نيويورك تايمز:
برميه في ملعب العرب.. ترامب يقضى على حلم الفلسطينيين
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية الضوء على تغير وجهة نظر اﻹدارة اﻷمريكية بخصوص القضية الفلسطينية، وتخليها عن "حل الدولتين" الذي سعت اﻹدارات اﻷمريكية المتعاقبة على تحقيقه باعتباره الحل لمشكلة الشرق اﻷوسط المستعصية.
إلا أن الصحيفة في تقرير نشرته الثلاثاء أوضحت أنّ محاولة الإدارة اﻷمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب ﻹيجاد حلول أخرى، ومحاولة إشراك الدول العربية لحل القضية، يقضي على حلم الفلسطينيين، ﻷن الدول العربية غارقة في الأزمات، كما أن بروز القضية الفلسطينية في الوعي العربي تضاءل خلال السنوات الأخيرة.
وفيما ينص التقرير:
لسنوات، كافحت إدارة الرئيس اﻷمريكي السابق بارك أوباما في محاولة التوصل لاتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على أساس إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية المعروفة "بحل الدولتين".
ولكن كان هناك الكثير من العقبات التي لا يمكن التغلب عليها، من بينها الحكومة الإسرائيلية اليمينية، والقيادة الفلسطينية المنقسمة، وعالم عربي مليء بالاضطرابات، ومنذ ذلك الحين تزايدت حواجز السلام بشكل كبير.
وعندما يجتمع الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في واشنطن اليوم الأربعاء من المرجح أن يناقش تغييرات التكتيكات، والاعتماد على دول عربية مثل قطر للمساعدة في إيجاد السلام لمشكلة الشرق اﻷوسط والتوصل لحل الدولتين، والتي بموجبها تقوم دولة فلسطينية مستقلة تعيش بجانب إسرائيل.
وقال مسؤول في البيت الأبيض أمس الثلاثاء هدف الرئيس ترامب هو السلام بين الجانبين، ولكنه ليس من الضروري أن يكون على أساس حل الدولتين.
ولكن حتى لو لم يتخلَّ ترامب عن حل الدولتين، فإن أي طريق للسلام يحتوي على العديد من العقبات.
وتخطط إدارة ترامب للتركيز على نهج آخر للسلام، وهذا يعني أن إسرائيل سوف تسعى للتوصل لاتفاقات مع الدول العربية للمساعدة في حل الصراع مع الفلسطينيين.
ولكن هذا أمر بعيد المنال، ويصعب تحقيقه ويقضي على حل الفلسطينيين - بحسب خبراء - الذين أرجعوا ذلك للأزمات التي تجتاح المنطقة، السعودية غارقة في حرب اليمن، ومصر تعاني من المخاوف الاقتصادية والأمنية، فيما يركز الأردن على تأمين حدوده مع العراق وسوريا.
وكان مسئول أمريكي في البيت الأبيض - رفض اﻹفصاح عن اسمه- قال إن إدارة ترامب لن تسعى بعد اليوم ﻹملاء شروط أي اتفاق لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين بل سوف تدعم أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان، أيا كان هذا اﻷتفاق.
الحكومة الإسرائيلية قامت بتوسيع المستوطنات على الأراضي التي يقول الفلسطينيون إنها سوف تكون جزءًا من الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وتبقى للفلسطينيين انقسامات حادة، السلطة الفلسطينية بدعم من الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، تحكم أجزاء من الضفة الغربية، في حين أن حماس تحكم قطاع غزة.
وقال غريب آل الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية في الأردن، :" نظرا لهذه الحقائق هناك القليل من الدول العربية التي سوف تسعى لكسر هذا الجمود، خصوصًا لو لم يكن لديها ثورات أو حروب تجعلها تركز على الشؤون الداخلية.
وقال الرنتاوي:" ماذا يمكن أن تفعل الأردن أو مصر أو السعودية؟.. وفي نهاية المطاف، فإن الاحتلال يجب أن ينتهي، أو لن يكون هناك أي نهاية للصراع".
تاريخيًا، كان التعاطف مع الفلسطينيين خلال سعيهم لإقامة دولة كبير، فقد جاءت الجيوش العربية مجتمعة في الماضي لشن حروب ضد الدولة اليهودية، وقدمت العديد من الحكومات في وقت لاحق المساعدات المالية والعسكرية للفصائل الفلسطينية المسلحة.
حتى بعد اتفاقات أوسلو للسلام عام 1993 التي أدت ﻹنشاء السلطة الفلسطينية، رفضت معظم الدول العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، معتبرين أنها مغتصبة للأراضي العربية، الأردن ومصر لديهما معاهدات سلام مع إسرائيل، ولكن إسرائيل لا تزال لا تحظى بشعبية بين مواطنيها.
لكن بروز القضية الفلسطينية في الوعي العربي تضاءل خلال السنوات الأخيرة، كما ضعف النظام العربي بسبب الانتفاضات الشعبية والصراعات الأهلية.
السعودية وحلفاؤها في الخليج العربي لديهم الحرب ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، ويشعرون بقلق متزايد إزاء نفوذ إيران.
سوريا والعراق، أعداء ﻹسرائيل منذ فترة طويلة، ولكن حاليًا لديهما مشاكل داخلية كثيرة، مصر لديها مشاكل كبيرة في الداخل، مع تضرر اقتصادها وتصاعد التمرد في سيناء.
وقال محمود يحيى، نائب في البرلمان عن القضية الفلسطينية:" الاهتمام بهذه القضية ليس كبيرًا حاليًا.. الناس تتعامل مع كل القضايا الداخلية الجديدة الآن، وكانت تعاني اقتصاديًا لسنوات وسنوات قبل ذلك."
ويقول مؤيدو نهج الوصول لحلول "خارجية" إن دمج المصالح بين إسرائيل والدول العربية مثل السعودية ومصر يمكن أن يوفر أي ثغرة.
ولكن هذا النهج جرب من قبل، ولكن دون جدوى، إلى حد كبير بسبب معارضة عربية عميقة وشاملة تقريبا لإسرائيل، لن يجرؤ القادة العرب على مواءمة مصالحها مع إسرائيل، بدون سبب قوي مثل معارضة إيران، والجماعات الإرهابية مثل داعش.
العام الماضي، وجدت دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة "زغبي" لخدمات البحوث عن المواقف في منطقة الشرق الأوسط :" إن 41 % ممن شملتهم الدراسة في مصر و 39 % في السعودية ينظرون للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية على أنه أكبر عقبة أمام السلام.
بالنسبة لكثير من العرب، العدد الهائل من الأزمات في المنطقة يترك القليل من الطاقة للدفاع عن القضية الفلسطينية.
وقال "ه. أ هيلير" باحث في المجلس الأطلسي -منظمة بحثية في واشنطن- :" هناك إدراك متزايد بين الناس أن المنطقة الآن فوضوية جدا.. وهو ما يسبب شعور بالعجز تجاه القضية الفلسطينية.
رغم أن حماس أعلنت هدنة، وتسيطر على المجموعات الأخرى الذين يحاولون مواصلة القتال، يقول بعض الإسرائيليين: إن حربًا جديدة في غزة هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام في نهاية المطاف.
وقال "نفتالي بينيت" وزير التعليم اليميني المتطرف:" لا يمكن أن نكون البلد الوحيد في العالم الذي لا يستطيع الأطفال السير في الشارع دون القلق من سقوط صاروخ … أعداؤنا تستثمر جميع مواردها في تطوير سبل قتلنا".
وأضاف: " فقط مع النصر الكامل .. نستطيع أن نضع حدا لهذا العنف".