تشاك هاجل للنيويوركر: تحدثت مع السيسي 50 مرة قبل 3 يوليو

كتب:

فى: صحافة أجنبية

06:32 27 ديسمبر 2016

"وبينما ساءت الأزمة، كان وزير الدفاع الأمريكي آنذاك تشاك هاجل الشخص الوحيد في الحكومة الأمريكية الذي يتواصل معه السيسي، وقدر عدد المكالمات بينهما بنحو الخمسين، وتابع: "لقد كنا بالمعنى الحرفي نتحدث ما يقرب من مرة أسبوعيا، وكانت بعض المكالمات تستغرق ساعة أو أكثر"

 

جاء ذلك في سياق تقرير مطول أوردته مجلة النيويوركر تحت عنوان "ثورة مصر الفاشلة" حمل الكثير من آراء مسؤولين غربيين في الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل وبعد تقلده السلطة.

 

المجلة نوهت إلى أن المقال سيظهر في النسخة الورقية في يناير المقبل بعنوان "جنرال الظل".

 

لكن هاجل ذكر إن السيسي لم يكن يعتزم في البداية الهيمنة على السلطة.


وقال التقرير: “الرئيس السيسي،  الذي جاء إلى السلطة عبر انقلاب أعقبه مذبحة لأكثر من 1000 شخص من مؤيدي سلفه مرسي يمتلك سمعة التحدث بشكل شديد النعومة".

 


ونقل عن دبلوماسي أوروبي قوله: “عندما تتحدث إلى السيسي، فإنه يستمع إليك بعكس معظم الجنرالات".


وقالت مسؤولة أمريكية “إنه ليس متدفق الكلام، ثمة سياسيون يرغبون أن يكونوا أصحاب أعلى الأصوات في المكان".


 واستطردت متحدثة عن السيسي: "وهناك آخرون يستطيعون ذلك لكنهم لا يحبذون بالضرورة أن يكونوا أصحاب أعلى الأصوات. أعتقد دائما أن التزام الهدوء والتحفظ من الصفات التي تجعل الناس يميلون له ويفكرون حقا فيما يقوله والمغزى الذي يرغب في توصيله وإذا ما كان هنالك معان أكثر عمقا في ثنايا كلماته".

 

وتبدأ الثورات دائما بالأشخاص ذوو الجرأة والصراحة لكن يسيطر عليها لاحقا الهادئون وأولو الحذر.

 

الظهور المبكر يجعل صاحبه يدفع الثمن وفي كثير من الحالات يفوز الشخص الذي يؤثر الانتظار.

 

وفي فبراير 2011, عندما أجبرت ثورة ميدان التحرير الرئيس حسني مبارك على التنحي،  كان السيسي آنذاك مديرا للمخابرات الحربية وهو منصب يكون خفيا دائما عن عيون عامة الشعب.

 

وقبلها بخمسة أعوام, أكمل السيسي كورسا دراسيا في كلية الحرب الأمريكية  ببنسلفينيا لكن يبدو أنه لم يكن على رادار المسؤولين الأمريكيين.

 

ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي  أثناء ثورة يناير والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية علق قائلا: "لا أستطيع القول إنني أتذكر أي نوع من الاهتمام الخاص تضمنته الملخصات الاستخبارية فيما يتعلق بالسيسي".

 

وفي عام 2013، خلف تشاك هاجل بانيتا في رئاسة البنتاجون.

 

وتحدث هاجل عن السيسي قائلا: "لم يكن العسكريون الأمريكيون يعرفونه جيدا".

 

ونقل التقرير عن مسؤولة أمريكية  قولها إن المعلومات البيوجرافية عن السيسي كانت شحيحة،  وأردفت: "لم يكن أحد يعرف الكثير عن زوجته وأبنائه، ولا أعتقد أن ذلك كان على سبيل الصدفة لكني أعتقد أنه وضع حوله هالة مقصودة من الغموض".

 

وظل مبارك في الحكم لمدة 30 عاما دون تحديد خليفة له وأطاحت به ثورة افتقدت القيادة والهيكل التنظيمي.

