لوس أنجلوس تايمز: ترامب ينكث وعوده لنتنياهو
" بدا ترامب متراجعاً عن موقفه الداعم للتوسع فى إنشاء مستوطنات اسرائيلية فى الأراضي المتنازع عليها فى الضفة الغربية، وصرح بأن المضي قدما في ذلك لا يعد خطوة إيجابية نحو السلام"، بحسب صحيفة لوس أنجلوس تايمز التي تساءلت عن تأثير تلك المستجدات على العلاقات بين القائدين قبيل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للولايات المتحدة هذا الأسبوع.
وأضاف ترامب فى تصريحات صحفية: " المستوطنات ستعرقل عملية السلام ومازال هناك الكثير من الأرض المحتلة لكن فى كل مرة يتم التعدّي على تلك الأراضي لإنشاء المستوطنات تتضاءل النسبة المتبقية "
ويبدو أن مثل هذه التصريحات قد تصنع خلافات بين ترامب ونتنياهو الذي صادقت حكومته على إنشاء 6000 وحدة سكنية فى مستوطنات قائمة بالفعل فى الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ تنصيب الرئيس الأمريكي.
بوادر انقسام تلوح فى الأفق على خلفية هذه التصريحات مع ديفيد فريدمان، وهو الاسم المقترح من قبل ترامب لشغل منصب سفير الولايات المتحدة فى إسرائيل وهو من أشرس المدافعين عن بناء المستوطنات كما أنه يقدم تمويلات ضخمة لها.
الملامح الأولى للتغير فى توجهات البيت الابيض أطلّت بعد الزيارة الأخيرة التى قام بها العاهل الأردني الملك عبد الله إلى واشنطن وهو حليف استراتيجي للولايات المتحدة فى حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة وغيرها من التنظيمات المسلحة
الملك عبد الله الثاني هو أول زعيم عربي يلتقي بالرئيس ترامب ونائبه مايك بينس وغيرهم من الإدارة الأمريكية الجديدة قال إن نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس وهى المدينة المتنازع عليها بين الفلسطينيين والاسرائيليين قد يشكّل تهديدا لحكومة الرئيس ترامب باعتباره أمراّ يثير حفيظة الفلسطينيين
وتلعب المملكة الأردنية الهاشمية دورا محورياً من أجل توفير الحماية للمقدسات الإسلامية بما فى ذلك المسجد الأقصى فى القدس، والمقدسات المسيحية مثل كنيسة القيامة فى القدس.
تحول دفة السياسات الأمريكية تجاه المستوطنات " أعقب أداء ريكس تيلرسون بأداء اليمين كوزير للخارجية فى الأول من فبراير الجاري
تيلرسون والذي أجرى مشاورات مع دبلوماسيين رفيعي المستوى حول سياسات الشرق الاوسط , قام بمهاتفة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثم اصدر البيت الابيض تصريحاً , فى اليوم التالى حذر فيه من عدم اعتزام الولايات المتحدة تقديم المزيد من الدعم للمستوطنات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من أن الإدارة الجديدة بقيادة ترامب لا تعتبر المستوطنات عقبة فى طريق السلام إلا أنها ترى أن بناء المزيد من المستوطنات أو التوسع فى إنشاء وحدات أخرى خارج الحدود المقررة لها لن يكون مجدياً فى إرساء عملية السلام.
ويأمل نتنياهو أن تؤدي الزيارة إلى ترسيخ التواصل الأمريكي مع تل أبيب بعد ثماني سنوات من التناوش الشخصي مع إدارة الرئيس أوباما.
وإبان حملته كمرشح لخوض الانتخابات الرئاسية، أكد ترامب أنه بصدد إبداء دعما قوي قاطع لنتنياهو وحلفائه فى اسرائيل بما فى ذلك دعمه للمستوطنات الإسرائيلية الآخذة فى التزايد ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وكذلك فسخ الاتفاق النووى الإيرانى.
كما أشار ترامب أثناء الحملة إلى أنه قد ينتهج سياسات مغايرة لتلك التى اتُبعت طيلة عقود وذلك بالتخلي عن السعي لتحقيق حل الدولتين والتى تنص على قيام دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب فى سلام مع إسرائيل.
لكن بعد أسابيع قليلة من تنصيبه، تغيرت لهجة إدارة ترامب في عدد من الملفات، فتحدث أخيرا عن دعمه لسياسة " صين واحدة " كما تعّهد بتقديم دعماً قوياً لحلف شمال الأطلسي فى أوروبا ويبدو أنه الآن فى طور إعادة تقييم علاقات الولايات المتحدة مع اسرائيل.
