي اكتشف سوء إدارة الإسلاميين.

 

واليوم, وتحت قيادة الجنرال السابق السيسي, يمنح الجيش كافة الانطباعات حول اعتزامه البقاء.

 

وبدأ ظهور وجهة نظر استرجاعية ملطفة حول مبارك.

 

من الصواب القول إن مبارك لم يكن الأسوأ بين الديكتاتوريين العرب حتى بالرغم من أن إدارته كانت قمعية وفاسدة.

 

البعض حاليا مغرم بالإشارة إلى أن مبارك, مسؤول القوات الجوية السابق, على الأقل كان يحكم من خلال إدارة مدنية مستقلة.

 

وفي دولة اعتادت أن تقتصر القوى المنظمة فيها على الجيش والإسلاميين, نُظر إلى  مبارك, بعد فوات الأوان, باعتباره رجلا قدم طريقا وسطيا.

 

وقال رجل أعمال: "لقد سمح مبارك لمجتمع البيزنس والنخبة المثقفة ببعض المجال".

 

 الحقيقة هي أن الثورة خرجت عن نطاق سيطرة أي شخص, إذ كان نزول مئات الآلاف من الشباب إلى الشوارع عام 2011 جراء التوترات التي ظلت تتراكم فترة طويلة وكان لزاما لها أن تنفجر.

 

لقد حدثت الثورة على نحو تلقائي يفتقد التنظيم والتخطيط المسبق.

 

التدخل العسكري ضد الإسلاميين عام 2013 كان يمكن تجنبه لو كان الإخوان المسلمين أكثر شمولا.

 

ومن خلال إسقاط مبارك, كان الجيش ينقذ ذاته بنفس درجة إنقاذ الوطن.

 

إذا آثر الجيش دعم الاستبدادي مبارك, كان سيتعين على الجنرالات إصدار أوامر للقوات بإطلاق النار على الشعب.

 

الدروس المستنبطة من سوريا وليبيا مفادها أن سفك الدماء يدفع المزيد من الأشخاص بالنزول إلى الشوارع.

 

قد تكون مصر في مكان أكثر ظلاما مما كانت عليه في عهد مبارك, لكن لا يوجد حديث حول ماذا كان سيحدث لو أُطلق العنان للبقاء السياسي له.

 

أحد الخيارات آنذاك كانت تتمثل في استبدال الرئيس المسن بجمال مبارك, نجله الطموح, لكن مثل هذا التوريث كان يلقى معارضة مزدوجة من الجيش والشعب, بما يعني أن اندلاع الثورة الشعبية كان مسألة وقت فحسب ولم يكن من الممكن تجنبه.

 

الخيار الثاني كان  البديل الأقل كارثية بالنسبة لمبارك, مدير مخابراته عمر سليمان الذي اختاره نائبا له في أيامه الأخيرة بالرئاسة.

 

لكن سليمان, الذي مات بعد الثورة بعام، لم يكن يحظى هو الآخر بشعبية وكانت تنتظره في النهاية ثورة شعبية إذا تقلد سدة الحكم.

 

ذات ليلة, أثناء رحلتي للقاهرة, قمت بزيادة أهداف سويف, الروائية المصرية التي نشطت أثناء ثورة 2011.

 

وتقاتل سويف من أجل الإفراج عن ابن شقيقتها علاء عبد الفتاح, المدون والناشط الذي يقضي عقوبة السجن 5 سنوات في اتهامات تتضمن انتهاك قانون التظاهر.

 

الشاب علاء عبد الفتاح يجسد روح ثورة يناير وآمال الشباب الذين بدأوها.

 

وقالت سويف إن الأفكار التي تراودها تتعلق بالكيفية التي كان يمكن بها إنقاذ الثورة, ولم يخطر ببالها قط أن اندلاعها كان يمكن تفاديه.

 

وفسرت ذلك قائلة: "المشكلات التي أدت إلى الثورة كانت متراكمة, من الصعب القول إن النظام لو كان فعل كذا أو كذا, كانت الأمور ستتحسن. في واقع الأمر كانت ستسير نحو الأسوأ ولكن بوتيرة أبطأ".

 

بيد أن سويف هذه الأيام, لم تعد  تخوض في مسألة الثورة, حيث بات همها الوحيد احتواء أضرار الحاضر, في جهود أكثر إلحاحا من تخيل ماضٍ مختلف.

 

رابط النص الأصلي

اعلان