 

وبعد ذلك, حكم مصر المجلس العسكري بغرض الإشراف على الفترة الانتقالية لحين تسليم زمام الأمور لحكومة مدنية.

 

السيسي كان أصغر أعضاء هذا المجلس، وذكرت تقارير أنه كان يرتبط بدور بارز في المحادثات السرية مع  الإخوان المسلمين, تلك الجماعة التي ظلت محظورة حتى اندلاع الثورة, والتي ارتبطت دوما بتوتر مع الجيش.

 

ولكن في أعقاب الثورة, وبعد صعود الإخوان إلى السلطة عبر سلسلة من الانتخابات الشعبية, كانت هناك علامات على وجود ترتيبات ما.

 

 مسؤول بارز بالخارجية الأمريكية كان على اتصال بالجيش والإسلاميين أثناء الفترة المذكورة تحدث قائلا: "لقد كان السيسي هو الشخص المسؤول عن المفاوضات مع الإخوان، وأعتقد أن وجهة نظره آنذاك تمثلت في محاولة التأثير والتحكم وتسيير الفترة الانتقالية"

 

دبلوماسي أوروبي وصف الاتفاق بأنه كان يعتمد  على التعايش المشترك، وفسر ذلك قائلا: "طالما لا يتدخل الإخوان كثيرا في شؤون الجيش، سيسمح لهم الأخير بالمضي قدما في الحكومة المدنية".

 

قيادات الإخوان كانت تثق في السيسي لسبب جزئي يتمثل في تدينه.

 

لكن على الأقل بشكل أولي،  التزمت قيادات الجيش بالصفقة وانتخب مرسي في يونيو 2012 في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية ولم يتدخل الجيش.

 

ولم يمر وقت طويل على توليه الحكم، إلا وأجبر مرسي وزير الدفاع الأسبق محمد حسين طنطاوي على الاستقالة بجانب قيادات البحرية والجوية والجوية.

 

خطوة مرسي لاقت استحسانا من الثوار الشباب الذين رأوا ذلك علامة على اعتزام مرسي تقليص هيمنة الجيش.

 

العديد من الناس استحسنوا أيضا تعيين السيسي وزيرا جديدا للدفاع لا سيما وأنه كان في السابع والخمسين من عمره وحل محل السبعيني طنطاوي.

 

وبدا ذلك وقتها وكأنه يعكس تحولا انتقاليا إلى قيادات عسكرية أصغر عمرا وأكثر استنارة.

 

ولم يمر وقت طويل حتى نفذ مرسي خطوة جريئة أخرى حيث أصدر في نوفمبر إعلانا دستوريا يمنحه سلطات مؤقتة لا يستطيع القضاء المساس بها كوسيلة استباقية لكبح أي معارضة لدستور موالٍ للإسلاميين.

 

وكانت تلك الخطوة نقطة التحول في الحظوظ السياسية لجماعة الإخوان المسلمين حيث فقدت تأييد معظم الثوار، وتنامى المعارضون بوتيرة ثابتة خلال الشهور الستة التالية حتى بلغت مرحلة رفضت فيها العديد من مؤسسات الدولة، مثل الشرطة، التعاون مع حكومة مرسي.

 

ولم يدل السيسي إلا بالقليل من التصريحات العامة، لكنه فتح حوارا مع نظيره الأمريكي تشاك هاجل.

 

وفي مارس 2013، بينما كانت الأزمة تتصاعد، زار هاجل القاهرة والتقى مع السيسي للمرة الأولى.

 

وقال هاجل واصفا لقاءه مع وزير الدفاع المصري آنذاك: "لقد كانت هناك كيمياء جيدة بيننا، وأعتقد أنه كان ينظر لي باعتباري شخصا يفهم الجيش، ويدرك التهديدات والحرب".

وبينما ساءت الأزمة، كان هاجل الشخص الوحيد في الحكومة الأمريكية الذي يتواصل معه السيسي.

 

وقدر هاجل عدد مكالماته مع السيسي بنحو الخمسين، وتابع: "لقد كنا بالمعنى الحرفي نتحدث ما يقرب من مرة أسبوعيا، وكانت بعض المكالمات تستغرق ساعة أو أكثر".