البيت الأبيض من جانبه لم ينكر ما نشرته صحيفة " جيروزاليم بوست " والتى نقلت عن مسئولين فى الإدارة الأمريكية قولهم أن الولايات المتحدة ملتزمة بحل الدولتين باعتباره حلاً شاملاً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو حل تم التفاوض عليه من قبل أطراف القضية.
نتنياهو والذي اشتهر بعلاقات فاترة مع الرئيس السابق باراك أوباما كان قد رحب بانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة متطلعاً لفرصة جديدة قد يعثر من خلالها على شريك أكثر دعماً لبلاده.
فى سياق متصل قالت سوزي جلمان رئيسة منتدى السياسة الإسرائيلي وهى منظمة حقوقية تهدف لتحقيق السلام بين الفلسطينيين واسرائيل " إننى على اعتقاد أن نتنياهو يسعى لإذابة الثلج فى علاقة اسرائيل بالولايات المتحدة "
ويرى محللون دبلوماسيون أن نتنياهو يأمل أن يصل لنقطة تلاقي مع ترامب من خلال حثّ الدول ذات الغالبية السنية على الانضمام لتحالف ضد إيران والإسلام الراديكالي خاصةً تنظيم الدولة الإسلامية
ووفقاً لمحللين فإنه يتعين على إسرائيل تقديم تنازلات للفلسطينيين فيما يتعلق بقضية المستوطنات وغيرها من القضايا إن أرادت ضمان أن حلفاءها العرب فى حالة جاهزية للانضمام لهذا التحالف , مقترحين على ترامب استخدام مهارات التفاوض أثناء المباحثات مع نتنياهو والذي يشتهر بلقب بيبي
أمنون راشيف , ضابط متقاعد فى الجيش الإسرائيلي يترأس حاليا تحالفاً من المسئولين الأمنيين السابقين الداعمين لتحقيق السلام بين الطرفين يقترح على الرئيس ترامب أن ينادى نتنياهو بلقب " بيبي " ثم يطرح عليه حل الدولتين.
إيلان جولدنبيرج خبير شئون الشرق الأوسط والذى خدم فى وزارة الدفاع والخارجية فى إدارة أوباما يرى أنه من غير المحتمل أن يحاول نتنياهو استرضاء الدول العربية فى ظل الحكومة الحالية " مضيفاً أن نتنياهو يبدى اهتماماً أكبر بالشأن الإيراني أكثر من القضية الفلسطينية أو مسألة نقل السفارة.
وقد اعترف الكثيرون فى المؤسسة الأمنية الاسرائيلية على مضض أن اتفاق إيران النووى مع الغرب والذي جاء بوساطة دولية ولاقى معارضة شرسة من قبل نتنياهو قد ساهم فى منع طهران من صنع قنبلة نووية
وترى إسرائيل أنه ينبغى على واشنطن معاقبة طهران لدعمها للفصائل الشيعية المسلحة فى لبنان وغيرها من البلدان وأيضا لقيامها بتجربة صواريخ باليستية وغيرها من الأفعال التى جعلت المنطقة على المحك.
وصرّح السفير الاسرائيلى السابق لدى الولايات المتحدة مايكل اورين إن نتنياهو منفتحاً بشأن الأطروحات حول إيران موضحا اعتزام الدولة العبرية الضغط فى اتجاه ربط الاتفاق النووى بسلوك إيران غير المقبول.
الاتفاقية التاريخية لضبط التسلح والتى تفاوض بشأنها إيران وستة قوى دولية أخرى قد سلطت الضوء على التخفيف من خطر نشوب حرب نووية وليس على مخاطر أخف وطأة كا أنه رفعت العقوبات المفروضة على طهران مقابل تجميد برنامج تطوير قدراتها النووية وتدمير معظم البنية التحتية النووية.
لكنه وبعد إبرام الاتفاق قامت إدارة أوباما بتشديد العقوبات المفروضة على إيران لدعمها للجماعات الإرهابية وكذلك التطوير المستمر للصواريخ الباليستية كما أنه ابرمت صفقة دفاعية سارية لعشر سنوات يدعم اسرائيل برقم قياسي يصل إلى 38 مليار دولار كمساعدات أمنية.
وقام ترامب بإدراج عقوبات جديدة هذا الشهر بعد إجراء إيران تجربة صاروخية لكن طهران اعترفت أنها لا تسعى بهذه الخطوة لتقويض الاتفاق النووى المبرم مع الغرب.