 

العديد من الأشخاص يعتقدون أن الجيش كان يخطط دائما للإطاحة بمرسي لكن هاجل مقتنع بأن السيسي لم يكن لديه في البداية نية الهيمنة على السلطة.واتفق معه دبلوماسيون آخرون.

 

وقال دبلوماسي أوروبي التقى مع السيسي عشرات المرات: "إنه ليس الشخص الذي يقضي حياته في اشتهاء السلطة أو سعيا وراء الرئاسة".

 

العديد من المراقبين شددوا على أن الدوافع دائما ما تتسم بالميوعة أثناء فترة عدم الاستقرار السياسي.

 

مسؤول سابق بارز بإدارة أوباما علق قائلا: "لم أكن أبدًا في وضع يخبرني فيه ملايين الأشخاص أنني أستطيع تغيير حال دولة إذا تدخلت، ولا أعرف كيف سينعكس ذلك على نفسيتي".

 

وفي اليوم الأخير من يونيو 2013، خرج نحو 14 مليون شخص, وفقًا لتقديرات، إلى الشوارع احتجاجًا على الحكومة.

 

واستطرد الكاتب: "سألت هاجل عما كان يقوله السيسي في ذلك الوقت فتذكر قائلا: كان يقول لي: "ماذا أستطيع أن أفعل، لا يمكنني الابتعاد، ولا أستطيع إفشال بلدي، يجب أن أقود الأمر، أنا الشخص الوحيد في مصر اليوم القادر على إنقاذ هذه الدولة".

 

وحتى النهاية، كانت قيادات الإخوان تعتقد أن السيسي يقف في جانبهم، وقال مسؤول بارز بالخارجية الأمريكية: "أعتقد أن مرسي أخذته المفاجأة تماما عندما انقلب السيسي ضده".

 

وفي 3 يوليو، وضع الجنود مرسي رهن الاحتجاز، وظهر السيسي على شاشات التلفاز معلنا حكومة انتقالية تحكم مصر حتى انعقاد انتخابات جديدة والموافقة على دستور جديد.

 

وأثناء الشهور التي أعقبت ذلك، تمتع السيسي بشعبية هائلة، لكنه بدا عازما على استمرار شفرة الغموض.

 

لم يكن السيسي يظهر علنا إلا نادرا، ولم ينضم أبدا لأي حزب سياسي، وعندما ترشح في انتخابات الرئاسة عام 2014، لم يكن معه برنامج حقيقي، ولم يشارك في أي تجمعات انتخابية.

 

السيسي لم يكلف نفسه حتى بعناء توضيح بعض التفاصيل الأساسية عن حياته، بل إن القناة الرسمية لحملته على يوتيوب وضعت تاريخي ميلاد مختلفين له.

 

السيسي لديه 4 أبناء لكنه نادرًا ما تحدث عنهم علنًا، كما ظلت زوجته بعيدة تماما عن الأضواء.

 

ولكن منذ أن أصبح  رئيسا، كشف السيسي بشكل غير متعمد عن نفسه وعن الهياكل السياسية لمصر بشكل لم يكن يتصوره أحد.

 

وواصلت المجلة: "كما ظهرت سلسلة من الفيديوهات والمقاطع الصوتية المسجلة سرا، والتي عرفت باسم "تسريبات السيسي" تحدث فيها الرئيس عن أمور حساسة تتراوح بين استغلال الإعلام إلى انتزاع أموال من دول الخليج".

 

انتهاكات حقوق الإنسان تجاوزت بكثير ما كانت عليه أيام مبارك، وأصبح الاقتصاد في درجة من الضعف تنذر بالخطورة. بحسب النيويوركر.

 

ورأى التقرير أنَّ الأحداث التي  شهدتها الشهور الثمانية عشر الأخيرة مثل تحطم الطائرة الروسية في سيناء، وقتل طالب إيطالي في القاهرة، واندلاع احتجاجات شعبية تتعلق بجزيرتي تيران وصنافير إنما تمثل تجسيدا للفشل السياسي.

 

رابط النص الأصلي

اعلان